رئيسي

الشباب القبرصي لا يعلق آمالا على الانتخابات الرئاسية بسبب الهم الاقتصادي

قبرص- لا يبدو الشباب القبرصي متحمسا للمشاركة في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي تجري الاحد، وتشغلهم المشاكل الاقتصادية أكثر من الجدل السياسي القائم حول إعادة توحيد الجزيرة المقسمة منذ اكثر من 40 عاما، في موقف يتناقض تماما مع موقف آبائهم وأجدادهم.

ويتواجه الاحد الرئيس اليميني المنتهية ولايته نيكوس أناستاسيادس (71 عاما) مع اليساري ستافروس مالاس (50 عاما)، وهو وزير صحة سابق مدعوم من الحزب الشيوعي القبرصي (اكيل)، في منافسة تبدو النتائج فيها متقاربة للغاية.

والى جانب اللامبالاة، يشكل التشكيك بالطبقة السياسية إحدى السمات المشتركة بين الكثيرين من الشباب، ومن هؤلاء إيليني توفليتيان (19 عاما) التي تؤكد انها لن تدلي بصوتها الأحد لأنها لا تعتقد ان صوتها سيغير شيئا.

وتقول الطالبة في الأعمال لوكالة فرانس برس “السياسيون يكذبون علينا. لقد تعبت من الاستماع اليهم وهم يتجادلون على التلفزيون. هذه الانتخابات لن تغيّر شيئا”.

وفي الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 28 كانون الثاني/ يناير الماضي، بلغت نسبة الامتناع عن التصويت 28%، وهو أعلى رقم على الاطلاق يسجل في تاريخ الدولة العضو في الاتحاد الاوروبي.

ومع ان نسبة الممتنعين عن التصويت لا تتضمن ارقاما تفصيلية مقسّمة بحسب الفئات العمرية، الا ان استطلاعا نشر في كانون الاول/ديسمبر بيّن ان 62% ممن تتراوح اعمارهم بين 18 و35 عاما قالوا انهم لن يدلوا بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية.

– لامبالاة –

ويشكل الشباب نحو 30 في المئة من مواطني جمهورية قبرص البالغ عددهم 800 ألف في جنوب الجزيرة. وتعتبر لامبالاتهم بـ”القضية القبرصية” التي طغت على الحياة السياسية في البلاد طوال عقود خلت، قطيعة مع جيل الآباء والأجداد.

فمنذ تقسيم قبرص عام 1974 إثر غزو القوات التركية شطرها الشمالي واحتلاله، أصبحت الحياة السياسية تتمحور حول موضوع أساسي هو إعادة توحيد الجزيرة أم عدمه.

واقترب اناستاسيادس وزعيم القبارصة الاتراك مصطفى أكينجي العام الماضي من التوصل الى اتفاق على اعادة توحيد الجزيرة، لكن المفاوضات المضنية التي استمرت عامين انهارت وذهبت كل الجهود سدى.

وتقول طالبة الصحافة أندرونيكي إيلينا (21 عاما) “أعتقد أن الشباب مهتمون أكثر بالوضع الاقتصادي، في حين ان كبار السن ما زالوا متعلقين بشدة بالمشكلة القبرصية، حتما لأنهم عاشوا التقسيم المؤلم في 1974”.

وتقول توفليتيان إنها تزور بانتظام أصدقاءها في “الشطر الآخر”، وإن ما تقوم به لا يوافق عليه الكثير من كبار السن الذين يرفضون التوجه الى الشمال المحتل من تركيا.

وتضيف الطالبة في كلية الاقتصاد “أعتقد أن هناك هوة شاسعة بين جيلينا. كبار السن لا يريدون حتى الاستماع الى وجهة نظري، إنهم منغلقون”.

“الحكومة لا تريدهم” –

ومع أن العديد من الناخبين الشبان يقولون أنهم يتمنون بالفعل التوصل الى حل لجزيرتهم المقسمة، إلا أن همهم الاساسي يبقى القضايا التي تمسّهم مباشرة مثل العثور على وظيفة أو دفع أقساطهم الجامعية، لا سيما أن بلدهم ما زال يلملم آثار أزمة مالية كادت تودي به في 2013 الى الافلاس.

وعلى الرغم من التعافي الاقتصادي السريع، الا ان نسبة البطالة لا تزال مرتفعة في أوساط الشباب، وبلغت في أيلول/سبتمبر 25% لدى الشباب دون 25 عاما، بحسب بيانات مديرية المفوضية الاوروبي للإحصاءات “يوروستات”.

ويقول ميخاليس كانيلي، الطالب الناشط في “الحركة التقدمية للطلاب القبارصة” (بروديفتيكي) اليسارية المؤيدة لمالاس، “خلال السنوات الخمس الماضية خفضت الحكومة تقديماتها المالية للطلبة بمقدار 20 مليون يورو”.

ويضيف “الشباب يشعرون وكأن الحكومة لا تريدهم”.

ووفقا للمعهد القبرصي للإحصاءات، فإن أكثر من ربع الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و28 عاما يجربون حظهم في الخارج بحثا عن آفاق أفضل.

“نحن المستقبل” –

ومع أن الحملة الانتخابية كانت باهتة عموما، إلا ان الاقتصاد احتل حيزا من النقاشات والوعود الانتخابية. ووعد مالاس على سبيل المثال بوضع حد للأجور المتدنية في سوق العمل حيث يتراوح متوسط ​​راتب الموظف المبتدئ ما بين 800 و1000 يورو شهريا، في حين أبرز مؤيدو أناستاسيادس الانتعاش الاقتصادي الذي تحقق في السنوات القليلة الماضية وعودة النمو (3,5% العام الماضي).

ويؤكد رئيس شبكة الأعمال الشبابية يانيس كونستانتينو أن “حكومة أناستسيادس خلقت وظائف جديدة وآفاقا جديدة”، مشددا على أن “جيل الشباب يتمتع بمكانة مميزة اليوم، إذ يمكنهم الحصول على تمويل لمشاريعهم المبتدئة وأفكارهم المبتكرة”.

ولكن على الرغم من الوعود، لا يبدو أن أيا من المرشحين نجح في إقناع الناخبين الشباب.

وطغت على المناظرة التلفزيونية التي جرت مساء الاربعاء بين أناستاسيادس ومالاس مسألة اعادة توحيد الجزيرة وغاب الوضع الاقتصادي.

في حرم جامعة قبرص في شرق نيقوسيا، يقرّ أندرياس تزياماليس، الناشط في حزب اناستاسيادس، بشعور اللامبالاة السائد وسط زملائه.

ويقول الطالب في كلية الاقتصاد ان “الكثير من الشباب يشعرون بخيبة امل (…) من السياسيين الحاليين. لهذا السبب نقول لهم ان عليهم ان يشاركوا بأنفسهم. نحن نحاول إقناعهم بالتصويت، لا يهم لأي مرشح سيصوتون، فمهما حدث، نحن مستقبل هذا البلد”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى