جدل في مصر بسبب مشروع قانون لتنظيم الصحافة والإعلام
القاهرة- أوروبا بالعربي
يتخوف إعلاميون وناشطون في مصر من موافقة البرلمان المبدئية على مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام الذي يضع المواقع الالكترونية والمدونات الشخصية تحت رقابة المجلس الأعلى للإعلام، مدرجين إياه في خانة إسكات الاصوات المعارضة أو الناقدة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ووافق مجلس النواب المصري في العاشر من حزيران/يونيو على مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام بشكل مبدئي قبل إحالته الى مجلس الدولة لمراجعته، ليتمكن البرلمانيون من الموافقة عليه بشكل نهائي، في وقت تواجه شخصيات عديدة من المعارضة ملاحقات شرطية وقضائية.
وأثار مشروع القانون جدلا واسعا في الاوساط الصحافية في مصر، إذ يتضمن مواد تمنح المجلس الاعلى لتنظيم الإعلام المشكل بقرار رئاسي في عام 2017، الحق في حجب المواقع الالكترونية في حال تأسيسها من دون الحصول على ترخيص منه.
ويعطي القانون المجلس حق متابعة “كل موقع الكتروني شخصي او مدونة الكترونية شخصية او حساب الكتروني شخصي يبلغ عدد متابعيه خمسة آلاف او أكثر”، ما يجعل حسابات مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي المشاهير في دائرة الرقابة الدائمة.
وللمجلس الاعلى الحق في وقف أو حجب هذه الحسابات الشخصية متى تم “نشر او بث أخبار كاذبة أو ما يدعو او يحرض على مخالفة القانون او الى العنف أو الكراهية”.
ويقول وكيل نقابة الصحافيين السابق في مصر خالد البلشي إن “إقرار هذا القانون هو استمرار لسياق قمع الصحافة ومصادرة الكلام والتكميم”.
ويضيف أنها “محاولة لإسكات كل من يحاول ان يتكلم، وصولا إلى مدّ الهيمنة والسيطرة حتى لمستخدمي التواصل الاجتماعي”.
وتوجه منظمات حقوقية دولية اتهامات عديدة بشأن انتهاك الحريات وتوقيف النشطاء والاعلاميين وعناصر المعارضة، لنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي ادى اليمين الدستورية لفترة رئاسية ثانية مطلع الشهر الحالي بعد فوزه في الانتخابات بأكثر من 97% من الأصوات في اذار/مارس.
ويشير البلشي الى وجود أكثر من ثلاثين صحافيا في السجون وحجب اكثر من 500 موقع إلكتروني وهي الاحصائيات التي نشرتها منظمة مراسلون بلا حدود.
وبحسب التصنيف الدولي لحرية الصحافة للعام 2018 فان مصر تحتل المرتبة ال161 في قائمة تضم 180 دولة، وفقا للمنظمة.
وعلى مدار الشهرين الماضيين، شنت الاجهزة الامنية حملة توقيفات جديدة شملت معارضين ومدونين وصحافيين وناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي بتهم “الانضمام لجماعة ارهابية” أو “نشر اخبار كاذبة”.
ومن أبرز هؤلاء، المدون وائل عباس والناشط شادي الغزالي حرب والناشط حازم عبد العظيم.
ويعتبر عباس من رواد المدونين في مصر واشتُهر بنشر فيديوهات حول ممارسات التعذيب التي كانت تحصل في أقسام الشرطة خلال عهد الرئيس الاسبق حسني مبارك. وكان عباس والغزالي حرب من أبرز الشخصيات الشابة التي شاركت في احتجاجات 2011 التي أطاحت بمبارك.
أما عبد العظيم فقد كان مسؤول الشباب في حملة السيسي الانتخابية في العام 2014، قبل أن يتحوّل ليصبح منتقدا لسياسات الرئيس المصري خصوصا على “تويتر”.
ويقول محمد عبد السلام، مدير الوحدة البحثية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، إحدى المنظمات الحقوقية المصرية “يجب ان ترفض هذه الشركات (فيسبوك وتويتر) ممارسات الحكومة المصرية”، مضيفا “الان.. سيتم اعتبار ما يكتبه المواطن أخبارا كاذبة”.
ويرى أن “أي مواطن سيفكر ألف مرة قبل ان يكتب +بوست+ ينتقد فيه أداء الحكومة وأداء النظام”.
ويقول المحامي جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان، “المشكلة هي ان النيابة لا توضح طبيعة الاخبار الكاذبة في الاتهامات”.
ويرى بعض الصحافيين المصريين أن تمرير القانون يعتبر “تكريسا لسيطرة الدولة”.
ويقول الأمين العام المساعد السابق لنقابة الصحافيين هشام يونس إنه تم جمع 185 توقيعا لصحافيين يرغبون في عقد جمعية عمومية طارئة لنقابة الصحافيين من أجل مناقشة القانون. لكن “تمّ تجاهل طلب الصحافيين من مجلس إدارة النقابة بحجة عدم خلق صدام ضد الحكومة”.
ويتخوّف يونس من “تكريسٍ لسيطرة الدولة على المؤسسات الصحفية”، ومن أن “يكون العزف في الصحافة على نغمة واحدة هي نغمة التأييد”.
إلا أن رئيس لجنة الاعلام بمجلس النواب أسامة هيكل ردّ مدافعا عن مشروع القانون وقائلا “عرضنا القانون على 8 جهات ألزمنا الدستور بمخاطبتها ومن ضمنها نقابة الصحافيين التي استقبلنا منها ردين بشأن القانون”.
وبحسب صحيفة الاهرام الحكومية، تضمنت ملاحظات نقابة الصحافيين طلب تعديل لبعض مواد القانون.
وعن شمول القانون مستخدمي التواصل الاجتماعي، يقول يونس “الحسابات الالكترونية تحقق انتشارا أوسع من توزيعات بعض الصحف، ونحن لسنا الدولة الاولى التي تذهب إلى هذا المنحى”.