شؤون دوليةشئون أوروبية

افريقيا الوسطى ساحة لصراع نفوذ بين القوى الكبرى

بانغي- أوروبا بالعربي

باتت افريقيا الوسطى التي تشهد نزاعا منذ 2013 دفع ربع سكانها الى النزوح، ساحة لصراع نفوذ بين القوى الكبرى وخصوصا في الآونة الاخيرة بعد وصول روسيا الى هذا البلد.

ويقول موظف اممي كبير في بانغي حول وجود دول مثل فرنسا والولايات المتحدة والصين وروسيا في افريقيا الوسطى ان هذا البلد تحول “رقعة جيوسياسية يسعى فيها كل طرف الى تحريك بيادقه. فحين يخطو احد خطوة ما، يراقبه الاخرون ويتحركون في ضوء ذلك”.

نهاية 2017، اجازت الامم المتحدة لموسكو تسليم اسلحة وارسال مدربين عسكريين الى بانغي رغم فرض حظر على الاسلحة منذ 2013.

واثار القرار يومها جدلا وقلقا في مجلس الامن الدولي وخصوصا من جانب الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا التي طالبت باستثناء بعض الاسلحة من عمليات التسليم مثل الالغام وتلك المضادة للطائرات، فضلا عن مطالبتها طالبت بإحصاء كامل لتلك التي تسلم.

وبعد ستة اشهر، وصلت الاسلحة ووسعت روسيا التي وقعت اتفاقات ثنائية مع بانغي شعاع عملها في البلاد. فالجنود الروس باتوا يضمنون الامن الرئاسي فيما اكدت مجموعات مختلفة ان عملاء روسا تواصلوا معها في محاولة للقيام بوساطة، بحسب مصادر متطابقة.

ويرى دبلوماسي غربي في الامم المتحدة ان “الغربيين فوتوا الفرصة”، معتبرا ان وجود الروس “في كل مكان من دوائر الدولة” يثير “القلق”.

من جهته، يقول تييري فيركولون المتخصص في افريقيا الوسطى في مركز الابحاث الفرنسي “ايفري” ان “روسيا تريد ثأرا تاريخيا على وقع تعب الغربيين من افريقيا، فيما تأمل بعض الدول الافريقية بتنمية من الخارج”.

في موازاة ذلك، تحاول بعثة الامم المتحدة في افريقيا الوسطى (عشرة الاف جندي) منذ 2014 تجنب اعمال العنف في الاقاليم التي تسيطر على غالبيتها مجموعات مسلحة تتقاتل للسيطرة على الموارد.

وتلاحظ ناتاليا دوخان من مركز “ايناف بروجكت” الاميركي للأبحاث ان “الافرقاء السياسيين والعسكريين، سواء انتموا الى المجموعات المسلحة او الحكومة، يستغلون هذه الظروف للدفاع عن المصالح الخاصة على حساب السكان المدنيين”.

حتى أن بعضهم هدد اخيرا بالسير نحو بانغي ردا على تجدد التوتر الطائفي اثر اعمال عنف خلفت عشرات القتلى في العاصمة.

و”للتذكير بانها لا تزال هنا”، على قول المصدر الاممي في بانغي، ارسلت فرنسا مقاتلات ميراج 2000-دي من تشاد حلقت الاحد فوق كاغا باندورو في شمال شرق البلاد، في واقعة غيرمسبوقة منذ مغادرة قوة سنغاريس في 2016.

ولا تزال فرنسا حاضرة عسكريا في افريقيا الوسطى عبر خمسين مدربا وطائرات تكتيكية من دون طيار.

ويصف فيركولون افريقيا الوسطى بانها “بلد عاجز للبيع” مضيفا ان “الشارين هم القوى الناشئة مثل الصين والقوى العائدة مثل روسيا. الغربيون لم يعودوا شارين، صرنا في القرن الحادي والعشرين والمستعمرون تبدلوا”.

وكتب روناك غوبالداس المستشار لدى معهد الدراسات الامنية الجنوب الافريقي في اذار/مارس “العلاقات بين الغرب وافريقيا تشهد تغيرا واضحا وباتت تتركز الان على الهجرة والامن. انها اذن لحظة مناسبة لدخول لاعبين اجانب على الخط”.

مع نهاية 2017 وبداية 2018، قدمت بكين “هدايا” عدة الى جنوب افريقيا تجلت في الغاء دين بقيمة 17 مليار دولار وتدريب لكوادر في الصين ومنح معدات عسكرية، ولكن من دون السعي إلى نفوذ سياسي او امني واضح.

لكن الصين حاضرة في جنوب الوسطى على الصعيد الاقتصادي عبر استثمار المناجم والتنقيب عن النفط.

فمنذ 2007، قامت شركتان صينيتان عامتان بالتنقيب عن النفط في شمال البلاد قبل ان تغادرا مواقع عملهما نهاية 2017 بعدما وجهت المجموعة المسلحة التي تسيطر على المنطقة “الجبهة الشعبية لنهضة جنوب افريقيا” انتقادا ل”انحياز” الصين الى بانغي.

ويقول المصدر الاممي في بانغي “لقد غادروا تاركين كل شاحناتهم ومعداتهم”.

ونهاية نيسان/ابريل، وصلت عشرون شاحنة روسية الى شمال البلاد عبر السودان حيث لموسكو وجود قديم العهد.

رسميا وبحسب “الجبهة الشعبية لنهضة افريقيا الوسطى”، سيشارك الروس في تأهيل مستشفيات في شمال البلاد. لكن مراقبين يتحدثون عن اهداف اخرى من دون ان يؤكدها اي مصدر مستقل.

وفي بانغي، تشيد الرئاسة بمساعدة “الدول الصديقة”. وفي هذا السياق، قال الرئيس فوستان ارشانج تواديرا نهاية اذار/مارس “اردت دبلوماسية دينامية تنبثق منها مشروعية وفاعلية تليق بدولتنا”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى