القدس/بروكسل- في استعراض جديد للخلاف الغربي بشأن جهود السلام في الشرق الأوسط، قالت الولايات المتحدة إن سفارتها في إسرائيل ستنتقل إلى القدس بنهاية 2019، في حين عبر حلفاؤها في الاتحاد الأوروبي عن دعمهم لأن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية.
وأعلن مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي خلال زيارة للقدس توقيت هذا التحرك في خطاب أمام الكنيست الإسرائيلي وسط تصفيق النواب الإسرائيليين، لكنه أثار احتجاجا وجيزا من جانب النواب العرب الذين حملوا لافتات مكتوب عليها “القدس عاصمة فلسطين”.
وفي بروكسل، أكدت فيدريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي للرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع أن الاتحاد يدعم تطلعه لأن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عدل فجأة عن سياسة أمريكية متبعة منذ عقود عندما اعترف في ديسمبر كانون الأول بالقدس عاصمة لإسرائيل، مما أثار غضب الفلسطينيين والعالم العربي ومخاوف وسط حلفاء واشنطن الغربيين.
وأسعد تحرك ترامب إسرائيل، أوثق حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، لكنه أدى إلى استياء قوى عالمية بينها روسيا والصين التي تخشى أن يؤجج التوتر الإقليمي ويزيد من شقة الخلاف بين إسرائيل والفلسطينيين.
ويعتقد كثير من الدول أن القدس يجب أن تتقاسمها في نهاية المطاف إسرائيل ودولة فلسطينية مستقبلية ولا تريد حتى الآن اتخاذ قرارات بشأن اعتراف بوضع المدينة قبل الاتفاق على تسوية سلمية شاملة.
وقال بنس “في الأسابيع المقبلة ستمضي إدارتنا في خطتها لفتح السفارة الأمريكية في القدس وستفتتح سفارة الولايات المتحدة قبل نهاية العام المقبل”.
ومضى قائلا “القدس عاصمة إسرائيل ولهذا وجه الرئيس دونالد ترامب وزارة الخارجية أن تبدأ الاستعدادات الأولية لنقل سفارتنا من تل أبيب إلى القدس”.
شقاق
أثار إعلان بنس ردود فعل متباينة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
فكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قال على تويتر إن خطاب بنس أظهر أن الإدارة الأمريكية جزء من المشكلة لا الحل.
وأضاف “خطاب بنس التبشيري هو هدية للمتطرفين… رسالة بنس للعالم كانت واضحة: قوموا بخرق القانون والقرارات الدولية وستقوم الولايات المتحدة بمكافأتكم”.
أما المحلل الإسرائيلي آموتس اسائيل فقال إن أهمية خطاب بنس تكمن في الأساس في تحديده موعدا نهائيا لهذه الخطوة.
وأضاف “أعتقد أنه (ترامب) يوضح للفلسطينيين أن سياستهم الاحتجاجية، والتي ظهرت بجلاء في ما فعله النواب العرب ولكن على نحو أكثر أهمية في غياب عباس ورحلته إلى بروكسل، لن تجعل أمريكا تتزحزح (عن موقفها)”.
وبينما لم يشر عباس إلى قرار ترامب بشأن القدس ولا إلى زيارة نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس للمنطقة يوم الاثنين، استغل مسؤولون أوروبيون فرصة وجوده داخل مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل لتأكيد معارضتهم للقرار الذي اتخذه ترامب في السادس من ديسمبر كانون الأول بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
عاصمة مشتركة
يريد الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.
وضمت إسرائيل القدس الشرقية في حرب 1967 في خطوة لم يعترف بها دوليا وتعتبر القدس بأكملها عاصمتها “الأبدية وغير المقسمة”.
ودعت موجيريني في إشارة خفية على ما يبدو إلى اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، المشاركين في العملية للحديث والتصرف “بحكمة” وإحساس بالمسؤولية.
وقالت موجيريني “أود أن أطمئن الرئيس عباس إلى الالتزام القوي من جانب الاتحاد الأوروبي بحل الدولتين الذي يشمل القدس عاصمة مشتركة للدولتين”.
وقبل وصول عباس كانت موجيريني تتحدث بإسهاب أكبر حيث قالت “بوضوح هناك مشكلة فيما يتعلق بالقدس. هذا تعبير دبلوماسي خفيف للغاية” في إشارة إلى موقف ترامب.
لكنها قالت إنها ما زالت تريد العمل مع الولايات المتحدة بشأن محادثات السلام في الشرق الأوسط وإنها ناقشت سبل استئنافها في أواخر العام الماضي مع بنس ووزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون.
وقال بنس، الذي زار مصر والأردن قبل التوجه إلى إسرائيل، إن بتغيير واشنطن سياستها تجاه القدس “تكون الولايات المتحدة قد اختارت الحقيقة على الخيال… والحقيقة هي الأساس الحقيقي الوحيد لسلام عادل ودائم”.
وأبرز بنس، وهو مسيحي إنجيلي، أوجه الشبه بين التاريخ اليهودي الذي يعود إلى الحقب التوراتية وبين الزوار الأوروبيين الذين أسسوا الولايات المتحدة. وتخلل خطاب بنس تصفيق حار من جانب أعضاء الكنيست.
وحين أشار إلى أن إسرائيل ستحتفل في مايو أيار بالذكرى السبعين لتأسيسها، في حرب يصفها الفلسطينيون بالنكبة، تحول بنس إلى العبرية لأداء صلاة شكر يهودية.
ولدى استقباله بنس في البرلمان، قال نتنياهو إنه أول نائب رئيس أمريكي ينال هذا الشرف.
وأضاف أن إسرائيل والولايات المتحدة “تسعيان معا إلى تحقيق سلام حقيقي… سلام دائم… سلام مع جميع جيراننا، ومن بينهم الفلسطينيون”.