برلين- تشعر السلطات الالمانية بالقلق ازاء عودة ظاهرة معاداة السامية بعد 73 عاما على المحرقة ضمن سياق التطرف اليميني المتصاعد ومخاوف ترتبط بوصول اللاجئين من دول معادية لاسرائيل.
واثناء احياء ذكرى تحرير معسكر الابادة في اوشفيتز في 27 كانون الثاني/يناير 1945، اعربت المستشارة انغيلا ميركل عن “الخزي” لان الاماكن اليهودية من مدارس ومعابد، لا يمكن ان تستغني عن حماية الشرطة.
وخلال الاحتفال السنوي المخصص لتكريم ضحايا النازية في البوندشتاغ، دانت انيتا لاسكر والفيش التي كانت ممن تم ترحيلهم سابقا “الفيروس المستعصي على العلاج على ما يبدو” في اشارة الى معاداة السامية.
وقالت الموسيقية (92 عاما) التي نجت من أوشفيتز امام النواب، بمن فيهم اليمين المتطرف ان “الكراهية سم، وفي النهاية، فانك تسمم نفسك”.
وتعهدت ميركل التي كانت أول رئيسة حكومة المانية تخاطب الكنيست الاسرائيلي قبل عشرة أعوام، انشاء منصب مفوض لشؤون معاداة السامية في الحكومة المقبلة التي تأمل تشكيلها في آذار/مارس.
وتعود فكرة هذه المبادرة الى صور أظهرت احراق اعلام اسرائيلية في برلين خلال تظاهرة بعد قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة العبرية.
ومنذ اشهر عدة، يدق زعماء الطائفة اليهودية ناقوس الخطر.
وتعرب الرئيسة السابقة للمجلس المركزي لليهود شارلوت نوبلوخ، الشخصية التي تحظى باحترام كبير، عن استنكارها لزيادة الاعمال المعادية للسامية. وتؤكد ان الاحتفالات بالاعياد اليهودية في الاماكن العامة “لا يمكن تنظيمها الا تحت حماية الشرطة”.
-“اكثر عنفا”-
وابدى سكان برلين انزعاجهم حيال سرقة 16 لوحة صغيرة من النحاس الاصفر مثبتة على الارصفة تكريما لذكرى ضحايا المحرقة. لم يتم التعرف على مرتكبي ذلك لكن الرسالة كانت واضحة للجميع. حصلت السرقة قبل إحياء ذكرى قتل يهود وتخريب ممتلكاتهم تعرف باسم “كريستلنخت”، أو ليلة الكريستال عام 1938.
وقالت سيلفيا كافيتش المسؤولة عن نحو سبعة آلاف لوحة صغيرة في برلين، تنقش عليها اسماء ضحايا النازية وغالبيتهم من اليهود، “انها المرة الاولى التي يتم فيها سرقة الكثير في غضون ايام قليلة”.
من جهته، قال فنزل ميشالسكي، ممثل هيومن رايتس ووتش في المانيا، إن معاداة السامية “اصبحت أقوى وأكثر عنفا”.
بدوره، اعتبر الرئيس الحالي للمجلس المركزي لليهود جوزيف شوستر في مقابلة مع صحيفة “بيلد ام سونتاغ” ان هناك “الكثير من الجرأة اليوم لقول ما كنا دائما نفكر فيه لكننا لم نجرؤ على الافصاح عنه”.
وضعت المانيا ذكرى المحرقة في صلب هويتها بعد الحرب. لكن المحرمات بدأت بالسقوط مع الاختفاء التدريجي للشهود والناجين من الابادة الجماعية.
وشكل دخول اليمين المتطرف مجلس النواب في ايلول/سبتمبر نقطة تحول. وقد وصف احد كوادره نصب المحرقة في برلين بانه “ذاكرة العار”. ويضم هذا اليمين عددا من المجاهرين بمعاداة السامية في صفوفه.
كما ان الخبراء ينددون ايضا بتطرف بعض المسلمين، وخصوصا من الاقلية التركية القوية، ممن يتأثرون بخطاب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
واكد ميشالسكي انه “بالنسبة لهم، كل ما يقوله مقدس، لكن اردوغان معاد للسامية بشكل عنيف”.
حصص مدرسية
وهناك ظاهرة اخرى مثيرة للقلق بشكل خاص هي معاداة السامية في ساحات المدارس، وخصوصا بين الشبان المسلمين.
وفي برلين، يقول مدرسون ان عبارة “انت يهودي” أصبحت احدى اكثر الشتائم انتشارا.
وذكر احد المدرسين في تقرير كتبه حول هذه المسالة “بمجرد أن تتحدث عن اليهود او اليهودية، سرعان ما يؤدي ذلك الى انتفاضة صغيرة في الفصول الدراسية”.
كما يدور جدل حاد حول وصول مليون و200 الف لاجئ تقريبا منذ عام 2015، “بعضهم نشأ مع خطابات معادية لاسرائيل وللسامية”، وفقا لشوستر، رغم انه لم يتم حتى الآن الحصول على ارقام رسمية تربط بين تزايد اعمال معاداة السامية واللاجئين.
وقدم مسؤول في مدينة برلين اقتراحا ينص على الزامية تنظيم جميع المدارس زيارة لاحد معسكرات الاعتقال كما هي الحال في مقاطعة بافاريا.
من جهته، يقول غونتر مورش مدير النصب التذكاري في معسكر ساكسنهاوزن ان “مستوى التربية والتعليم يشكل عاملا حاسما اكثر من الاصل الجغرافي للاجئين”.