ماكرون يلتقي ميركل الثلاثاء لتوطيد العلاقات بين البلدين وسط انقسامات أوروبية
باريس- أوروبا بالعربي
بعد وقوفهما معا بمواجهة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مجموعة السبع، يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المستشارة أنغيلا ميركل الثلاثاء في ألمانيا ليبحث معها بصورة خاصة في إقامة تحالفات بشأن أزمة الهجرة وإنجاز مشروع إصلاح منطقة اليورو.
وكان من المقرر أساسا أن يخصص مجلس الوزراء الفرنسي الألماني الذي يشارك فيه وزراء عديدون من البلدين، لوضع “خارطة طريق” فرنسية ألمانية لإصلاح منطقة اليورو، على أن تطرح خلال القمة الأوروبية في 28 و29 حزيران/يونيو.
وأعلن وزير المال الفرنسي برونو لومير مساء السبت في ختام اجتماع أخير مع نظيره الألماني أولاف شولتز أن باريس وبرلين باتتا قريبتين جدا من التوصل إلى اتفاق بهذا الصدد.
غير أن مسألة استقبال المهاجرين قد تطغى على هذا الملف الذي يحتل طليعة أولويات فرنسا، بعد الأزمة التي أثارتها إيطاليا برفضها استقبال سفن تقل مهاجرين قادمين من إفريقيا، ما أسقط الوضع القائم الهش في الاتحاد الأوروبي بهذا الشأن.
وحظر وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني (يمين متطرف) على سفن تقل 630 مهاجرا أنقذوا قبالة السواحل الليبية دخول مرافئ إيطاليا، وتم استقبال المهاجرين في نهاية المطاف الأحد في إسبانيا.
وسيحضر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر مجلس الوزراء المشترك بحثا عن سبل للتوصل إلى اتفاق والإعداد للقمة في نهاية حزيران/يونيو.
وميركل وماكرون متفقان على نقطة، هي أن إدارة مسألة الهجرة يجب أن تكون أوروبية، وبالتالي فهما سيسعيان لصياغة إصلاح مقبول من الجميع، حتى لو أن دولا مثل بولندا والمجر ترفض رفضا باتا فتح حدودها أمام المهاجرين.
ولا يمكن لميركل سوى أن تتبنى سياسة متشددة في هذا الملف حفاظا على ائتلافها الحكومي الهش، وقد أعلن وزير داخليتها الذي يمثل جناحها اليميني أنه يعتزم تشكيل “محور” مع نظيريه الإيطالي والنمسوي ضد الهجرة غير الشرعية.
وسعيا منه لدعمها، أعلن ماكرون الجمعة أنه “إذا اتفقت البلدان على اتخاذ قرار ما، فإن ذلك يتم على مستوى” رؤساء الدول والحكومات.
ولا تتوقع باريس التوصل في نهاية حزيران/يونيو إلى أي اتفاق أوروبي لإصلاح اتفاقية دبلن التي تنص على إعادة طالبي اللجوء إلى دول وصولهم.
في المقابل، تأمل فرنسا في التوصل إلى اتفاق مع برلين ثم على المستوى الأوروبي لتعزيز وكالة “فرونتكس” المسؤولة عن تسيير دوريات على السواحل الأوروبية، وإقامة مراكز لفرز المهاجرين في إفريقيا وتوحيد حق اللجوء.
وقال قصر الإليزيه “نأمل في التوصل إلى حد أقصى من الاتفاقيات الثلاثاء، ثم في نهاية حزيران/يونيو” على المستوى الأوروبي حول هذه المواضيع.
كما من المتوقع التوصل إلى تسوية الثلاثاء مع برلين حول إصلاح منطقة اليورو، ولا سيما إنشاء ميزانية مستقلة تمنحها قدرة على الاستثمار، وهو من كبرى طموحات الرئيس الفرنسي.
وتشير البوادر إلى أن التسوية ستكون متواضعة قياسا مع التطلعات الفرنسية، وقد حذرت ميركل بأنها ستقبل بميزانية لمنطقة اليورو لا تتخطى بضع عشرات مليارات اليورو، بعدما كانت باريس تدعو إلى مئات المليارات.
وميركل واقعة في مأزق بين جناحها الأيمن الذي يخشى أن تضطر ألمانيا إلى الدفع عوضا عن دول جنوب أوروبا التي تسرف في الإنفاق، وجناحها الأيسر الاشتراكي الديموقراطي الذي يطالبها بعدم إبداء “بخل” ودعم المواقف الفرنسية.
ومن المتوقع أيضا أن يتفق البلدان على قاعدة مشتركة بشأن الضرائب على الشركات.
وآخر ملف أساسي سيتم بحثه خلال اللقاء سيكون تعزيز الدفاع الأوروبي في وقت يهدد ترامب بخفض التمويل للحلف الأطلسي.
وأبدت ميركل “تأييدها” للطرح الفرنسي الداعي إلى استحداث “مبادرة تدخل أوروبية” تكون بمثابة هيئة أركان أزمة تضم عشرة بلدان بينها ألمانيا وبريطانيا. وتأمل باريس في التوصل إلى اتفاق الثلاثاء مع برلين لوضع المشروع على السكة اعتبارا من حزيران/يونيو.
وخصصت ميركل مدونتها الصوتية الأسبوعية السبت لمجلس الوزراء الفرنسي الألماني، مشددة على أن “هناك ضرورة أكثر من أي وقت مضى لتبقى أوروبا قوية وموحدة”، مشيرة إلى أنه على صعيد السياسة الخارجية والدفاع والأمن “بإمكان ألمانيا وفرنسا إعطاء دفع جديد لهذا التعاون”.