واشنطن- في خطوة تحوّل مهمة في اكتشافات الكون، حققت شركة سبيس إكس الأميركية لإنتاج مركبات الفضاء والصواريخ، أكبر إنجاز لها في مشاريع الفضاء، عندما تمكنت من إطلاق أضخم وأقوى صاروخ في العالم وهو صاروخ فالكون الثقيل، متفوقة بذلك على وكالة ناسا الأميركية.
وبذلك تكون شركة سبيس إكس قد كسرت السيطرة الحكومية في هذا المجال، وأدخلت للفضاء أول صاروخ تابع للقطاع الخاص.
وشبَّهت صحيفة الحياة اللندنية هذا الإنجاز بالثورة التي أحدثها الملياردير بيل غيتس، عندما نقل المعلوماتيّة من سيطرة الدولة على علوم الكومبيوتر، لتصبح مساحة لا نهاية لها للنشاط الفردي والخاص، عبر نظام “دوس”، الذي وُلِد نظام “ويندوز” من رحمه.
وبذلك يكون صاحب شركة سبيس إكس الملياردير إيلون ماسك، قد نقل الاستثمار العلمي في مشاريع الفضاء إلى القطاع الخاص، عبر صاروخ من نوع “فالكون” قابل لإعادة الاستخدام أطلقه العام الماضي، ثم وصل بسرعة إلى صاروخ معد للدوران في الكون والوصول إلى المريخ.
الأمر الطريف في هذا الحدث الضخم، أن الصاروخ يحمل سيارة كهربائيّة، ستدور حول كوكب المريخ، وذلك بعد سلسلة من الروبوتات الفضائية كـ”مارس باثفايندر”.
والسيارة التي يحملها الصاروخ هي “رودستر تيسلا” إلى الكوكب الأحمر، ستطير في المدار لمليار عام قادمة.
وهدر فالكون هيفي أثناء انطلاقه من منصة الإطلاق مخلفاً سحباً من البخار والدخان والرماد، الساعة 3:45 عصراً بالتوقيت المحلي (2045 بتوقيت غرينتش)، في مركز كنيدي للفضاء في كيب كنافيرال.
وتسنى سماع الهتاف الصاخب للعاملين في سبيس إكس من مقرها في هاوثورن بولاية كاليفورنيا، حيث أذيعت لقطات حية لعملية الإطلاق. وتعالى هتاف ألفي شخص على الأقل، تابعوا إطلاق الصاروخ من منطقة قرب كوكو بيتش على بُعد ثمانية كيلومترات من مركز الفضاء.
وخلال 3 دقائق انفصل محركان على جانبي الصاروخ، في إحدى اللحظات الحاسمة في الاختبار.
وبفضل تكنولوجيا سبيس إكس الرائدة لاستخدام الصواريخ المستعملة، وهو ما يعني تكلفة أقل، عاد المحركان الجانبيان بأمان إلى الأرض، واستقرَّا على منصتي هبوط في محطة كيب كنافيرال الجوية، بعد نحو 8 دقائق من الإطلاق.
والصاروخ فالكون هيفي مصمم لوضع حمولة يصل وزنها إلى 70 طناً في مدار قريب من الأرض، بتكلفة 90 مليون دولار لكل عملية إطلاق. ويعادل هذا مثلي قدرة الحمولة لأكبر الصواريخ، في أسطول الفضاء الأميركي وهو الصاروخ دلتا 4 هيفي.
ويجعل اختبار الإطلاق فالكون هيفي أقوى صاروخ قيد التشغيل في الفضاء، إذ يمكنه نقل حمولة أكبر من أي مركبة فضائية انطلقت منذ إطلاق الصاروخ ساترن 5 التابع لإدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا)، الذي أحالته ناسا للتقاعد عام 1973، أو الصاروخ السوفيتي إنيرجيا، الذي انطلق في آخر مهمة له عام 1988.
وأطلق ماسك على الصاروخ اسم “الوحش”، نظراً لقوته وحجمه الضخم، فالجزء الأول من الصاروخ الذي يبلغ طوله حوالي 70 متراً يضم 3 صواريخ فالكون 9، وبنواة 9 محركات.
وتولد المحركات قرابة 2 مليون و200 ألف كيلوغرام من الضغط عند الإقلاع، أي ما يعادل قوة دفع نحو 18 طائرة بوينغ 747.
ويعد صاروخ “زحل الوحش 5” الذي أطلقته وكالة الفضاء الأميركية “ناسا”، سنة 1973، أضخم صاروخ جرى إطلاقه من الأرض.
تحقيق النجاح في إطلاق صاروخ بحجم “فالكون الثقيل”، يعطي دفعة مهمة للبدء في تطوير صواريخ أكبر، التي يمكن أن تساعد في إرسال الناس إلى المريخ، والتي قد تكون جاهزة للإطلاق في منتصف 2020، بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
وقال ماسك في مؤتمر صحفي بعد الإطلاق، إن مركبة الإطلاق، التي توقعت سبيس إكس ألا تنجو، سقطت في المحيط الأطلسي بسرعة 483 كيلومتراً في الساعة.
وأشاد إمبراطور وادي السيليكون بعملية الإطلاق، واصفاً إياها بالانتصار و”مبعث راحة كبرى”.
وقال ماسك: إنه أراد إرسال “أتفه شيء يمكن أن نتصوره.. وأنه أحبّ فكرة أن تبحر سيارة في الفضاء لربما يكتشفها مخلوق فضائي في المستقبل بعد ملايين السنوات.
وهنأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب شركة سبيس إكس، وصاحبها إلون ماسكن، واعتبر هذا إنجازاً لشركاء ناسا التجاريين والعالميين، ولمواصلة إظهار براعة أميركا وإبداعها.
وكانت سبيس إكس أعلنت أنها تعتزم استخدام الصاروخ فالكون هيفي لإرسال اثنين من السائحين، في جولة مدفوعة الأجر حول القمر وإعادتهما. لكن ماسك قال إنه يميل الآن إلى تأجيل هذه المهمة لحين تطوير نظام إطلاق أقوى في سبيس إكس.