بودغوريتسا – مع انها لم تكن حربهم، اجبر القتال في كوسوفو عشرات الآلاف من غجر الروما كبش المحرقة الابدي في حروب البلقان، على الرحيل.
ففي مونتينيغرو المجاورة، يعيش في مخيم كونيك بضواحي بودغوريتسا الفان من غجر الروما في شقق حصل عليها الاوفر حظا منهم في حاويات اعدت لهذا الغرض.
وهؤلاء فروا من كوسوفو قبل نحو عشرين عاما ومتهمون من قبل حركة التمرد الانفصالية لالبان كوسوفو بالتعاون مع القوات الصربية في حرب اسفرت عن سقوط 13 الف قتيل معظمهم من الالبان (1998-1999). وهو اتهام بلا دليل في اغلب الاحيان.
كان سيردجان بافتيجاري (25 عاما) طفلا عندما غادر غراتشانيتسا المدينة التي تضم احد اجمل الاديرة الارثوذكسية في كوسوفو. وقد حدث ذلك في صيف 1999 عندما انقلب الوضع واجبرت غارات حلف شمال الاطلسي بلغراد على سحب قواتها ليسيطر “جيش تحرير كوسوفو” على الاراضي.
وقال سيردجان “كان الالبان يكسبون الحرب”. واضاف ان “الامر لم يكن مريحا للصرب وكنا نعيش في بلدة ذات غالبية صربية. شعرنا بالخوف”، مؤكدا ان عائلته دفعت ثمن عدم انحيازها الى اي طرف.
قالت المنظمة غير الحكومية المستقلة “هومانيتيريان لو سنتر” التي تتخذ من بلغراد مقرا لها، ان غجر الروما وقعوا “ضحايا تجاوزات خطيرة عند تدخل الحلف الاطلسي”.
واضافت انهم اجبروا من قبل صرب احيانا “بدفن جثث مدنيين البان ومقاتلين من +جيش تحرير كوسوفو+ وحفر خنادق للجيش والشرطة والقيام بعمليات نهب وتدمير لممتلكات البانية”.
وتفيد تقديرات عدة ان عددهم كان يبلغ قبل النزاع حوالى مئة الف شخص. وقال غازمين سالييفيتش الذي ينشط في الدفاع عن قضية غجر الروما في كوسوفو، ان عددهم انخفض اليوم الى نحو 35 الفا بعد عودة آلاف اللاجئين.
والذين بقوا تعرضوا للاسوأ. وحسب فرع المنظمة غير الحكومية نفسها في كوسوفو قتل 240 منهم او فقدوا.
وأضاف سالييفتش ان “غجر الروما كانوا بمثابة اضرار جانبية في كل النزاعات في يوغوسلافيا السابقة. بشكل ما، من السهل مهاجمتنا. لا احد يقف وراءنا ولا دولة ولا نظام لحمايتنا”.
وبمساعدة اوروبية، كثفت مونتينيغرو جهود بناء شقق لهم. الهدف هو ازالة المساكن الهشة في 2018.
وقال الفيش بيريشا من منظمة “سيروا معنا” التي تسعى من اجل تعليم ابناء غجر الروما “بالتأكيد السكن في شقة افضل من العيش في حاوية”، لكن “هذا المكان يسمى حي +غارافي+” وهي كلمة مهينة للحديث عن غجر الروما.
وكغيرها من حوالى خمسين عائلة، تنتظر اسرة فردي بهتيري (28 عاما) هذا المسكن. بانتظار ذلك ربط حاويتين ببعضهما لتأمين سكن لزوجته وابنائهما الخمسة الذين يؤمن لهم معيشتهم بالعمل في تفريغ شاحنات في سوق بودغوريتسا ليحصل على ما بين 5 و15 يورو يوميا.
والمياه الجارية غير متوفرة والمراحيض المشتركة معطلة. لذلك يجب الذهاب الى اقرباء حالفهم الحظ بالحصول على شقق. وتتسرب المياه من بعض الانابيب فيتوجه المقيمون في هذه المنطقة اليها للحصول عليها بينما يلهو الاطفال وسط القمامة.
ويهتيري الذي جاء من ميتروفيتسا بشمال كوسوفو متأكد من ان غياب الشروط الصحية هو سبب اصابة ابنته الصغرة عايدة (18 شهرا) بتشمع الكبد. وهي تحتاج لعملية جراحية في الخارج لكنه لا يملك المال للقيام بذلك.
ومع ذلك، اكد بهتيري انه “لن يعود ابدا الى كوسوفو”. وقال “اطفالي ولدوا هنا ووالدي دفنا هنا”. لكنه اضطر مثل يافتيجاري للعودة لفترة قصيرة الى كوسوفو للحصول على جواز سفر لتجنب البقاء بلا جنسية.
في الواقع، قلة من هؤلاء اللاجئين تمكنوا من الحصول على الجنسية في مونتينيغرو.