رئيسي

الاتحاد الأوروبي يستثمر 117 مليار دولار للاحتفاظ بأدمغته

بروكسل ــ أوروبا بالعربي

بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، البريكسيت، والظروف الاقتصادية، سيتم خفض العديد من الميزانيات الأوروبية، مع استثناء ملحوظ يتعلق بخطة “آفاق أوروبا للفترة 2021 -2027”.

إذ يستعد الاتحاد الأوروبي لاستثمار 100 مليار يورو (117 مليار دولار تقريبا) للاحتفاظ بأدمغته، سعيا إلى مواصلة احتلال موقع في ركب المناطق التي تهتم بالبحوث والابتكار لدعم الاقتصاد.

ومع ذلك، فقطاع الصناعة كان يأمل مبلغا أكبر من ذلك، يتراوح ما بين 120 و160 مليار يورو (140-186 مليار دولار) ويشعر بالتالي بخيبة أمل جزئية، وهو نفس الموقف الذي تعبر عنه لـ “العربي الجديد”، مود إفرارد، من منظمة “أوروبا العلم”، الجمعية الأوروبية التي تجمع وكالات تمويل الأبحاث الوطنية والعديد من مراكز الأبحاث. إذ تقول: “في أوروبا، لا نفتقر إلى الأفكار، ولا يوجد نقص في التميز أو في إمكانية الابتكار، لكننا نفتقر إلى التمويل”.

وبالإضافة إلى الغلاف المالي، اعتمد الاتحاد الأوروبي بعض أفكار وكالة “داربا” الأميركية. وقد تأسست هذه الوكالة في الولايات المتحدة في عام 1958 ردا على مشروع سبوتنيك الروسي.

والفكرة الجوهرية لهذه المؤسسة هي أن التكنولوجيا الأميركية يجب أن تكون دائماً متفوقة على تلك التي يمتلكها أعداء واشنطن، ورغم أن “داربا” وكالة تنتمي إلى القطاع العسكري، فإن اختراعاتها وضعت الولايات المتحدة في طليعة ممتلكي التقنيات العالية المستخدمة اليوم في القطاع المدني كالإنترنت ونظام تحديد المواقع العالمي.

وقد اقترحت المفوضية الأوروبية، إنشاء مجلس أوروبي للابتكار، مع اختلاف عن “داربا” بأن المجلس لن ينضوي تحت لواء القطاع العسكري، و”تهدف الفكرة، التي تروج لها كل من برلين وباريس بنشاط، إلى دعم بل وحتى تحفيز الابتكار المتقدم في فترة زمنية قصيرة نسبياً. والأهم من ذلك أن يتمكن من تحويل نتائج الأبحاث إلى تطبيقات تجارية، وهو مجال تتخلف فيه أوروبا عن منافسيها الأميركيين والصينيين”، كما تفسر إيلودي لامر، الخبيرة في الشؤون الاقتصادية الأوروبية.

وأضافت لامر أنه “بميزانية تصل إلى أكثر بقليل من 10 مليارات يورو، يهدف المجلس بشكل خاص إلى دعم تسويق الابتكارات، إما من خلال تقديم المساعدات أو الاستثمارات المباشرة من قبل الاتحاد الأوروبي”.

أما الفرق الكبير الآخر مع وكالة “داربا” الأميركية، فإن الأفكار، في ما يتعلق بالمجلس الأوروبي للابتكار، لن تأتي من فوق ولكن من الأسفل، و”هذا يعني أن المرشحين هم الذين سيقترحون المشاريع وليس مجلس الابتكار الأوروبي الذي سيصوغها، كما تفعل داربا”، تقول إيلودي لامر.

علاوة على ذلك، تقارن، مود إيفرارد، من منظمة “أوروبا العلم”، الوكالة الأميركية بفكرة أخرى اقترحتها المفوضية الأوروبية أطلقت عليها “المهمات”، وهي تتعلق بالركن الثاني من خطة “آفاق أوروبا”، الذي يهدف إلى ضمان التنافسية الصناعية للاتحاد الأوروبي ومواجهة التحديات الكبرى في العالم في مجالات الصحة والمناخ والتنقل والأمن.

وقد خصص أكبر جزء من الغلاف المالي لهذا الركن أي حوالي 50 مليار يورو. وسيقوم المجلس الأوروبي للابتكارات بتحديد مهام محددة سيتعين على المتعاونين الذين سيستفيدون من تمويله العمل عليها، حيث إنه “في تقرير البروفيسورة ماريانا مازاتشو، التي أعدته للمفوضية الأوروبي، الأمثلة على المهمات المذكورة هي كيفية جعل المحيطات خالية من مادة البلاستيك أو مدن من دون كربون في تاريخ معين، على سبيل المثل”، تشرح مود إفرارد.

وتابعت إفرارد أن “هذه التحديات مهمة جدا، لكن التساؤل هو أن جزءا من هذه التحديات التي يمكن أن تساهم الأبحاث في تحقيقها بالفعل، سيتطلب تغييرات تشريعية أو في طريقة حياة المواطنين، مثل تلك المتعلقة بالاستهلاك أو التنقل”، مشيرة إلى أن “المفوضية الأوروبية لا تعمل، في هذه المرحلة، سوى على تحديد معايير للمهمات المستقبلية. مثل أن تكون جريئة وطموحة ولكن واقعية، وتحصل على قيمة مضافة أوروبية. وهذا ليس كافيا”.

يبقى أنه من الأكيد أن المفاوضات بين الدول الأوروبية ستكون حادة. فالبرامج المالية للاتحاد الأوروبي الخاصة بالأبحاث العلمية تمتلك سمعة سيئة، لأن الدول الغنية هي التي كانت تستفيد منها أساسا حتى الآن.

وتحتفي دول الاتحاد الأوروبي بحوالي 600 ألف خريج علمي سنوياً، من شهادة الإجازة إلى درجة الدكتوراه، في حين يصل عدد الخريجين في الولايات المتحدة الأميركية إلى 370 ألفا وفي اليابان 230 ألفا.

وعلى مستوى الدكتوراه في العلوم، في جميع التخصصات، تمنح دول الاتحاد الأوروبي، في كل عام، 5.5 دكتوراه لكل 10 آلاف نسمة، والولايات المتحدة 4.1، واليابان 2.7.

ويدلل ذلك على أن “أوروبا لديها إمكانات عالية لقوى عاملة علمية لكنها غير موجودة في العمالة العلمية داخل حدود الاتحاد. فهناك 5.7 باحثين لكل 1000 عامل نشط في الاتحاد الأوروبي، بينما يصل العدد بالنسبة للولايات المتحدة إلى 8 و9.1 في اليابان. وهذا يعني أن هجرة الأدمغة هي مرض أوروبي بامتياز تجب مواجهته بشكل فعال”، وفقا لـ”مود إفرارد”، من منظمة “أوروبا العلم”.

وأضافت: “هذه هي المرة الأولى التي يطرح فيها الاتحاد الأوروبي برنامجا طموحا للاحتفاظ بأدمغته من خلال خطة آفاق أوروبا التي تعد الكفيلة بعكس اتجاه هجرة الأدمغة في المستقبل”.

وكان الاتحاد الأوروبي قد اعتمد تشريعا في عام 2009 لإنشاء بطاقة أوروبية زرقاء، في إطار مخطط أوروبي لجذب قوة عمل أجنبية عالية المهارة إلى أوروبا لمعالجة القصور في سوق العمل الخاص بمجموعة من القطاعات التكنولوجية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى