باريس- أثار مشروع قانون فرنسي جديد خاص “بالهجرة واللجوء” جدلا كبيرا في أوساط المنظمات الحقوقية، كما أثار المشروع الجديد انقسام الأغلبية ولوح عدد من النواب الذين ينتمون للحزب الحاكم بعدم التصويت عليه.
وفي اجتماع مع رئيس الوزراء الفرنسي جيرار كولومب، عبرت المنظمات الحقوقية عن رفضها للقانون معتبرة أنه انتهاك لحقوق المهاجرين وطالبي اللجوء.
غير أن كولومب أعاد تأكيد عدم التراجع عن مشروع قانون اللجوء والهجرة لأنه متوازن من وجهة نظره، ويراعي مبدأين أساسيين هما استقبال اللاجئين ولكن ليس كل المهاجرين الاقتصاديين.
ومن أبرز البنود التي يشملها القانون الجديد، خفض مدة دراسة طلب اللجوء من 120 يوما إلى 90 يوما، ومنح بطاقة إقامة مدتها أربع سنوات لطالبي اللجوء، وتوسيع إجراءات لم الشمل بالنسبة للأطفال القصر وآبائهم، وحماية اللاجئات اللواتي يعانين من العنف الزوجي.
كما سيتيح القانون الجديد إنشاء مراكز إيواء جديدة، وتكثيف الدورات التدريبية لمساعدة اللاجئين على إيجاد فرص عمل، من أجل تسهيل اندماجهم في المجتمع الفرنسي.
غير أن هذا القانون سيشدد الإجراءات ضد المهاجرين غير النظاميين، وطالبي اللجوء من الدول التي تعرف “استقرارا أمنيا” كما سيجري رفع الاحتجاز الإداري من 45 إلى 90 يوما، ورفع مدة التوقيف للتثبت من الحق في الإقامة من 16 إلى 24 ساعة، مع إمكانية فرض الإقامة الجبرية، بالنسبة للمعنيين بالمغادرة الطوعية أو طالبي اللجوء الذين يشكلون تهديدا للأمن العام، الأمر الذي سيسهل على الحكومة إجراءات تسريع وتيرة طرد عدد كبير منهم إلى بلدانهم الأصلية، خصوصا تلك التي تعتبرها فرنسا مستقرة سياسيا وأمنيا.
واتهم عدد من المنظمات الحقوقية الفرنسية الحكومة بممارسة إجراءات تنتهك حقوق الإنسان، بينها مرسوم ينص على إحصاء المهاجرين واللاجئين في مراكز الإيواء، إجراء وصفته “الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان” بأنه غير إنساني ولا يحترم كرامة المهاجرين.
ووقعت أكثر من 27 منظمة حقوقية وإغاثية على عريضة تطالب فيها الحكومة بالتراجع عن مرسوم إحصاء المهاجرين، كما أعلنت لجوءها إلى محكمة مجلس الدولة وهي أعلى هيئة قانونية وإدارية في البلاد، من أجل تعليق العمل به.
واعتبر رئيس جمعية “فرنسا أرض اللجوء”, بيار هنري، أن مشروع القانون يشمل إجراءات إيجابية عدة، لكن مرسوم إحصاء المهاجرين مرفوض لأنه يتنافى مع مبادئ وقيم فرنسا في مجال حقوق الإنسان، ويهدف إلى فرز المهاجر الجيد وغير الجيد، وذلك اعتمادا على معيار الجنسية أو الحالة الإدارية لطالب اللجوء في فرنسا.
كما استهجن هنري طلب وزارة الداخلية من المنظمات الإغاثية تقديم المعلومات عن المهاجرين ووصفه بالأمر المعيب وغير المقبول، لأن دورها يتجلى في تقديم العون والمساعدة لكل المهاجرين وطالبي اللجوء دون استثناء، وليس الإبلاغ عنهم.
كما عبر رئيس منظمة “فرنسا أرض اللجوء” التي تدير أكثر من 34 مركز لجوء في كل ربوع فرنسا، عن خشيته من مغادرة مئات المهاجرين وطالبي اللجوء بينهم أطفال قصر، لمراكز الإيواء، والعودة للشوارع والمخيمات خوفا من توقيفهم، بعد علمهم أن وزارة الداخلية ستوفد موظفين لإحصائهم والحصول على كامل المعلومات بشأن حالتهم القانونية في فرنسا.
ومن جانبه، اعتبر المدير العام لمنظمة “إماييس للتعاون” برينو موريل، أن مشروع القانون الجديد يهدف إلى الرفع من وتيرة توقيف المهاجرين وطالبي اللجوء، وتسهيل إجراءات عملية ترحيل وطرد آلاف المهاجرين غير النظاميين، وهو أمر مستهجن ومرفوض.
وأكد موريل أن جوهر مشروع القانون الجديد يعتمد على منطق فرز المهاجرين، وليس على منطق تسهيل إجراءات استقبالهم من أجل اندماجهم كما تدعي الحكومة.
وعبر موريل عن آماله في أن يتدخل “مجلس الدولة” لتعليق هذا الإجراء لأنه غير عادل وينتهك حقوق المهاجرين ويسيء إلى فرنسا، حسب تعبيره.