رئيسي

ملف الهجرة أمام البرلمان الفرنسي مجددا بعد أزمة السفينة أكواريوس

باريس- أوروبا بالعربي

يناقش مجلس الشيوخ الفرنسي منتصف الاسبوع المقبل مشروع قانون حول الهجرة يثير جدلا حادا، وسط أجواء برلمانية محتدمة وفي ظل أحداث حافلة بهذا الصدد مع وصول سفينة المهاجرين “أكواريوس” الأحد إلى إسبانيا.

وسيناقش أعضاء مجلس الشيوخ مشروع القانون “من أجل هجرة مضبوطة وحق لجوء فعلي واندماج ناجح” اعتبارا من الثلاثاء، بعدما صادقت عليه الجمعية الوطنية في نهاية نيسان/أبريل.

وصوتت جميع تشكيلات المعارضة من اليمين المتطرف واليمين واليسار ضد النص.

وللمرة الاولى منذ انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسا في 2017، صوت نائب من حزبه “الجمهورية إلى الأمام” ضد النص ايضا، فيما امتنع 14 نائبا آخر من كتلة ماكرون عن الإدلاء بأصواتهم من أصل 312 نائبا من الحزب الرئاسي في الجمعية الوطنية، في مؤشر إلى “بلبلة” داخل الغالبية برأي صحيفة “لو فيغارو” اليمينية.

ومسألة الهجرة في طليعة المواضيع الخلافية بين مؤيدي ماكرون، وهي سجالية بصورة عامة في فرنسا، البلد الذي كان يعد حوالى ستة ملايين مهاجر عام 2014. وكان الموضوع في صلب حملة الانتخابات الرئاسية العام الماضي والتي شهدت انتقال زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن إلى الدورة الثانية.

وفي سياق دفاعه عن مشروع القانون، شدد وزير الداخلية جيرار كولومب على أهمية الدفاع عن “ضرورة التحرك العاجل” للحد من “هجرة كثيفة”، و”في الوقت نفسه” ضمان حق اللجوء “المقدس” في فرنسا.

وينص مشروع القانون على خفض مهلة النظر في طلب اللجوء إلى ستة أشهر مقابل 11 شهرا حاليا، لتسريع عملية الاندماج. وفي موازاة ذلك، يهدف إلى تسهيل إجراءات طرد الذين ترفض طلباتهم.

وصرح ماكرون “لا يمكننا أن نأخذ على عاتقنا كل بؤس العالم”، وقد سجلت فرنسا ما يزيد بقليل عن مئة ألف طلب لجوء عام 2017، وهو رقم قياسي، ومنحت اللجوء إلى 36% من مقدمي الطلبات.

وسفينة “أكواريوس” الإنسانية التي جالت في المتوسط حاملة أكثر من 600 مهاجر أغاثتهم إلى أن وصلت بهم الأحد إلى إسبانيا، ألقت الضوء مجددا وبصورة فاضحة على هذا الموضوع الشائك.

وفيما يندد اليمين واليمين المتطرف بـ”تساهل … قانون وضيع” متحدثين عن تشريع أوضاع مهاجرين غير شرعيين بصورة مكثفة، يعارض اليسار قانونا “لا إنساني” رافضة بصورة خاصة مضاعفات المهلة القصوى لاحتجاز المهاجرين بعد رفعها إلى تسعين يوما مع استمرار إمكان إبقاء “أطفال خلف الأسلاك الشائكة”.

وينذر كل ذلك بمعركة ضارية في مجلس الشيوخ أيضا، وقال رئيس لجنة القوانين فيليب با (الجمهوريون، يمين) إن اليمين الذي يسيطر على مجلس الشيوخ يعتبر أن “هذا النص ليس بالتأكيد في مستوى التحديات”.

وأوضح با أن “هذا النص لا يتضمن أي إجراء ذي مغزى لا بشأن إبعاد المهاجرين غير الشرعيين ولا بشأن دمج الهجرة القانونية”، مشيرا إلى أن طلبات اللجوء ازدادت بنسبة 20,8% العام الماضي.

وقال السناتور الاشتراكي جان إيف لوكونت “هذا النص غير مجد”، منددا باستراتيجية تهدف بنظره إلى “الإثبات للمهاجرين أنه يجدر بهم عدم طلب اللجوء في فرنسا”.

وأضاف “هذا أمر لا يمكننا الموافقة عليه في وقت تجري مأساة أكواريوس”.

وقامت لجنة القوانين في مجلس الشيوخ بالتالي بإعادة صياغة عدد من التدابير المدرجة في مشروع القانون الذي صوتت عليه الجمعية الوطنية، ولا سيما احتجاز قاصرين يسافرون بدون رفقة بالغين، وتليين القوانين حيال “جرم التضامن”.

وهذا الجرم الذي نددت به المنظمات الإنسانية بشدة، يقضي بمعاقبة المواطنين الذين يساعدون مهاجرين بحاجة إلى إغاثة. وتنص المادة التي أقرتها الجمعية الوطنية على “إعفاءات” ولا سيما حين يتعلق الأمر بتقديم علاج أو طعام ومأوى.

غير أن هذا التساهل لم يكن كافيا برأي المنظمات الإنسانية، ونددت منظمة العفو الدولية في فرنسا بمشروع قانون “خطير”.

وسيطرح النص في عملية تصويت رسمية في 26 حزيران/يونيو قبل أن تبحثه لجنة مختلطة مكلفة وضع صيغة مشتركة بين المجلسين، قبل إعادته إلى الجمعية الوطنية التي تحتفظ بكلمة الفصل في حال نشوب خلاف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى