الأردن يشعر بخذلان السعودية والإمارات في ملف القدس
عمان-
تكشف تسريبات من شخصية رسمية أردنية عن شعور متنام لدى صانع القرار السياسي في عمان بالخذلان من دول ظل ينظر إليها باعتبارها دولا حليفة تقليدية؛ بسبب مواقفها من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة والاعتراف بها عاصمة أبدية لإسرائيل.
وتقول مصادر قريبة من صنع القرار إن ملك الأردن عبد الله الثاني يقف اليوم دون حلفائه التقليديين في مواجهة قرار ترمب، وتشير المصادر في هذا الخصوص إلى الإمارات والسعودية ومصر.
ويقول أحد المصادر إن أبو ظبي والرياض والقاهرة لم تكن ضمن محطات جهود الأردن المتسارعة في هذا الملف، بينما اختار الملك عبد الله أنقرة لبحث الأخطار التي تهدد المدينة المقدسة.
وتضيف المصادر أن هنالك خشية أردنية حقيقية من تقارب خفي بين تلك العواصم العربية وإسرائيل على حساب ملف القدس، وشكل عملية السلام برمتها.
ضوء أخضر
ولا يستبعد الكاتب في صحيفة الرأي” الحكومية مجيد عصفور أن تكون دول عربية “باركت خطوة ترمب من وراء ستار”، ويقول “ربما تكون دول عربية أعطت ضوءا أخضر لترمب في قراره المذكور، وهو ما جعله يشعر بالراحة”، ويتابع “الأردن اليوم يقود الجهد الأكبر للضغط على إدارة ترمب”.
ويقود ملك الأردن بالفعل منذ أيام جهودا دبلوماسية لثني ترمب عن قراره بشأن القدس، محذرا من مخاطره وتداعياته. وفي زيارته الأخيرة إلى واشنطن، نبه الملك عبد الله إلى خطورة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها.
وفي العاصمة التركية أنقرة التي زارها اليوم ملك الأردن حيث التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جدد الملك تحذيره وأعرب عن قلقه الشديد، وقال الملك عبد الله في مؤتمر صحفي مشترك مع أردوغان إن “حل موضوع القدس يجب أن يكون وفقا للمفاوضات”، وأضاف أن “إنكار الحق الإسلامي والمسيحي في القدس سيعزز العنف”.
ومن المؤكد أن الجهود الأردنية في ملف القدس لها ما يبررها، فاتفاقية السلام الموقعة بين المملكة وإسرائيل منذ العام 1994، تؤكد وصاية الهاشميين على المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة.
حراك داخلي
وقد علت أصوات النقابات والأحزاب المعارضة في الأردن مجددا تطالب بإلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل.
وكان البرلمان الأردني عقد جلسة طارئة اليوم لبحث تداعيات القرار الأميركي بشأن القدس، وهاجم نواب في الجلسة الولايات المتحدة وإسرائيل واتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية.
كما صدرت دعوات إلى غلق السفارة الأردنية في تل أبيب وسحب السفير الأردني فورا من هناك. وشرع النواب في توقيع مذكرتين إحداهما تطالب بسحب السفير الأردني بإسرائيل، والثانية تدعو إلى إلغاء اتفاقية وادي عربة أي اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية.
وقال رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة في بيان إن “المجلس سيرسل برقيات عاجلة إلى البرلمانات الدولية الشقيقة والصديقة لتوضيح خطورة القرار وتداعياته الخطيرة على المنطقة برمتها، وحثهم على ممارسة الضغوط على إداراتهم السياسية أملا في استثمار نفوذهم ومراكزهم للتواصل مع الإدارة الأميركية وجميع الدول ذات التأثير الفاعل لثني ترمب عن اتخاذ القرار”.
يعزز الإحباط
وأضاف الطراونة أن “القرار الأميركي إذا ما تم لا يقوض فقط جهود العملية السلمية، ويهدم جهود سنوات من مفاوضات السلام، بل إنه يبعث برسائل الانحياز للظلم على حساب الحق، ويعزز طاقات الإحباط لأجيال ما تزال تنتظر أمل العيش بأمن وسلام”.
وقد احتشد نواب أردنيون للمرة الأولى أمام مقر السفارة الأميركية في عمان وسط إجراءات أمنية مشددة في محيط السفارة.
ويأتي قرار ترمب على وقع توتر حاد منذ أشهر بين عمان وتل أبيب بسبب مقتل أردنيين على يد حارس يعمل في السفارة الإسرائيلية بعمان، ويأتي أيضا في ظل تحريض سياسي واعلامي مستمر من قبل أوساط إسرائيلية ضد الأردن وصل حد وصفه بالبلد المعادي.