رئيسي

أوروبا تلعق جراحها بعد قرار ترامب بشأن الاتفاق النووي الإيراني

عواصم- أوروبا بالعربي

أخفقت الجهود الدبلوماسية التي بذلتها فرنسا وألمانيا وبريطانيا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإقناعه بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.

وقال مصدر وثيق الصلة بالقيادات المسؤولة عن رسم السياسات في السعودية إن واشنطن والرياض خصم إيران الرئيسي في المنطقة يناقشان الاتفاق النووي المبرم عام 2015 “منذ فترة” قبل إعلان ترامب يوم الثلاثاء الماضي قرار انسحاب الولايات المتحدة منه.

وقال المصدر إنه كان “من الواضح” من محادثات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع ترامب في البيت الأبيض في 20 مارس آذار ومن زيارة قام بها للرياض بعد ذلك بشهر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أنه حدث “تنسيق” لمواقف الجانبين.

وقال مصدر سعودي آخر عن دبلوماسية الرياض “كنا مع هذا القرار وعملنا من أجله”.

وهللت إسرائيل أيضا للقرار. وكشف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في 30 أبريل نيسان عما قال إنه أدلة على برنامج سري إيراني لصنع القنبلة النووية.

وكانت أغلب الأدلة المزعومة التي قدمها نتنياهو ترجع إلى الفترة التي سبقت توقيع الاتفاق النووي في 2015 رغم أنه قال إن إيران احتفظت ببعض الملفات المهمة عن التكنولوجيا النووية منذ ذلك الحين واستمرت في اكتساب “المعرفة بالأسلحة النووية”.

ووصفت طهران نتنياهو بأنه “الصبي الذي صاح محذرا من الذئب” ووصفت ما قدمه من أدلة بأنه مادة دعاية.

ورغم أن مسؤولين إسرائيليين قالوا إنهم لا يعلمون ما إذا كان ترامب قد تأثر بهذه المعلومات فقد أشار الرئيس الأمريكي نفسه إليها لدى إعلان قراره يوم الثلاثاء.

وكان نتنياهو أجرى محادثات مع ترامب في البيت الأبيض في مارس آذار وبذل دبلوماسيون إسرائيليون مساعي خلف الكواليس لنقل وجهة نظر بلادهم في الصفقة التي كان هدفها منع إيران من امتلاك القنبلة النووية لكن معارضيها رأوا فيها عيوبا.

كان إعلان قرار ترامب لطمة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. فقد حاول الاثنان حمل ترامب على تغيير رأيه في إيران خلال زيارتين للبيت الأبيض في أبريل نيسان. وفشل الاثنان.

كما توجه وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إلى واشنطن في محاولة أخيرة لكنه لم يحظ بمقابلة الرئيس.

وشرح جونسون وجهة النظر البريطانية في محادثات مع بومبيو وفي مقابلة ببرنامج (فوكس آند فريندز) على قناة فوكس نيوز الذي يشاهده ترامب بانتظام.

وقال دبلوماسيون أوروبيون إن القادة الأوروبيين علموا بحلول منتصف أبريل نيسان رغم هذه الجهود أن فرص إقناع ترامب بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي تتبدد.

وقال مسؤول أوروبي “زيارة ماكرون كانت الملجأ الأخير” مشيرا إلى محادثات الرئيس الفرنسي مع ترامب في البيت الأبيض في 24 أبريل نيسان.

ووصف المسؤول الشهر الأخير من هذه المساعي الدبلوماسية بأنه “كارثي” وأضاف “لأسابيع كانت كل المؤشرات من البيت الأبيض ووزارة الخارجية أنه سينسحب” من الاتفاق.

ويوم الأربعاء سعى الحلفاء الأوروبيون لإنقاذ الاتفاق النووي والحفاظ على تعاملاتهم مع إيران.

وقالت مصادر مطلعة على المشاورات إن رسالة ترامب لحلفائه الأوروبيين قبل إعلان قراره كانت تتلخص في ضرورة توصلهم إلى وسيلة لإحكام الاتفاق النووي لكي تبقي الولايات المتحدة طرفا فيه.

وقالت المصادر إنه طالب باتفاق منفصل بالتوازي مع الاتفاق النووي لمعالجة المخاوف الأمريكية الأخرى بشأن إيران مثل برنامجها الصاروخي الذي لم يشمله الاتفاق الأصلي.

وتحقق تقدم في المفاوضات لكنه لم يكن كافيا لتغيير رأي ترامب.

وقالت المصادر المطلعة على المحادثات إن ترامب يريد اتفاقا منفصلا مع الدول الرئيسية الموقعة على الاتفاق الأصلي وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين وروسيا. غير أن برلين قالت إنه سيتعين عرض الاتفاق على هيئة تابعة للاتحاد الأوروبي لإقراره وبدا أن هذا سيعرقل المساعي.

وأبلغ بومبيو وزيري الخارجية الألماني والبريطاني ومسؤولا فرنسيا كبيرا هاتفيا يوم الجمعة الماضي أن واشنطن لن تواصل هذه المساعي مع أوروبا.

كان الموقفان الأوروبي والأمريكي متباعدين جدا فيما يتعلق بالبنود التي يمكن بمقتضاها رفع بعض القيود على برنامج التخصيب النووي الإيراني.

وقال مسؤول أوروبي إنه بحلول منتصف الأسبوع الماضي كان الدبلوماسيون الأوروبيون “يشعرون بأننا نتحرك دون تحقيق أي شيء”.

ويعتقد بعض الدبلوماسيين الأوروبيين أن أي فرصة لإقناع ترامب بالبقاء طرفا في الاتفاق كانت قد تبددت قبل أن يزور ماكرون واشنطن.

فقد اعتبروا تعيين بومبيو في مارس آذار ضربة قاضية كما أعقب تلك الخطوة اختيار جون بولتون، أحد الصقور في المسألة الإيرانية، مستشارا للأمن القومي بالبيت الأبيض.

كان وزير الخارجية الأمريكي السابق ريكس تيلرسون يرى فائدة في الحفاظ على الاتفاق كما كان وزير الدفاع جيمس ماتيس من هذا الرأي. ووافق الرئيس على مضض على منح الاتفاق مزيدا من الوقت في أبريل نيسان 2017 عندما حان موعد البت في مواصلة رفع العقوبات السارية على إيران.

إلا أن مصدرا مطلعا على المشاورات الدائرة قال إنه عندما حان موعد التجديد التالي في يوليو تموز الماضي ثارت ثائرة ترامب على مساعديه لأنهم حاولوا إقناعه بالبقاء في الاتفاق.

وقال المصدر إن ترامب قال لمساعديه “أتعنون أن ثلاثة أشهر انقضت ولم تفعلوا شيئا؟”

وفي أكتوبر تشرين الأول أعلن ترامب أنه لن يسمح بإقرار الولايات المتحدة بالتزام إيران بالاتفاق، ليضع واشنطن بذلك على مسار القرار الذي أعلنه يوم الثلاثاء.

وقال مسؤول بالبيت الأبيض إن كبار المساعدين لم يسعوا في الأيام التي سبقت إعلان القرار لبذل جهود جادة لإقناع ترامب بعدم الانسحاب من الاتفاق لأنه كان قد حسم رأيه.

وقال دبلوماسي أوروبي إن اليأس كان قد تملك من المسؤولين الأوروبيين في ذلك الوقت.

وأضاف الدبلوماسي “أدركنا أن علينا كسب الوقت. وعشية قرار ترامب كان كل ما يمكننا عمله هو إن نقول للإيرانيين: لا تتهوروا”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى