ضعف “كوشنير” وتراكم ديونه.. خطر يهدد قواعد البيت الأبيض
واشنطن- في 28 فبراير/شباط الماضي، خسر جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأحد كبار مستشاريه، حق الاطلاع على المعلومات المصنفة سرية للغاية في البيت الأبيض.
فقد قررت الإدارة الأمريكية، خفض تصريح كوشنر الأمني من مستوى “سري للغاية” إلى “سري”، ما حدّ من قدرته على الاطلاع على المعلومات شديدة السرية.
وكان كوشنر، المكلف بملف مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، حتى وقت قريب يطلع على المعلومات والوثائق “بالغة السرية”، على الرغم من أنه لا يمتلك سوى تصريح أمني مؤقت.
لكن البيت الأبيض قرر إعادة النظر في الإجراءات المتبعة، بعدما اتضح أن مستشارا آخر للرئيس، وهو روب بورتر، عمل عن قرب مع ترامب طيلة أشهر دون أن يمتلك تصريحا أمنيا كاملا.
واستقال بورتر مؤخرا، بعد اتهامات له بأنه كان يتعدى على زوجتيه السابقتين.
وبحسب صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية، فإن ترامب كان بإمكانه منح كوشنر تصريحا أمنيا دائما، لكنه قرر أن يترك الأمر إلى كبير موظفي البيت الأبيض، جون كيلي.
وقال ترامب للصحفيين يوم الجمعة الماضي: “سأترك الجنرال كيلي يتخذ ذلك القرار. ما من شك لديّ في أنه سيتخذ القرار السليم”.
وهنا توضع علامات استفهام حول سبب امتناع ترامب عن منح كوشنر، تصريحا للاطلاع على المعلومات شديدة السرية للبيت الأبيض.
وكوشنر، يتمتع بمكانة شخصية قريبة من الرئيس الأمريكي وعائلته، بصفته زوج ابنته، قبل أن يكون مسؤولا.
ضعيف الخبرة
صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية نشرت تقريرا في هذا الخصوص، ركزت فيه على علاقات كوشنر التجارية الخارجية مع بعض الدول.
وذكرت الصحيفة أن علاقات كوشنر هذه، بصفته رجل أعمال، أثارت مخاوف بعض المسؤولين من إمكانية حدوث تداخل بين المال والسياسة.
ونقلت عن مسؤولين مطلعين على معلومات استخباراتية (لم تسمّهم) أن أربعة دول على الأقل (الإمارات والصين وإسرائيل والمكسيك)، ناقشت سرا إمكانية الاستفادة من كوشنر، كونه ضعيف الخبرة في مجال السياسة الخارجية والصعوبات المالية، وترتيباته التجارية المعقدة.
وبحسب الصحيفة، قال المسؤولون إن “علاقاته مع مسؤولي حكومات أجنبية أثارت المخاوف داخل البيت الأبيض، وكانت أحد أسباب منعه من الاطلاع على المعلومات السرية للغاية بالبيت الأبيض”.
وقالت “واشنطن بوست” إن هربرت ماكماستر، مستشار الأمن القومي لترامب، علم بأن كوشنر كان يقيم علاقات مع مسؤولين أجانب، دون تنسيق مع مجلس الأمن القومي أو الإبلاغ عن تلك العلاقات رسميا.
ونقلت عن مسؤولين سابقين وحاليين (لم تذكرهم) قولهم إن تلك العلاقات بين كوشنر والمسؤولين الأجانب كانت تثار “يوميا” خلال اجتماعات مسؤولي الاستخبارات.
وقالوا إنه منذ البداية، كان مسؤولون بالإدارة الأمريكية ينظرون إلى عدم خبرة كوشنر السياسية وديونه التجارية، “على أنها نقاط ضعف محتملة يمكن أن تستغلها حكومات أجنبية للتأثير عليه ومن ثم الاستفادة منه”.
