رئيسيشؤون دولية

مجلة فورين بوليسي: اليمين المتطرف تهديد عالمي يتطلب جبهة موحدة

واشنطن – نشرت مجلة “فورين بوليسي” (Foreign Policy) الأميركية إنه بعد ما يقارب 20 عاما على هجمات 11 سبتمبر/أيلول وما تلاها من إطلاق ما أسماها القادة الأميركيون “الحرب العالمية على الإرهاب”، يجد العالم نفسه الآن في مواجهة تهديد جديد ومتنامٍ هو التطرف اليميني.

وقالت المجلة الأمريكية -في تقرير لخبيرة شؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية هيذر أشبي- أن أفكار وجماعات اليمين المتطرف باتت تشكل في دول عدة، منها البرازيل والولايات المتحدة والمجر ونيوزيلندا وغيرها، تهديدا خطرا على المجتمعات الديمقراطية.

وأوضحت أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ركزوا بشكل أساسي في العقد الأول من القرن الـ21 على محاربة تنظيمات القاعدة والدولة الإسلامية والجماعات الأخرى التي تتبنّى تأويلا معينا للإسلام لتسويغ أفعالها “الإرهابية”، في حين كان التطرف اليميني ينمو في جميع أنحاء العالم.

وإذا كانت أيديولوجية اليمين المتطرف ليست بالأمر الجديد في أجزاء كثيرة من أوروبا مثلا -كما تؤكد المجلة- فقد أدى نمو الهجرة من الدول الإسلامية، وزيادة حركة الأفراد داخل الاتحاد الأوروبي، ورد السياسيين “الشعبويين” على ارتفاع معدلات الهجرة بنشرهم أفكارا يمينية متطرفة، إلى ارتفاع مدّ اليمين المتطرف في العقد الأول من القرن الحالي.

وقد شهدت دول مثل النرويج (2011) والولايات المتحدة (2015) وغيرهما هجمات لجماعات يمينية متطرفة تؤمن بسمو العرق الأبيض وتدافع عما تعتقد أنه “خطر الإسلام وتنوع الثقافات” على الهوية البيضاء، لكن هجوم المسجدين في كرايستشيرش بنيوزيلندا عام 2019 أظهر الخطر المتزايد الذي باتت تشكله هذه الأيديولوجية على العالم.

وقالت المجلة أن الهجمات المباشرة ليست وحدها المؤشر الوحيد على تعاظم نفوذ الجماعات اليمينية، بل إن الأيديولوجية اليمينية المتطرفة انتشرت على مدى العقد الأول من القرن الحالي بفضل تغلغلها داخل الأحزاب السياسية وتأثر بعض الساسة بها وبأفكارها.

ومثال ذلك السياسات الرجعية والمعادية للمهاجرين والمسلمين التي تبنّاها قادة مثل المجري فيكتور أوربان بعد أن أصبح رئيسا للوزراء عام 2010، أو الهندي ناريندرا مودي (منذ 2014) والبرازيلي غايير بولسونارو بعد وصوله إلى الرئاسة عام 2018.

وترى فورين بوليسي أن كل هذه الأمثلة تظهر أنه بدلا من التعامل مع التطرف اليميني على أنه حوادث معزولة أو أنه محصور فقط في دول بعينها، حان الوقت للاعتراف به ظاهرة عالمية متنامية.

وفي حين إذا لم تقم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي -تضيف المجلة- بتعبئة الموارد بسرعة ضد هذا التهديد فقد يفقدون فرصة مهمة لوقف انتشاره.

وتوفر الإجراءات التي اتخذتها دول وحكومات محلية وصحفيون ومواطنون عاديون بشكل منفرد لمكافحة الفكر اليميني في العقد الماضي لمحة عما يمكن أن يكون عليه الجهد الدولي المنسق لمحاربة هذا الخطر.

وستكون لدى الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن -في أعقاب أحداث الشغب التي شهدها مبنى الكابيتول- فرصة لحشد المجتمع الدولي لمعالجة هذه الظاهرة، كما يمكن أن تعمل إدارته مع الدول الحليفة لتوسيع نطاق ومهام “المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب” لتشمل أيضا معالجة التطرف اليميني وأشكاله المختلفة.

وفي هذا الإطار، سيتعين على أميركا والدول الأخرى مواجهة الانحرافات والصدمات التاريخية والوطنية ذات الصلة بالعرق والطائفة والدين، واتخاذ خيارات صعبة وإستراتيجية لكنها ضرورية للمضي قدما.

كما ستشكل محاربة التضليل شقا آخر محوريا للتصدي لهذا الفكر، حيث مكّنت منصات التواصل الاجتماعي والمدونات والمواقع الإلكترونية الناس في أيامنا هذه من بناء واقعهم الخاص وتكريس المعتقدات القائمة مما جعلهم أكثر عرضة للتأثر بأفكار الجماعات والأفراد.

وتختم المجلة الأميركية بأن محاربة التطرف اليميني لن تكون بالتأكيد مهمة سهلة حيث إن بعض السياسيين والأحزاب أدرجوا عناصر هذا الفكر ضمن برامجهم، لكن الحفاظ على الديمقراطية والمساواة وسيادة القانون وحقوق الإنسان عبر العالم يستحق عناء المحاولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى