مصرمقالات رأي

مصر: خطة لبناء مدينة جديدة في قلب الصحراء

القاهرة- تخطط مصر لإقامة مدينة جديدة لها على بعد 45 كلم شرق القاهرة ويفترض أن تنجز في عام 2022 وتكلف 45 مليار دولار.

ومن فنادق فاخرة الى أحياء سكنية راقية ومطار حديث وبرج يبلغ ارتفاعه 345 مترا: تعتزم مصر إبهار العالم بعاصمة ادارية جديدة في مشروع لا يحظى بالإجماع على الرغم من كل ذلك.

ويقول خالد الحسيني المكلف من قبل السلطات تقديم المشروع لقرابة 15 صحفيا أجنبيا خلال زيارة رسمية للموقع “لدينا حلم”.

وفي وسط الصحراء على بعد 45 كلم شرق القاهرة، بين الطرق المؤدية إلى السويس والعين السخنة، تتحرك بضع شاحنات على طرق جديدة تماما انشئت وسط صحراء واسعة.

وفي موقع المقر المستقبلي لمجلس الوزراء، يقوم العمال ببناء ما سوف يكون الحي الحكومي الذي يفترض أن يضم عند انتهاء الأعمال قصرا رئاسيا ومقرا للبرلمان ومباني ل32 وزارة والعديد من السفارات.

ويقول أحد العمال وقد أحكم ربط غطاء من القماش حول رأسه ليحتمي من الشمس “أعمل أكثر من 12 ساعة يوميا في هذا المكان ولا أحد يأتي ليرى ما نفعل”. لكن على الفور تدخل رئيس العمال موجها كلامه للرجل “هل تريد ان تظهر على شاشات التلفزيون؟ عُد إلى عملك”.

في العام 2015، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن مشروع العاصمة الجديدة لكنه وضع حجر الاساس للمرحلة الاولى في هذه المدينة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وتقام العاصمة الجديدة على قرابة 170 كيلومترا مربعا. ويفترض أن تدب الحياة فيها تدريجيا اعتبارا من العام 2019 وأن يقيم فيها مع مرور الوقت ستة ملايين شخص.

وتعتبر السلطات أن العاصمة الجديدة هي محاولة للابتعاد عن القاهرة القديمة المزدحمة والمكتظة بالسكان.

وبحسب الأرقام الرسمية، فإن القاهرة الكبرى التي يقطنها الآن 18 مليون نسمة يفترض أن يصل عدد سكانها إلى 40 مليونا في العام 2050.

لكن في الوقت الذي يبدأ أول المباني في الارتفاع وسط الصحراء، يجد مشروع العاصمة الجديدة صعوبة في اقناع خبراء التخطيط العمراني والمستثمرين.

مدينة أخرى جديدة

بمبان باللونين الابيض والرمادي واسقف مائلة مغطاة بالارميد، لا يختلف الحي السكني الأول في العاصمة الجديدة عن كل الأحياء المنتشرة في المدن الجديدة التي بنيت في مصر خلال السنوات الستين الاخيرة.

والمنازل المستوحاة من نمط الحياة الأميركي أو الخليجي تقع في مناطق بعيدة وأسعارها مرتفعة وليس من السهل الوصول اليها بوسائل مواصلات عامة.

ومن أشهر هذه الاحياء الجديدة، مدينة السادس من اكتوبر في غرب القاهرة التي بنيت في ثمانينات القرن الماضي ويفترض ان يعيش فيها ستة ملايين نسمة بحلول العام 2027.

ويقطن الآن 1,5 مليون نسمة في مدينة السادس من اكتوبر، بحسب هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة. وتشير الهيئة الحكومية إلى أن اربعة ملايين نسمة كان يفترض أن يقطنوا في مدينة القاهرة الجديدة (شرق القاهرة) الواقعة على مسافة غير بعيدة من العاصمة الجديدة.

ولكن 1,5 مليون مصري فقط يسكنون الان في القاهرة الجديدة حيث افتتحت العديد من المصارف والشركات مقرات لها.

ويقول أحمد زعزع وهو مهندس وخبير معماري في شركة 10 طوبة التي تقدم تصورا بديلا للتخطيط العمراني “يمكننا مقارنة العاصمة الجديدة بالقاهرة الجديدة”.

ويضيف زعزع أن القاهرة الجديدة بمراكزها التجارية الكبيرة التي لا يمكن الوصول اليها من دون سيارة وبشوارعها المهجورة “ليست نموذجا للنجاح”.

وبعيدا عن الاستجابة للاحتياجات الحقيقية للقاهريين فإن العاصمة الجديدة تعد بالنسبة له مجرد دعاية سياسية. ويقول “منذ عبد الناصر وفي ظل كل الانظمة كانت دائما هناك فكرة انشاء مدينة جديدة تمثل الامل والمستقبل والحداثة”.

ولكن بالنسبة للسلطات، المشروع الجديد مختلف.

ويقول اللواء أحمد زكي عابدين رئيس شركة العاصمة الادارية للتنمية العمرانية المسؤولة عن إدارة المشروع “ستكون مدينة ذكية تستخدم التكنولوجيا الحديثة لتوفير كل الخدمات”.

تردد المستثمرين

تشكل وزارة الدفاع التي تمتلك 51% من الشركة ووزارة الإسكان التي تمتلك 49% الممولين الرئيسيين لهذا المشروع الطموح، حسب ما قال الحسيني لفرانس برس.

ولتنفيذ المشروع تعتمد الحكومة حتى الآن على شركات الانشاءات المصرية المعروفة. ويرتفع اسم “اوراسكوم” للإنشاءات التي تمتلكها عائلة المليارديرات ساويرس على العديد من مواقع البناء في العاصمة الجديدة.

وحصل هشام طلعت مصطفى مؤسس احدى شركات العقارات الكبرى في مصر والذي خرج لتوه من السجن بعد قضاء عقوبة بالحبس لإدانته بالتحريض على قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم في العام 2008، على كيلومترين مربعين اثنين في المشروع.

وأبدت بعض شركات الخليج وشريك صيني اهتماما بهذا المشروع الذي سيكلف، وفق التقديرات الرسمية، 45 مليار دولار في بلد يعاني من الركود الاقتصادي.

وقال الوزير المفوض للشؤون التجارية في سفارة الصين في القاهرة هان بينغ “نحن متفائلون بمشاركة شركات صينية في العاصمة الجديدة”.

ووقعت شركة “تشاينا ستيت كونستراكشن انجينييرينغ كوربوريشن” عقدا بقيمة ثلاثة مليارات دولار لبناء مركز كبير للاعمال.

وأبدت بكين كذلك اهتماما بالمنطقة الاقتصادية والصناعية في العاصمة الجديدة ولكن المفاوضات لم تنته بعد.

وقال هان بينغ “نحن بحاجة إلى أن يقوم الشريك المصري بتسويق هذه المنطقة لجذب استثمارات مصرية ودولية”، مشيرا الى اهمية وجود استقرار سياسي ومناخ يجذب الاستثمارات الاجنبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى