باريس- اعتمد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لهجة حازمة الثلاثاء في اليوم الأول من زيارته لجزيرة كورسيكا مستبعدا العفو عن مساجين وهو ما يشكل أحد المطالب الكبرى للقوميين في كورسيكا.
وحال وصوله اكد ماكرون ضرورة وضع “مستقبل” لكورسيكا “في الحضن الجمهوري” ما بدا رفضا لاحد المطالب الرئيسية للقوميين المتمثل في الاعتراف بخصوصية هذه الجزيرة المتوسطية الفرنسية وادراج ذلك في الدستور.
ويثير هذا المطلب جدلا واسعا في فرنسا التي يقوم نظامها على مركزية شديدة بداعي “عدم تقسيم” الجمهورية.
وشدد ماكرون خلال تكريم المحافظ كلود ارينياك، بعد عشرين عاما بالضبط على اغتياله في اجاكسيو برصاص أحد المطالبين بالاستقلال عن فرنسا، ان هذه “الجريمة (..) لا يمكن تبريرها ولا يمكن الدفاع عنها ولا يمكن تفسيرها” مؤكدا ان العدالة ستاخذ مجراها “دون مجاملة او نسيان او عفو”.
وأغلق بذلك الباب امام احد المطالب الرئيسية التي يدافع عنها القياديان القوميان في الجزيرة رئيس المجلس التنفيذي جيل سيميوني الحاضر في الموكب، ورئيس البرلمان الاقليمي جان غي تالاموني الغائب عن المناسبة.
وعلى غرار النواب القوميين الثلاثة الذين حضروا الموكب لم يصفق سيميوني لخطاب ماكرون.
وكان سيميوني وهو محام سابق، دافع عن القومي الذي دين في اغتيال المحافظ.
ومن المقرر ان يعقد سيميوني وتالاموني مساء الثلاثاء اجتماعا مع ماكرون قبل خطاب مرتقب جدا بعد ظهر الاربعاء.
وكثف جيل سيميوني وجان غي تالاموني التصريحات في الايام الاخيرة لدعوة السلطة الى “حوار بدون محرمات” مع التشديد على ضرورة اخذ مطالبهما بشأن حكم ذاتي اوسع بعين الاعتبار وخصوصا اعلان اللغة الكورسيكية لغة رسمية ثانية.
وقال سيميوني “هناك فرصة تاريخية للخروج من منطق النزاع”.
وكانت كورسيكا الجزيرة البالغ عديد سكانها نحو 330 الف نسمة، لعقود مسرحا لأعمال عنف تمثلت بأكثر من 4500 هجوم أدى معظمها الى اضرار مادية وتبنت الجزء الاكبر منها جبهة التحرير الوطني لكورسيكا.
وسلمت هذه المجموعة السلاح في 2014.
وندد ماكرون بشدة ب “جبن” مغتالي المحافظ الذين اقترفوا “احد الافعال الارهابية التي عانت امتنا وحشيتها مؤخرا” في اشارة الى اعتداءات جهادية في السنوات الاخيرة.
وأضاف انه من خلال تدشين ساحة كلود ارينياك في مكان اغتياله “نؤكد وحدتنا التي لا تنفصم في الجمهورية” التي عليها ان “تهيىء لكورسيكا مستقبلا في مستوى طموحاتها بدون التهاون مع المطالب التي تخرجها من الحضن الجمهوري”.
ووصل ماكرون الى كورسيكا برفقة دومينيك ارينياك، ارملة المحافظ التي عادت الى اجاكسيو مع ولديها للمرة الاولى منذ 6 شباط/فبراير 1998.
وقالت الارملة “آمل الا تضعف الجمهورية ابدا في كورسيكا” مشيدة بزوجها الراحل في هذا “المكان اللعين” الذي قالت انها اعتقدت انها لن تعود اليه ابدا.
واثار اغتيال كلود ارينياك اول محافظ يقتل في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية، تعاطفا كبيرا في كورسيكا التي شهدت في الايام التي تلت اغتياله اكبر تظاهرات تشهدها اجاكسيو وباستيا. ويقبع عناصر الكومندس الذي اغتال المحافظ وبينهم ايفان كولونا في السجن.
ومنذ اغتيال المحافظ ارينياك، طوت القومية الكورسيكية في 2014 صفحة العمل السري والاعتداءات، قبل ان تفوز في صناديق الاقتراع ممثلة بثلاثة نواب من أصل أربعة عن الجزيرة في 2017 ثم تحصلت على أكثرية مطلقة في الانتخابات المحلية في كانون الاول/ديسمبر.
ولا يطالب القادة الكورسيكيون باستقلال الجزيرة بل الاعتراف بخصوصيتها وادراج ذلك في الدستور الفرنسي. ومثل كاليدونيا الجديدة والمارتينيك، يطالبون ايضا بمنح الجزيرة وضعا ضريبيا واجتماعيا خاصا والاعتراف بلغتها كلغة رسمية أخرى ونقل السجناء الكورسيكيين الى مسافة أقرب.