ترامب يصعد تهديداته التجارية ومستشاره الاقتصادي يستقيل احتجاجا
واشنطن- أصبح غاري كون المستشار الاقتصادي الكبير في البيت الابيض آخر ضحايا الفوضى التي تتخبط فيها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقب تقديمه استقالته فيما صعّد ترامب تهديداته بفرض رسوم كبيرة على واردات الفولاذ والالمنيوم والسيارات الأوروبية.
وفتحت الأسواق المالية الاسيوية على انخفاض الاربعاء وسط مخاوف من سعي الرئيس الاميركي إلى إجراءات أكثر حمائية، على الرغم من اغلاق الاسواق الأميركية على ارتفاع لأسباب عدة منها توقع انفراج في شبه الجزيرة الكورية ولكن بدون أن يتضح لدى المستثمرين ما اذا كان ترامب سيواصل تطبيق تدابير تجارية تقييدية.
وغاري كون هو محرك مقترح الاقتطاعات الضريبية التي وافق عليها الكونغرس في كانون الأول/ديسمبر الماضي. لكنه خسر الحرب الداخلية في مواجهة اصوات تطالب بمزيد من الحمائية في فرض الرسوم الجمركية.
وقال ترامب في بيان “غاري كان كبير مستشاري الاقتصاديين وقام بعمل رائع لتنفيذ برنامجنا” مضيفا “إنه يتمتع بموهبة نادرة واشكره على عمله المتفاني”.
وقلل البيت الابيض من أهمية ما قيل عن ان استقالة كون جاءت على خلفية فرض سياسات تجارية أكثر تشددا، لكن قبل لحظات من إعلان الاستقالة لم يبد ترامب أي مؤشر الى تراجع حتى في وجه معارضة من حزبه.
وقال ترامب للصحافيين إنه انتخب لحماية العمال والصناعات الأميركية التي تضررت إثر سنوات من سياسات تجارية غير عادلة.
واضاف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفن “تعرضت بلادنا للاستغلال من قبل الجميع. ولا يمكننا السماح باستمرار هذا بعد الان”.
لكن خطة ترامب المتعلقة بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على الفولاذ و10 بالمئة على الالمنيوم ضد الاصدقاء والخصوم على السواء، أثارت غضب الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.
كما أصابت بالذهول الشركات ومصنعي السيارات الاميركية الذين يعتمدون على تلك المعادن وعلى التدفق التجاري الحر.
بل إن اعلان فرض رسوم جمركية اواخر الاسبوع الماضي فاجأ مسؤولي الادارة الاميركية وخصوصا لان المراجعة القانونية لم تكن قد انتهت.
وسرت انباء عن احتمال استقالة كون على الفور.
ويبدو ان المدير التنفيذي السابق لغولدمان ساكس والبالغ من العمر 57 عاما، قد هُزم أمام فريق أكثر تاييدا للحمائية يضم المستشار التجاري بيتر نافارو ووزير التجارة ويلبور روس.
وقال ترامب في تغريدة إنه سيقوم “قريبا” بتعيين بديل من كون. وكتب “كثيرون يريدون الوظيفة – سأختار بحكمة”.
– معارضة جمهورية –
باستقالته ينضم كون الى قائمة طويلة من كبار المسؤولين في الادارة الذين استقالوا او اقيلوا قبل ان يكملوا عامهم الاول في مناصبهم او بالكاد فعلوا.
فقد أعلنت هوب هيكس، التي تعد من أقرب المقربين لترامب، الأربعاء الماضي إنها ستستقيل من منصبها كمديرة للاتصالات في البيت الابيض.
وجاء إعلانها بعد مغادرة كبير الموظفين رينس بريبوس ومستشار الامن القومي مايكل فلين وآخرين.
وتأكدت الأسواق الثلاثاء بأن فرض رسوم قد لا يكون أمرا سيئا وإن حربا تجارية يمكن تجنبها، لكن مغادرة كون ربما تنذر بصعوبات الاربعاء.
وخطة فرض رسوم جمركية — التي اعقبها ترامب بالتهديد بفرض “ضرائب متبادلة” على جميع الواردات من دول تفرض رسوما جمركية على الصادرات الاميركية — أثارت القلق لدى قادة في الحزب الجمهوري الذي يؤيد تقليديا تجارة حرة.
وكان رئيس مجلس النواب بول راين في الطليعة داعيا ترامب إلى خطة “أكثر ذكاء” و”محددة الهدف بشكل أكبر”.
وقال راين للصحافيين إنه فيما “يحصل انتهاك بشكل واضح” في ما يتعلق بإلافراط في الانتاج وإغراق السوق وخصوصا من جانب الصين، فإن التدابير الحمائية قد يكون لها “عواقب غير مقصودة” تفضي الى حرب تجارية.
لكن ترامب قلل مرة اخرى من أهمية المخاوف من اندلاع مواجهة عالمية قائلا “إن الحروب التجارية ليست سيئة … الحرب التجارية تضرهم. إنها لا تضرنا”.
– ردّ وردّ مضادّ –
في وقت سابق الثلاثاء أعلن وزير الخزانة ستيفن منوتشين إن ترامب مدرك “للأثر المحتمل” لتلك التدابير على الاقتصاد.
وقال منوتشين إنه يعمل على وضع تفاصيل خطة الرسوم التي ستعلن هذا الأسبوع “وأعتقد أنه سيكون لدينا طريقة للتعامل مع ذلك”.
وترامب نفسه قال بشيء من الغموض، إن التدابير ستفرض “بطريقة ودية وطويلة”.
ورغم تلك التطمينات الظاهرة، هدد الاتحاد الأوروبي بالرد مستهدفا سراويل الجينز الاميركية والويسكي الأميركي والدراجات النارية هارلي ديفيدسون.
ومن جهته توعد وزير الاقتصاد المكسيكي ايلدفونسو غوخاردو الثلاثاء بالرد على الرسوم الاميركية واستهداف “صادراتهم الأكثر حساسية سياسيا”.
وانتقد ترامب مجددا التهديد بتدابير مضادة قائلا إنه إذا قام الاتحاد الاوروبي برد “فسنفرض رسوما كبيرة بنسبة 25 بالمئة على سياراتهم، وصدقوني إنهم لن يتمكنوا من الصمود طويلا”.
وانتقد ايضا اوروبا لأنها “تجعل من شبه المستحيل علينا اتمام الاعمال معهم”.
ووسط هذا النوع من المواجهات حذر خبراء الاقتصاد من احتمال حقيقي لاندلاع حرب تجارية يمكن أن تلحق ضررا خطيرا بالاقتصاد العالمي.
وقال خبير الاقتصاد إيان شيبردسون من معهد هاي فريكوينسي إن ترامب “يلعب بالنار”.
واضاف في مذكرة بحثية “فيما تعد صناعات الفولاذ والالمنيوم صغيرة بالنسبة للاقتصاد الكلي، فإن الرسوم على هذين القطاعين يمكن أن تؤدي إلى ردود انتقامية من دول اخرى، مع احتمال أن تقوم إدارة ترامب برد مضاد على الرد المضاد”.