قصة سوري فتحت له ميركل أبواب ألمانيا وصوّت ضدها
برلين- حينما أغلقت الأبواب في وجه الشاب السوري جهاد تللو وأسرته عام 2012 في أوج الثورة وغادر بلاده مضطرا وهو ابن 19 عاما، فتحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل له ولغيره من اللاجئين السوريين الأبواب ليستقر في ألمانيا.
ومع ذلك، قرر جهاد تللو -الذي انخرط في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني- التصويت في استفتاء داخل الحزب ضد ائتلاف حزبه مع الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تترأسه ميركل لتشكيل حكومة جديدة.
ورغم تصويت نحو ثلث أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي ضد الائتلاف مع ميركل، فإن رفض جهاد تللو “للائتلاف الكبير” الذي يعني المشاركة في حكومة ترأسها ميركل -صاحبة سياسة الأبواب المفتوحة- كان ملفتا لدرجة كبيرة، مما جعله محط أنظار وسائل الإعلام.
فجهاد -الذي وقف مرات عديدة أمام وسائل إعلام ألمانية في المقر الرئيسي للحزب الاشتراكي ببرلين (بيت فيلي برانت)- أوضح أن تقديره الإنساني لفتح ميركل الحدود، لا علاقة له برفض مشاركة حزبه الاشتراكي في حكومة ترأسها.
وأرجع قراره لاقتناعه بأن بقاء الاشتراكيين في مقاعد المعارضة هو الأفضل للحزب، لاستعادة طابعه المميز وثقة الناخبين الألمان.
ولفت جهاد إلى أن حرية الخلاف داخل الأحزاب السياسية الألمانية بلا سقف، خاصة في القضايا المصيرية المتعلقة بهذه الأحزاب أو مستقبل البلاد، ورأى أن هذه الحرية دفعته للتصويت باستفتاء الحزب الاشتراكي ضد المشاركة في حكومة ميركل الجديدة.
تنازلات كبيرة
كما عزا هذا الرفض إلى “تقديم الحزب تنازلات كبيرة لشريكه المسيحي خاصة بموضوع استمرار تقليص إجراءات لمّ شمل اللاجئين”.
وأتاحت مشاركته في حملتي الحزب الاشتراكي بانتخابات ولاية العاصمة الألمانية عام 2016، وفي انتخابات برلمان البلاد (البوندستاغ) في العام التالي، خبرة جديدة للاجئ السوري بالحياة السياسية الألمانية.
وبعكس العالم العربي، يرى جهاد أن العمل السياسي في ألمانيا بعيد عن خطر الملاحقة والقمع، مما ساهم في توسيع أفقه السياسي وأتاح له الفرصة للاطلاع على أفكار جديدة وتبادل تصوراته السياسية مع الآخرين.
ويمثل الشاب السوري واحدا من بين سبعة آلاف أجنبي مقيمين في ألمانيا أعضاء بالحزب الاشتراكي، الذي تميز عن باقي الأحزاب السياسية بسماحه لغير الحاملين للجنسية الألمانية بالحصول على عضويته.
أسرة سياسية
حماسة تللو في الحياة السياسية تستمد جذورها من أسرته، فوالده فواز تللو سجن خمس سنوات من عام 2005 بسبب أنشطته المعارضة ومشاركته في إصدار “إعلان دمشق”.
وذكر جهاد أن هذه الخلفية واهتمامه بالسياسة شجعاه على الحصول عام 2016 على عضوية الحزب الاشتراكي، بسبب اهتمام الحزب بالعدالة الاجتماعية وانفتاحه أكثر من غيره على ذوي الأصول المهاجرة.
وحرص الشاب السوري على صقل اهتماماته السياسية بالمعرفة الأكاديمية، فالتحق عقب وصوله ألمانيا بقسم العلوم السياسية في جامعة برلين التي سيتخرج فيها الصيف القادم، وشق طريقه بسهولة داخل منظمة شبيبة الحزب الاشتراكي واختير -رغم حداثة سنه- عضوا في لجنة الاندماج والمهاجرين، وتم انتخابه في أمانة الحزب الاشتراكي ببرلين.
ويعتبر الحزب الاشتراكي الديمقراطي أكبر حزب سياسي في ألمانيا من حيث حجم العضوية، ويبلغ عدد أعضائه 463 ألفا و722 عضوا، شارك منهم 378 ألفا و437 عضوا بالاستفتاء الداخلي الذي أجراه الحزب بشأن مشاركته في حكومة الائتلاف الكبير مع الحزب المسيحي الديمقراطي، وكشف الإعلان عن نتيجة هذا الاستفتاء الأحد عن تأييد نحو 66% من المصوتين الاشتراكيين دخول حكومة ميركل الجديدة، مقابل رفض نحو 33% ذلك.