مجلة ألمانية: قرار ترمب يهدد أوروبا والناتو
برلين- قالت أسبوعية فوكوس الألمانية إن عددا كبيرا من الخبراء الألمان والأوروبيين يتفقون على أن اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وسياسته تجاه الصراع القائم منذ عقود بالشرق الأوسط يهدد أوروبا بطوفان جديد من اللاجئين وينذر بانفراط عقد حلف شمال الأطلسي (ناتو) .
وأوضحت المجلة أن ما أقدم عليه ترمب مساء الأربعاء يمكن أن يلقي بمنطقة الشرق الأوسط في أتون حرب مروعة جديدة، سيترتب عليها خطران مباشران لأوروبا يرتبطان بالإجراءات غير الحذرة للساكن الجديد بالبيت الأبيض.
واعتبرت فوكوس أن ردود الفعل الغاضبة عبر الكرة الأرضية على القرار الأميركي غير المتروي بشأن القدس، تظهر حجم الخطر الكبير الذي سيترتب على إسقاط الشرق الأوسط في دوامة أزمة واسعة، يمكن أن تتطور إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة.
إضعاف الناتو
وتوقعت المجلة أن تفوق حدة الانتفاضة الجديدة -في حال حدوثها- نظيرتيها الأولى التي اشتعلت عام 1987 وانتهت عام 1991 بتوقيع اتفاق أوسلو، مخلفة 1106 قتلى فلسطينيين و160 إسرائيليا، والانتفاضة الثانية (2000-2005) التي أسفرت عن نحو ألف قتيل إسرائيلي و3500 قتيل فلسطيني .
وأشارت إلى أن خبراء عديدين يقدرون أن الانتفاضة الفلسطينية القادمة ستختلف عن الانتفاضتين الأولى والثانية، بإمكان تسببها بتداعيات خطيرة على أوروبا أولها إضعاف حلف الناتو والتهديد بانفراط عقده.
ولفتت المجلة إلى أن الانتقادات الحادة التي وجهها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاعتراف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل تعد دليلا واضحا على أن الحلف العسكري الغربي أصبح عرضة لضعف شديد بسبب النزاع الجديد في الشرق الأوسط.
وأوضحت المجلة أنه بات مرجحا جدا تقليص تركيا لإسهاماتها بالناتو بعد خلافاتها خلال الحرب السورية مع شركائها الأوروبيين بالحلف، وقالت إن هذا يؤشر حسب التصورات العسكرية لإلحاق خسارة كبيرة بالحلف الأطلسي الذي يعتبر الجيش التركي ثاني أكبر جيش فيه.
وحسب فوكوس، فإن هذا الوضع سيكون له تداعيات سياسة واسعة المدى، “لأن تركيا يمكن أن تطور اقترابها الأولي من روسيا فيما تعلق بالحرب ضد تنظيم الدولة في سوريا، إلى تعاون عسكري واسع وهو ما يمكن أن يؤدي في أسوأ الاحتمالات لخروج أنقرة من حلف الناتو”.
وقالت المجلة إن حدوث مثل هذا الضعف لحلف شمال الأطلسي سيفرض على دول الاتحاد الأوروبي تقوية تحالفها العسكري المستقل، بموازاة تقليص الولايات المتحدة لإسهاماتها بميزانية الحلف الغربي إلى حد كبير بتأثير سياسة ترمب المناهضة للناتو “أميركا أولا”، وخلصت إلى أن تحقق هذا السيناريو ينذر أوروبا بضربة في مقتل فيما يتعلق بسياستها الأمنية.
ولفتت المجلة الألمانية إلى أن انضمام تركيا مع عدد كبير من الدول العربية لصف الفلسطينيين -إن أشعلوا انتفاضة ثانية- سيتجاوز إضعاف الناتو إلى كارثة أخرى محتملة لأوروبا هي بدء موجة لجوء جديدة.
وأوضحت أن الفضل في المقام الأول في الانخفاض الكبير لأعداد اللاجئين القادمين إلى أوروبا حاليا، يعود لتوفير دول مثل تركيا والأردن أماكن فوق أراضيهما لاستيعاب الفارين من دول الحروب والأزمات بحثا عن حماية.
وذكرت فوكوس أن كل هذا يمكن أن ينقلب رأسا على عقب ويصبح موضع شك، “فإذا قادت سياسة ترمب الأمور للأسوأ في الشرق الأوسط، فسوف يبدأ تدفق موجات جديدة من اللاجئين الذين لا ترغب بهم أوروبا ولا مصلحة لها باستقبالهم”.