قلق تجاه كوشنير
مسؤول أمريكي سابق آخر، نقلت عنه الصحيفة (دون أن تسميه)، قوله إن “مسؤولي البيت الأبيض قلقون من إمكانية أن يكون كوشنر”ساذجا وسهل الاستدراج في محادثاته مع الأجانب”.
وأوضح أن بعض المسؤولين الأجانب كانوا يبدون رغبتهم في التحدث مباشرة مع كوشنر، دون غيره من المسؤولين المخضرمين.
وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن مستشار الأمن القومي، هيربرت رايموند ماكماستر، “أصيب بالفزع” بسبب بعض علاقات كوشنر الخارجية التي تجري بدون تنسيق مع مجلس الأمن القومي، وأبدى رغبته في إيجاد تفسير لذلك.
وأوضح المسؤولون أن بعض الحكومات الأجنبية تناقش “بشكل روتيني”، سبل قد تمكنها من التأثير على مسؤولين كبار في جميع الإدارات الأمريكية.
وذكرت “واشنطن بوست” نقلا عن مصادرها، أن مسؤولين إماراتيين رأوا في كوشنر منذ ربيع 2017 شخصية سياسية “قابلة للتلاعب”، بسبب بحث عائلته عن مستثمرين أجانب في شركتها العقارية.
ولفتت الصحيفة أنها لم تتلق ردا من مسؤولين في سفارات الصين وإسرائيل والإمارات عندما طلبت منهم التعليق على الأمر.
وفي ديسمبر/ كانون أول عام 2016، التقى كوشنر ومستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأمريكي مايكل فلين، السفير الروسي، سيرغي كيسلياك، في برج ترامب بنيويورك.
وأثار هذا اللقاء شبهات لدى السلطات الأمريكية، حول علاقة كوشنر مع روسيا ومدى فاعلية ذلك وتأثيره على الانتخابات الأمريكية.
وفي 12 من الشهر نفسه التقى كوشنر مع المصرفي الروسي، سيرغي غوركوف، بناء على طلب من كيسلياك، على حد تعبير كوشنر، باعتباره رجل ذو صلات مباشرة مع الرئيس فلاديمير بوتين.
ويشدد كوشنر على أنه لم يناقش مع غوركوف العقوبات أو مصالح تجارية أو قضايا تتعلق بالسياسة العامة، ولم يتصل به ثانية منذ ذلك التاريخ.
كما عزز امتلاك رجل الأعمال الروسي، يوري ملنر، أسهما في شركة، تأسست عام 2014 ويملكها كوشنر، الشبهات حول علاقات سرية تربط الأخير بموسكو.
إضافة إلى حضور “داشا زوكوفا” زوجة “رومان أبراموفيتش”، رجل الأعمال الروسي وصديق بوتين، حفل تنصيب الرئيس الأمريكي في 20 يناير/كانون الثاني 2017، بناءً على دعوة من قبل إيفانكا ابنه ترامب.
وكان جدل مماثل قد أثير حول كوشنر العام الماضي، عندما نشر دونالد ترامب الابن (نجل الرئيس الأمريكي)، رسائل تبادلها مع شخص آخر (لم تكشف هويته).
هذه الرسائل، حاول فيها الشخص المذكور تنسيق جلسة مع كوشنر ومحامية روسية تدعى “ناتاليا فيسيلنيتسكايا “، كانت قد وعدت بتزويدهم بمعلومات قد تُجرّم منافسة أبيه، هيلاري كلينتون، مرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأمريكية التي جرت في 8 نوفمبر/تشرين الأول 2016.
وأنكر كوشنر تقارير إعلامية تحدثت عن محاولته فتح “قنوات اتصال سرية” مع الرئيس الروسي.
وأشار إلى أن جميع محاولاته للاتصال مع الروس كانت تركز على تحسين العلاقات من أجل التعامل مع القضية السورية “والكارثة الإنسانية المستمرة” هناك.
وجاء ذلك على خلفية اتهام الكونغرس الأمريكي، موسكو، بالتدخل في الانتخابات الأمريكية، والتأثير على نتيجتها، فيما ترفض روسيا هذه الاتهامات.