باريس- أوروبا بالعربي
استطاع ايمانويل ماكرون خلال عام أن يرسم صورة جديدة لبلاده على الساحة الدولية هي صورة فرنسا “العائدة” و”المبدعة” و”المنتصرة”. ولكن يبقى عليه ان يجسد طموحاته خصوصا المتعلقة منها بأوروبا.
منذ انتخابه في 7 ايار/مايو 2017، قام ماكرون بسلسلة من الجولات عبر العالم كانت موضع مواكبة اعلامية كبيرة كما كثف المبادرات الشخصية في مختلف القضايا من الملف النووي الايراني الى الازمة الليبية.
وحيثما حل يثير الرئيس الشاب والمتعجل الذي ينظر اليه باعتباره “زعيم اوروبا” الجديد، الفضول والاهتمام. وقد استقبله الرئيس الاميركي دونالد ترامب بشكل حافل في نيسان/ابريل.
وتأمل ايران الخصم اللدود لواشنطن بان تفعل الشيء ذاته خلال زيارة ماكرون طهران نهاية 2018.
ويرى رئيس الوزراء الفرنسي اليميني الاسبق جان بيار رافاران انه “بوضوح تام يمكن القول ان فرنسا استعادت (زعامة) دولية (..) هناك نوع من الطلب على ماكرون في العالم”.
وقد تكون افضل ورقاته الرابحة رغبته الكبيرة في الاصلاحات التي تمثل مفتاح مصداقية فرنسا في اوروبا في مواجهة المانيا القوية.
واعتبر بوريس توكاس وسيليا بيلين من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن ان “نجم فرنسا كان في تراجع ونموذجها اعتبر غير قابل للإصلاح (..) وادى انتخاب ماكرون الى نهاية نظريات الانحدار واعطى املا لمؤيدي اوروبا”.
-مغالاة”-
ولاحظ الباحثان ان ماكرون “اجتذب مثل المغناطيس وسائل الاعلام الدولية الباحثة عن ايقونة جديدة، حتى ان البعض مضى الى الحديث عن ماكرون المعجزة”.
واستفاد الرئيس الفرنسي الجديد ايضا من ظرف دولي مؤات مع ضمور نسبي في حضور المملكة المتحدة والمانيا على خلفية بريكست والتراجع السياسي للمستشارة انغيلا ميركل.
ومنذ انتخابه اظهر قوته من خلال الحوار مع الجميع واستقباله بتباه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قصر فرساي حين كان آخرون ينأون بانفسهم عن الزعيم الروسي.
واوضح فرنسوا ايسبورغ رئيس معهد الدراسات الاستراتيجية “انه المسؤول الاوروبي الوحيد الذي يمكنه ان يتحدث بشكل جوهري في الان نفسه مع ترامب وبوتين والسيسي واردوغان”.
لكن هل علاقته المميزة مع ترامب ونشاطه الدبلوماسي الكبير سيترجمان الى نجاحات ملموسة؟ وهل ستنقذ الاتفاق النووي مع ايران الذي يهدد الرئيس الاميركي بضربه في 12 ايار/مايو؟
يضيف ايسبورغ ان “عاما واحدا قليل جدا للحكم في مجال السياسية الخارجية” حتى وان كان بإمكان ماكرون ان يفاخر بانه نجح في نزع فتيل الازمة التي ارتبطت باستقالة رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري في الرياض.
-“نقطة ضعف” اوروبية-
في المقابل يلزم آخرون الحذر. وتساءلت انياس لافالوا المتخصصة في الشرق الاوسط “الرغبة في الحوار مع الجميع امر جيد لكن لاجل ماذا؟” مشيرة الى “المسافة الكبيرة” الدائمة لفرنسا بين ايران والسعودية العدوين اللدودين في المنطقة.
وتمضي صحيفة واشنطن بوست ابعد فهي تشك في ان يكون لماكرون ادنى تأثير على ترامب. وعلقت بسخرية “حتى الان اكتفى بجعله من محبي الاستعراضات العسكرية” على غرار استعراض 14 تموز/يوليو في باريس.
ويصطدم مشروعه لإعادة صياغة أوروبا بنوع من الجمود الالماني يضاف اليه عند دول اوروبية اخرى لامبالاة وحتى عداء. وفي الاثناء تتفشى الافكار الشعبوية في اوروبا بما في ذلك في ايطاليا.
واعتبر ايسبورغ ان “نقطة ضعفه هي اوروبا” مشيرا الى ان امامه عاما اي حتى حلول موعد الانتخابات الأوروبية في 2019 لتغيير الامور في اوروبا.
وتدعو فرنسا بإلحاح الى استحداث ميزانية اوروبية مستقلة بذاتها لدعم الاستثمارات والنمو وتنظيم استفتاءات وطنية حول اوروبا لم تثر الكثير من الحماسة.
ورأى جون سبرينغفورد من المركز الاوروبي للإصلاح بلندن ان “المؤشرات ليست مشجعة كثيرا (..) ويخشى الالمان ان يدفعوا الفاتورة”.
وفي نهاية المطاف يبدو ان ماكرون أكثر حضورا وشعبية ولكن من دون ميركل لن يكون بإمكانه فعل اي شيء في اوروبا.