الشرق الاوسطرئيسي

السعودية 2017.. اضطرابات داخلية وخارجية غير مسبوقة

الرياض- مثّل عام 2017 عامًا استثنائيًا بالنسبة للسعوديين، بما شهدته المملكة من تحوّلات على مُختلف الأصعدة كافة تطبيقًا لخطة الإصلاح التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (رؤية المملكة 2030)، والتي أرسى من خلالها ما يُمكن أن يُطلق عليه “سعودية جديدة”، بدأت ملامحها في الظهور جليّا الآن، تأسيسًا لمرحلة جديدة نحو المستقبل في ظل انخفاض أسعار النفط العصب الرئيس للاقتصاد السعودي.

365 يومًا من التحوّلات الجِذرية التي أعادت المملكة إلى صدارة الاهتمام العالمي، بدأت منذ الإطاحة بالأمير محمد بن نايف، وتصعيد نجل الملك سلمان وليًا جديدًا للعهد، في خطوة بدت وكأنها “انقلابًا ناعمًا”، تمهيدًا لولاية العرش خلفًا لوالده.

من ذلك الحين اتخذ محمد بن سلمان قرارات، عدّها كثيرون “إصلاحية ثورية”. واشتبك مع العديد من الملفات الحرجة على نحو غير مسبوق، ما جعل آخرون يصفونه بـ”المتهوّر”.

احتضنت هذه التحوّلات المرأة والشباب والتقنية والفن والرياضة والاستثمار ومكافحة الفساد، بدايةً من السماح للسعوديات بالقيادة، مرورًا بترخيص إنشاء دور السينما، وتوقيف أمراء ووزراء ومسؤولين بارزين، سابقين وحاليين، بتهم فساد مالي وإداري، وصولًا إلى الإعلان عن مشاريع استثمارية وسياحية كبرى، كما “نيوم والقديّة والعلا”، فضلًا عن برنامج “حساب المواطن” النقدي وزيادة رسوم بعض الخدمات التي نُفّذ بعضها فيما يُنتظر تنفيذ البعض الآخر قريبًا.

صدر قرار ملكي يسمح للمرأة باستصدار رُخصة قيادة، سيدخل حيّز التنفيذ في يونيو 2018. واعتبره بعض السعوديين خروجًا عن التعاليم الدينية، فيما وصفه آخرون بالقرار “التاريخي”.

كما رُفِع الحظر عن دخول السعوديات إلى ملاعب كرة القدم، والسماح لهن بحضور فاعليات رياضية في 3 مدن اعتبارًا من مطلع العام المقبل. وأُتيح لهن المشاركة مع أُسرهن، بشكل منفصل عن بقية الحضور، لحضور فعاليات العيد الوطني السعودي.

أعلنت وزارة الثقافة السعودية، بدء إجراءات منح تراخيص لإنشاء دور للسينما، للمرة الأولى، منذ أكثر من 35 عامًا على منعها. ومن المرجح أن تفتح أولى دور العرض أبوابها في مارس المقبل.

كما بدأت القناة الثقافية السعودية، في بثّ حفلات غنائية، انطلقت بأغانٍ لكوكب الشرق أم كلثوم، حسبما أعلنت القناة حسابها الرسمي بموقع تويتر.

“مشروع نيوم” عبارة عن منطقة استثمارية مستقلة تمتد بين السعودية ومصر والأردن، بتكلفة تصل إلى 500 مليار دولار، ستنتهي المرحلة الأولى منها في 2025. ووصفها الأمير محمد بن سلمان، بأنها كفرق بين هاتفين محمول من جيلين مختلفين.

كما مُنِحت الجنسية وجواز السفر السعوديين لأول روبوت في العالم، وتُدعى “صوفيا”، كبادرة رمزية لتبيان مستقبل مشروع نيوم، خلال مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” في الرياض.

احتجزت السعودية عددًا من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال والمسؤولين الحاليين والسابقين في حملتها غير المسبوقة ضد الفساد، أبرزهم رئيس الحرس الوطني السابق الأمير متعب بن عبدالعزيز، والملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال، في فندق ريتز- كارلتون بالعاصمة الرياض.

وأطلِق سراح بعض الموقوفين بعد التوصل إلى “اتفاقيات تسوية مقبولة” مع السلطات السعودية، أبرزهم الأمير متعب، ابن شقيق العاهل السعودي.

بالتوازي مع الخطوات الداخلية في المملكة، واجهت السعودية انتقادات حادة بسبب دورها في حرب اليمن، التي أدت إلى مقتل 8530 شخصا، 60 في المئة منهم مدنيين، وجرح 48 ألفا و800 شخص، بالإضافة لتفشي مرض الكوليرا، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.

وظهر اسم التحالف، الذي تقوده السعودية في اليمن، والقوات الحكومية اليمنية ومليشيات الحوثيين في مسودة قائمة تعدها الأمم المتحدة لإدانة أطراف تسببت في قتل وتشوية أطفال. فيما ينفي التحالف أي استهداف مُتعمّد للمدنيين أو البنية التحتية. وطالبات منظمات حقوقية بتحميل ولي العهد السعودي انتهاكات التحالف للقانون الدولي.

وطالبت أكشاي كومار، نائب مدير شؤون الأمم المتحدة في منظمة هيومن رايتس ووتش، في مقال بصحيفة واشنطن بوست، “بفرض عقوبات دولية على بن سلمان وكبار قادة التحالف”.

تصاعدت حدة الصراع بين السعودية وإيران إلى المواجهة المباشرة، في مسارح عّدة، العام الجاري؛ فخلال الأزمة الخليجية الجارية منذ أن قطعت فيها السعودية ومصر والإمارات والبحرين علاقاتها مع قطر، أعلنت طهران دعمها للدوحة.

يضاف إلى ذلك استهداف الحوثيين في اليمن للسعودية بصواريخ باليستية، أكثر من مرة هذا العام. واعتبر مسؤولون سعوديون أن الحوثيين الشيعة يُطلقون هذه الصواريخ بمساعدة من إيران، الأمر الذي عدوّه بمثابة “إعلان حرب” من جانب طهران على المملكة.

وفي لبنان، وبعد أن أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته المفاجئة التي تراجع عنها لاحقًا من الرياض، تردّدت أنباء حول احتجازه ومنعه من السفر، وإجباره على الاستقالة، للضغط على حكومة بلاده للحد من النفوذ الإيراني بداخلها، وتضييق الخناق على حزب الله.

وفي المقابل، اتهم حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله، السعودية بتحريض الدول العربية وخاصة الخليجية على اتخاذ إجراءات تصعيدية ضد لبنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى