Site icon أوروبا بالعربي

نموذج لتعايش نادر بين قبارصة من المجموعتين اليونانية والتركية

بلدة بيلا- في بيلا الواقعة في جنوب شرق جزيرة قبرص، بلديتان ومسجد وكنيسة ومقر للأمم المتحدة … هي واحدة من بلدتين يقيم فيهما قبارصة أتراك وقبارصة يونانيون جنبا إلى جنب ويأملون مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي، في أن يشكل تعايشهما عاملا يساهم في التشجيع على إعادة توحيد الجزيرة رغم التحديات.

تقع هذه البلدة في خليج لارنكا (جنوب شرق)، ويعيش فيها 1800 شخص وتخضع للإدارة اليونانية والمراقبة الاممية. وهي موجودة في “المنطقة العازلة” اي في شريط محايد يقسم الجزيرة المتوسطية منذ نحو 44 عاما.

وتشهد قبرص انتخابات رئاسية في 28 كانون الثاني/يناير يعتبر فيها الرئيس الحالي نيكوس اناستاسيادس الاوفر حظا بالفوز بولاية ثانية.

على اللوحات كما في شوارع بيلا، تتداخل اللغتان اليونانية والتركية في البلدة.

وتنقسم الجزيرة بين جمهورية قبرص العضو في الاتحاد الاوروبي، و”جمهورية شمال قبرص التركية” التي لا تعترف بها سوى انقرة.

غير أن سكان قرية بيلا ما زالوا يعيشون معا حتى لو كان ذلك يتناقض مع الفرضية المتزايدة بإيجاد “حلّ لدولتين”، بسبب العديد من الاخفاقات في محادثات إعادة توحيد الجزيرة، بما في ذلك الفشل الذي شهدته المحادثات في كران مونتانا بسويسرا الصيف الماضي.

وقال رئيس بلدية بيلا القبرصي اليوناني سيموس ميتيدس “إنها البلدة الوحيدة التي تضم سكانا من المجموعتين في المنطقة العازلة. ونحن فخورون بذلك”.

وهو ينظم سنويا مع “المختار” القبرصي التركي مشاريع تشارك فيها المجموعتان بينها حفل للموسيقى. ويضيف بفخر “خلال المحادثات، ذُكرت بيلا مرارا لكونها مثالا للعيش المشترك”، في اشارة الى محادثات كران مونتانا.

“نعيش في شرنقة”

وتُمثّل عملية اعادة توحيد الجزيرة احدى القضايا الرئيسية في الاستحقاق الرئاسي في 28 كانون الثاني/يناير.

والرئيس المحافظ نيكوس أناستسيادس جعل من موضوع اعادة توحيد قبرص وعدا خلال حملته.

لكنّ حل توحيد الجزيرة يواجه شكوكا متزايدة يُغذّيها فشل المحاولات المتلاحقة لإقامة دولة اتحادية.

وفي نهاية العام 2017، اثار رئيس اساقفة قبرص للارثوذكس خريسوستوموس الثاني جدلا عندما تحدث للمرة الاولى عن امكان التوصل إلى تسوية على أساس تقسيم الجزيرة.

غير أن بلدة بيلا، وعلى عكس التيار، تقف رمزا للعيش المشترك.

وقال محمد باشا البالغ من العمر 50 عاما “نعيش هنا كما في داخل شرنقة. ما يحصل (خارج المنطقة العازلة) على المستوى السياسي لا يؤثر علينا حقا”.

يملك محمد الصالة الرياضية في القرية، وشكّل في الاونة الاخيرة فريق رُكبي من المجموعتين في بيلا.

وبما انه مقيم في جمهورية قبرص، يحقّ لهذا الرجل الاصلع الذي يتمتع بلياقة بدنية كالملاكمين، أن يدلي بصوته في الانتخابات تماما مثل 600 قبرصي تركي يعيشون في بيلا.

وقال الطالب القبرصي التركي بارز علي باي اوغلو “ان فشل المحادثات لم يكن له اثر سلبي علينا. نحن نواصل الحفاظ على علاقات ودية بين الجيران، ونتبادل الاطباق التقليدية في الاحتفالات الدينية”.

وفي مؤشر الى ان القرية ما زالت رمزا للأمل، فقد زارها في الآونة الاخيرة المرشح اليساري ستافروس في اطار حملته.

وتابع علي باي اوغلو “تحدثت معه، وكنت سعيدا بأن يأتي مرشح قبرصي يوناني الى هنا لتقديم نفسه”.

وأكد “منذ ذلك الحين، احاول ان اتابع الحملة قدر الامكان، واعتزم التصويت”.

“لا ضرورة للأمم المتحدة”

في ساحة البلدة، من الصعب عدم ملاحظة وجود المركبات البيضاء التابعة للأمم المتحدة. فالبعثة الاممية في قبرص هي الوحيدة التي يُسمح لها بتسيير دوريات هنا.

وفي مكان غير بعيد، تنتشر الانشطة التقليدية في المساء داخل مقهى القبارصة اليونانيين، حيث يلعب رجال في عمر السبعين بالورق وبطاولة النرد.

وتساءل تاسوس سوتيريو (76 عاما) مشيرا بيده الى العلم الازرق فوق موقع رصد تابع للامم المتحدة “ما هو دافعهم لتقديم ضمانات؟ نحن لسنا في حاجة اليهم لنعيش في سلام”.

وأضاف “اشعر بانني سجين حتى في المكان الذي وُلدت فيه”.

ويتهم هذا الرسام المتقاعد ذو الشارب الابيض والنظرة الحادة، القوى الكبرى (بريطانيا، تركيا والولايات المتحدة) بانها مسؤولة عن الوضع الراهن. لكنه ما زال يأمل في رؤية قبرص موحدة مجددا ويبدي “اسفا” على مرحلة ما قبل الحرب.

وقال “في ذلك الوقت، كانت قبرص جنّة. لم يكن بإمكاننا التمييز بين مسلم وارثوذكسي، او بين يوناني وتركي. معظم القرى كانت مثل بيلا”.

 

Exit mobile version