استقبال حار للبابا فرنسيس في البيرو وبارد في تشيلي
روما – يختتم البابا فرنسيس اليوم الأحد رحلة في البيرو جرت على وقع حماسة شعبية هائلة، لكنه أجج الجدال حول فضائح التعديات الجنسية على الاطفال في تشيلي حيث استقبل ببرودة لا تخفى على أحد.
وسيكون الأحد، يومه الأخير في البيرو، يوما روحيا بامتياز. ويتضمن البرنامج تلاوة صلاة البشارة واقامة قداس في قاعدة جوية، ورفع صلوات امام آثار قديسين بيروفيين ولقاء مع اساقفة.
فمساء السبت، تأخر البابا الذي يبلغ الحادية والثمانين من العمر، وانهكته رحلة صاخبة استمرت اسبوعا في ست مدن، في الخروج الى الشرفة وإلقاء التحية على جموع البيروفيين المحتشدين امام قصر ليما الذي ينزل فيه.
وفي تورخيو التي أمضى فيها النهار بكامله وتبعد 560 كلم شمال العاصمة، احتفل على احد الشواطىء بقداس شارك فيه 200 الف شخص، وسار بين الناس الذين اثار حماستهم على متن سيارته البابوية “باباموبيل”.
وتتناقض هذه الحماسة الشعبية المنقطعة النظير، مع شوارع سانتياغو بتشيلي.
وقد سجل البابا الذي كان منتظرا ان يطرح في بداية الاسبوع بتشيلي مسألة فضائح التجاوزات الجنسية التي ارتكبها كهنة، نقاطا عندما التقى ضحايا الثلاثاء واعرب عن “خجله”.
لكنه لم يكشف ما يقوم به، وصدم عددا كبيرا من التشيليين في اليوم الاخير من زيارته.
فقد صافح البابا فرنسيس امام الحشود المونسنيور خوان باروس الذي يشتبه بأنه تكتم على تصرفات كاهن عجوز اعتدى جنسيا على الاطفال، وجرده الفاتيكان من كهنوته. وحامت حوله الشبهات بعدما ادلى بتصريح غير مريح لضحايا التجاوزات الجنسية.
وكان البابا فرنسيس قال الخميس، ردا على اسئلة صحافيين تشيليين على هامش قداس في ايكويك بأقصى شمال تشيلي، “عندما تقدمون لي دليلا ضد الأسقف باروس، عندئذ اتكلم معكم. لا يتوافر دليل واحد ضده. كل شي افتراء. هل ما اقوله واضح؟”
جدالات وصلاة البشارة
اعتبر الكاردينال شين باتريك اوزمالي الذي يرأس لجنة ضد التعدي الجنسي على الاطفال في الفاتيكان، السبت ان من “المفهوم” ان تثير تصريحات البابا “الما كبيرا” لدى ضحايا جرائم الاعتداءات الجنسية على الاطفال والتي ارتكبها كهنة في تشيلي.
ثم انتقد صراحة “تصريحات تبعث بالرسالة الآتية +اذا لم تكن قادرا على اثبات اتهاماتك، فلن نصدقك”، معتبرا انها تتخلى عن ضحايا التجاوزات في منتصف الطريق.
وشدد الكاردينال ايضا على الصدق الكبير للبابا عندما يدعو الى عدم التسامح مع الاعتداءات الجنسية على الاطفال في اطار الكنيسة.
ولم يساعد المونسنيور باروس (61 عاما) الذي تجاهل الجدال القائم، مساعي البابا من خلال مشاركته في كل القداديس التي اقيمت في تشيلي.
إلا ان هذا الجدال لا يكفي لتفسير ادنى حماسة في تشيلي.
ويتميز التشيليون المتأثرون بدكتاتورية اوغستو بينوشيه، بأنهم لا يثقون بكل اشكال السلطة، بما فيها سلطة الكنيسة، كما يقول أحد المراقبين.
من جهة اخرى، تشهد تشيلي التي تعد اكثر البلدان انتقادا للكنيسة الكاثوليكية في اميركا اللاتينية، ثورة مجتمعية لا تنسجم كثيرا مع كنيسة معروفة بأنها محافظة ومتكبرة بعض الشيء.
فقد وافقت البلاد على الاجهاض العلاجي، ويناقش البرلمان تشريع زواج المثليين، بعدما اعتمدت الزيجات المدنية بين اشخاص من الجنس نفسه.ووافقت لجنة برلمانية الاثنين على مشروع قانون يهدف الى الاعتراف بالاشخاص المتحولين جنسيا.
وتمثلت ذروة الرحلة الثانية والعشرين للبابا، المدافع الكبير عن المناخ والشعوب الاصلية، بزيارته الاولى الى الامازون في بويرتو مالدونادو (جنوب شرق) حيث كان ينتظره بفارغ الصبر آلاف السكان الأصليين من البيروفيين والبرازيليين والبوليفيين.
وفي تشيلي، سجل البابا نجاحا باهرا بزيارته للمرة الاولى سجنا للنساء اللواتي أنشدن اغنية كتبت خصيصا للبابا فرنسيس الذي تأثر كثيرا كما اتضح.
وكعادته، بعث ايضا برسائل مباشرة جدا الى رجال السياسة والى الناس. وأوصى ببذل مساع لوقف الفساد واعمال العنف ضد النساء.