الذكاء الاصطناعي ليس بذلك الذكاء لكنه يشكل تهديدا
لندن- يحاول تقرير جديد من معهد ماساتشوستس للتقنية وجامعة ستانفورد ومركز “أوبن أي آي” الإجابة عن سؤالين يتسببان بأرق السياسيين والاقتصاديين والباحثين بمجال الذكاء الاصطناعي، وهما: ما هو مقدار الذكاء الاصطناعي؟ وما هي سرعة تقدمه؟
فقد نشر هذا الأسبوع تقرير “أي آي إندكس” (مؤشر الذكاء الاصطناعي) كما يُدعى -والذي بدأ بقوله إننا “نحلق كالعميان” في تقديراتنا بشأن قدرة الذكاء الاصطناعي. ثم خلص إلى نقطتين رئيسيتين، الأولى أن حقل الذكاء الاصطناعي أكثر نشاطا من أي وقت مضى، حيث تُسكب فيه العقول والأموال بمعدل مذهل. والثانية أنه برغم أن الذكاء الاصطناعي تفوق على البشر في أداء عدد قليل من المهمات المحددة جدا، لكنه ما يزال محدودا كثيرا في مجال “الذكاء العام”.
وللوصول إلى هذه النتائج، بحث “مؤشر الذكاء الاصطناعي” في عدد من مقاييس التقدم، تتضمن “حجم النشاط” و”الأداء التقني”. ويفحص العامل الأول كيف يحدث كل شيء في المجال، من حضور المؤتمرات إلى الالتحاق بالصفوف إلى الاستثمار الرأسمالي والشركات الناشئة. والإجابة القصيرة هنا أن كل شيء يحدث كثيرا وبوتيرة متصاعدة.
أما العامل الآخر وهو “الأداء التقني” فيحاول قياس قدرات الذكاء الاصطناعي في التفوق على البشر بمهمات محددة، مثل تمييز الأجسام في الصور وفك ترميز الكلام. وهنا تكون الصورة أكثر دقة.
فهناك بالتأكيد مهام جارى فيها الذكاء الاصطناعي بالفعل الأداء البشري أو تفوق عليه، ويشمل ذلك تمييز الأجسام الشائعة بالصور (في قاعدة بيانات الاختبار كان معدل الخطأ لدى البشر 5% مقابل 3% للآلة) وفك ترميز الكلام (اعتبارا من 2017 يمكن لعدد من أنظمة الذكاء الاصطناعي فك ترميز الكلام بنفس معدل خطأ الإنسان) كما تفوق الذكاء الاصطناعي بعدد من الألعاب مثل برنامج المسابقات “المحك” وبعض ألعاب أتاري مثل “باكمان” ولعبة “غو” الشهيرة.
لكن، وفقا للتقرير فإن هذه المقاييس تعطينا نظرة جزئية فقط عن الذكاء الاصطناعي. فعلى سبيل المثال، فإنه من السهل تدريب الذكاء الاصطناعي في مجال ألعاب الفيديو، حيث يستطيع أن يرى دائما كل ما يحدث، لكن لا يمكن قول الشيء ذاته عن مهمات أخرى نضع فيها الذكاء الاصطناعي مثل إدارة البنية التحتية للنقل بالمدينة، رغم أن الباحثين بدؤوا في تطوير ألعاب فيديو تعكس هذه التحديات.
والشيء ذاته يقال عن مهام مثل “الإملاء الصوتي”. فربما يكون الذكاء الاصطناعي بدقة الإنسان عندما يتعلق الأمر بتدوين الحوار المسجل، لكنه لا يستطيع تمييز السخرية أو تحديد النكات، أو حساب مليون قطعة أخرى من السياق الثقافي التي تعتبر حاسمة لفهم حتى أكثر المحادثات عفوية. ويعترف مؤشر الذكاء الاصطناعي بذلك، ويضيف أن المشكلة الأكبر هنا أننا لا نملك طريقة جيدة لقياس هذا النوع من الفهم المنطقي. فلا يوجد اختبار ذكاء للحواسيب، على الرغم مما يدعيه البعض.
لكن، ذلك لا يعني ألا نخشى من تأثير الذكاء الاصطناعي على المجتمع، فعلى الرغم من أن أكثر أنظمة الذكاء الاصطناعي تقدما تعتبر أغبى من الجرذ (وفقا لرئيس الذكاء الاصطناعي في فيسبوك يان ليكون) فإن هذا لن يمنعها من امتلاك تأثير كبير على حياتنا، وخاصة في مجال العمل.