طبيبان فرنسيان يناشدان لإنقاذ سكان الغوطة السورية
باريس- نشر طبيبان فرنسيان رسالة مفتوحة إلى الرئيس الفرنسي وإلى المجتمع الدولي للتدخل من أجل إنقاذ الغوطة الشرقية قبل أن تحل بها كارثة لا يمكن وصف حجمها.
وتساءل الطبيبان المنضويان تحت اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الصحية في سوريا (يوسم) عما إذا كان القانون الإنساني الذي قتل في حلب يجب أن يقتل من جديد في غوطة دمشق المحاصرة منذ العام 2013.
وناشدا في الرسالة التي نشرتها صحيفة ليبراسيون الفرنسية، المجتمع الدولي العمل من أجل الإجلاء الفوري للذين يعانون الأمرين: الجوع والمرض، وتمكين المنظمات من إيصال المساعدات الإنسانية من أدوية وأغذية إلى السكان المحاصرين.
وأصدر النداء الطبيبان رئيس يوسم/فرنسا وطبيب التخدير والإنعاش زياد العيسى، والمسؤول الإداري ليوسم/فرنسا طبيب التخدير والإنعاش رفائيل بيتي.
وهذا نص الرسالة:
“سيادة رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي.
نحن أطباء ومعالجون فرنسيون ومن الشتات السوري، ندق ناقوس خطر الوضع الدراماتيكي الذي تعيشه الغوطة الشرقية حاليا. هذه المنطقة الموجودة في الضواحي الشرقية لدمشق بسوريا تقبع تحت الحصار منذ العام 2013، ويبلغ عدد قاطنيها 370 ألف نسمة، بينهم ما يقرب 95 ألف طفل، يعيشون محاصرين في 30 كيلومترا مربعا.
ومنذ 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، شهدت المنطقة تصعيدا للعنف، حيث قتل 268 شخصا وأصيب 1432 آخرون، هذا في الوقت الذي لا يوجد فيه سوى 100 طبيب و20 مستشفى و37 مركزا صحيا، مما يعتبر عددا ضئيلا مقارنة بالاحتياجات الهائلة للمنطقة التي تتعرض لقصف يومي، فالأحداث تأخذ نفس الطريق المظلم الذي سلكته حلب العام الماضي عندما كان العالم يتفرج على المدينة القديمة وهي تدمر، وها هو اليوم يتفرج على الغوطة وهي تموت في صمت.
الرضع هياكل عظمية
هل يمكنك أن تتخيل أن آخر مرة تم تسليم الأغذية إلى الغوطة الشرقية كان في 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي؟ وبكمية ضئيلة لحد أنها لم تكن قادرة على توفير ما يزيد على 10% فقط من احتياجات السكان، وقد بلغ سوء التغذية والجوع مستوى الحرج، وهو ما عكسته الصور الصادمة للهياكل العظمية للرضع أو صور الأطفال المصابين جراء القصف.
فها هما عبيدة وسحر تسلمان الروح إلى باريها بعد عمر لم يتجاوز الأسابيع وكلاهما ضحية سوء التغذية، وها هي مرام ذات العام الواحد تموت بسبب الفشل الكلوي، أما الرضيع محمد، الذي كان يعاني من رتق المريء، ونجا من جراحة معقدة تحت إشراف طبي عن بعد من الخارج، فقد توفي لعدم وجود الأدوية وإدارة ما بعد الجراحة، وفي المجموع، توفي 12 طفلا بسبب سوء التغذية أو عدم العلاج في الأشهر الستة الماضية.
وثمة أطفال آخرون وقعوا ضحايا للمرض أو القصف وهم ينتظرون المساعدة والعلاج، فراما مثلا ذات الأربع سنوات تعاني من سرطان الحلق، وروان ذات الثماني سنوات تعاني من سوء التغذية ومرض عصبي عضال، ناهيك عن كريم ذي الثلاثة أشهر الذي فقد إحدى عينيه نتيجة غارة جوية.
ونحن الأطباء، كما الآباء، لا يمكن أن نظل مكتوفي الأيدي غير حساسين لوفاة الأطفال الأبرياء، الذين لم يكن لهم من ذنب سوى أنهم ولدوا تحت الحصار. إن أسوأ ما يمكن أن يصل إليه الإهمال هو الجهل واللامبالاة بالمصير المأساوي لهؤلاء الأطفال.
ويبدو أن المجتمع الدولي قد هزل أمام هذا الحجم الهائل للعنف، وأصبحت الحرب في سوريا تقدم بوصفها صراعا معقدا يصعب فهم تداخل قضاياه الجيوسياسية، فكيف بحلها.
ومن المؤكد أن هذا صحيح، ومع ذلك هل ينبغي لنا أن نستكين ونخرس في وجه ما يجري؟ هل ينبغي أن نظل نتفرج دون القيام بأي شيء بينما يقتل مدنيون أبرياء؟
نعم لقد اغتيل القانون الإنساني في حلب عام، هل ينبغي أن ننحره مرة أخرى في الغوطة؟ أليس الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية هو أن يرفع هذا الحصار ويمكَّن الأشخاص الأكثر هشاشة من التمتع بحقهم في التماس العلاج في المستشفيات التي يتوفر فيها علاجهم اللازم؟ أو لما لا يقام بأفضل من ذلك عبر جعل هؤلاء الذين يتضورون جوعا ويموتون مرضا قادرين على الحصول على الدواء والمواد الغذائية؟
لذلك، فنحن نوجه، في هذا الموسم الاحتفالي وبأقوى العبارات، نداء للمجتمع الدولي والأمم المتحدة والمواطنين للتعبئة من أجل: الإجلاء الفوري لــ500 شخص في حاجة إلى رعاية طبية عاجلة، بما في ذلك 167 طفلا مصابا بأمراض خطيرة، وفتح الباب أمام إمكانية وصول المساعدات الإنسانية إلى سكان الغوطة الشرقية”.