العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تدخل شهرها الثاني
أنقرة- تدخل العملية العسكرية التي تنفذها تركيا ضد قوات كردية في عفرين بشمال سوريا الثلاثاء شهرها الثاني بدون أن تتمكن حتى الآن من تحقيق تقدم واضح، وسط خلافات متصاعدة مع واشنطن.
والعملية التي تشنها القوات التركية مع فصائل سورية موالية لها منذ 20 كانون الثاني/يناير تستهدف على ما تقول أنقرة مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية الذين تصنفهم أنقرة “إرهابيين”، فيما تدعمهم واشنطن في تصديهم لتنظيم الدولة الإسلامية.
وشهدت العملية التي تطلق عليها أنقرة اسم “غصن الزيتون” إرسال قوات برية وتنفيذ ضربات جوية ومدفعية على المنطقة.
وبالرغم من إقرار أنقرة بسقوط 32 جنديا، فهي تؤكد أن الهجوم يجري “كما هو متوقع” وأعلن الرئيس رجب طيب إردوغان السبت أن القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها سيطرت على منطقة مساحتها “300 كلم مربع” في منطقة عفرين.
ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات التركية والفصائل الموالية لها تمكنت من السيطرة على 33 قرية وبلدة، لكنها تقع بمعظمها في المناطق الحدودية إلى شمال منطقة عفرين.
ووثق المرصد مقتل نحو 95 مدنياً جراء الهجوم التركي، فيما تنفي أنقرة استهداف المدنيين في عمليتها التي تقول انها موجهة ضد المواقع العسكرية للمقاتلين الاكراد. كما أفاد عن سقوط حوالى 240 من مقاتلي الفصائل الموالية لتركيا و200 من عناصر الوحدات.
وقالت المديرة المشاركة في مركز الأبحاث الدولية للعلوم السياسية في باريس جنى جبور “ينبغي التمييز ما بين الخطاب السياسي، بل حتى الدعاية السياسية، والواقع على الأرض”.
وأوضحت الباحثة التي صدر لها كتاب بعنوان “تركيا، ابتكار دبلوماسية ناشئة” أنه “على الأرض، تواجه تركيا صعوبة في التقدم” ولا سيما بسبب “التنظيم الجيد لقوات وحدات حماية الشعب الكردية وقدرتها القتالية العالية”.
وأقر المحلل العسكري التركي عبدالله أغار “لا نعرف كم من الوقت ستستمر المقاومة”، مشيرا إلى أن الجيش التركي لم يدخل بعد مدينة عفرين بسبب المخاطر التي تهدد المدنيين.
ورأى أنه بالرغم من عدم تمكن تركيا من السيطرة سوى على “حوالى 15 بالمئة من مساحة” عفرين، إلا أن العملية كان لها وقع شديد على معنويات المقاتلين الأكراد.
وأشارت جبور إلى أنه “بالرغم من الصعوبات التي تواجهها تركيا في تحقيق تقدم فعلي على الارض، فإن الحكومة والرئيس إردوغان يصعدان اللهجة ويطوران خطابا يفترض أن يوطد مشاعر العزة الوطنية ويحمل الشعب على الالتفاف حول السلطة”.
والواقع أن حزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد هو الحزب الوحيد في تركيا الذي عارض العملية.
كما أن أي انتقاد علني يتعرض لعقوبة شديدة، وأوقف 786 شخصا لتظاهرهم ضد عملية عفرين أو بتهمة “نشر الدعاية على شبكات التواصل الاجتماعي”، بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، أدت العملية إلى تصعيد التوتر بين أنقرة وواشنطن، وهددت تركيا مؤخرا بتوسيع هجومها نحو الشرق وخصوصا مدينة منبج التي تسيطر قوات سوريا الديموقراطية عليها وحيث تنشر واشنطن قوات، ما أثار مخاوف من وقوع مواجهة عسكرية بين قوات الدولتين الشريكتين في الحلف الأطلسي.
سعيا للتخفيف من حدة التوتر، قام وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بزيارة الخميس والجمعة إلى أنقرة، أجرى خلالها محادثات مطولة مع اردوغان ووزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو.
وفي ختام هذه الزيارة، اتفقت واشنطن وأنقرة على العمل “معا” في سوريا لتخطي الأزمة، على ان يشكل حل الخلاف المتعلق بمدينة منبج “أولوية”.
وبالرغم من خلافاتها مع واشنطن، يتعين على تركيا أن تأخذ بالاعتبار كذلك مصالح روسيا، الحليفة الأساسية لنظام دمشق والتي تسيطر على المجال الجوي في شمال سوريا.
وإن كان محللون يشيرون إلى أن التدخل العسكري التركي ما كان سيتم بدون موافقة ضمنية من روسيا، إلا أن موسكو قامت بإغلاق المجال الجوي أمام طائرات أنقرة لعدة أيام بعد اسقاط طائرة روسية في محافظة ادلب، وهي منطقة مشمولة باتفاق “خفض التوتر” وخاضعة لمراقبة تركية، بموجب اتفاق أستانا الموقع بين تركيا وإيران وروسيا العام الماضي.
وازداد الوضع تعقيدا مع إعلان الإعلام الرسمي السوري الاثنين ان قوات شعبية موالية للحكومة ستدخل عفرين “خلال ساعات” للتصدي للهجوم التركي.
وبحسب وسائل الإعلام التركية، فإن إردوغان أبلغ نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال مكالمة هاتفية بأن أي مساعدة ستقدمها دمشق لوحدات حماية الشعب في عفرين “سيكون لها عواقب”.