واشنطن- أوروبا بلعربي
يجري وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس هذا الأسبوع زيارة هي الأولى له إلى الصين وسط تصاعد التوتر بين البلدين ولكن أيضا في ظل الحاجة إلى كسب دعم بكين في المحادثات النووية مع كوريا الشمالية.
وصرح ماتيس لصحافيين بأنه يريد “اتخاذ اجراءات” حيال الطموحات الاستراتيجية للصين بعد نشرها اسلحة على جزر متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي ووسط سعيها لإظهار قوتها العسكرية في عمق المحيط الهادئ.
ويأمل ماتيس أيضا خلال جولته التي تستمر أربعة أيام وتشمل كذلك كوريا الجنوبية واليابان، في تأكيد التزام الصين الضغط على كوريا الشمالية للتخلي عن أسلحتها النووية، بعد محادثات تاريخية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-اون في سنغافورة أوائل حزيران/يونيو الجاري.
وقال ماتيس إنّ للولايات المتحدة والصين واليابان وكوريا الجنوبية “هدفًا مشتركًا: إخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي على نحو كامل ولا رجعة فيه ويُمكن التحقق منه”.
وخلال زيارته لبكين التي ستستمر من الثلاثاء إلى الخميس، سيجتمع ماتيس مع كبار مسؤولي الدفاع الصينيين. وسيتوجّه لاحقا إلى سيول لإجراء محادثات مع نظيره الكوري الجنوبي سونغ يونغ مو، على أن يزور اليابان الجمعة للقاء وزير دفاعها ايتسونوري اونوديرا.
وتهدف الاجتماعات إلى طمأنة حليفتي واشنطن بأن التزام الأخيرة حيال الدفاع الإقليمي لن يتغير بعد إعلان ترامب المفاجئ في 12 حزيران/يونيو عقب لقائه كيم أن الولايات المتحدة ستعلّق مناورات عسكرية رئيسية مشتركة مع كوريا الجنوبية.
وتأتي الزيارة إلى الصين على وقع توترات بين الطرفين تتعلق بعدة ملفات حيث انخرطت إدراة ترامب في سجال مع بكين بشأن التجارة وسرقة الأسرار الصناعية والتهديدات الالكترونية.
وفي مجال الدفاع، أثار قرار بكين نشر معدات عسكرية على جزر مرجانية اصطناعية في بحر الصين الجنوبي مخاوف أمنية في أنحاء جنوب شرق آسيا.
وفي إشارة إلى امتعاض واشنطن، سحبت وزارة الدفاع الأميركية في أيار/مايو دعوتها للصين للمشاركة في مناورات “حافة الهادئ” (ريمباك) التي تشارك فيها قوات بحرية من اكثر من عشرين دولة على مهمات مدنية بمعظمها.
وخلال مؤتمر “حوار شانغريلا” الأمني الذي عقد في سنغافورة بعد أسابيع، ندد ماتيس بالصين لاستخفافها على حد تعبيره بمصالح الدول الأخرى في بحر الصين الجنوبي.
وقال ماتيس آنذاك “رغم تصريحات الصين التي تدّعي عكس ذلك، فإن نشر تلك الاسلحة مرتبط مباشرة بالاستخدامات العسكرية بغرض الترهيب والاكراه”.
لكن الجانب الصيني الذي يصر على أن هدف نشر الأسلحة هو دفاعي رأى أن تصريحات ماتيس “غير مسؤولة” و”لا يمكن القبول” بها.
وزار ماتيس آسيا سبع مرات خلال 17 شهرا منذ أصبح وزيرا للدفاع إلا أنه لم يزر الصين ولم يلتق بعد وزير دفاعها الجديد وي فينغ خه.
وقال إن المحادثات في بكين تسعى إلى البحث في نوايا الصين الاستراتيجية بعيدة الأمد وتحديد أي مجالات محتملة للتعاون العسكري بين البلدين.
لكنه رفض توصيف العلاقة مع بكين مشيرا إلى أن ذلك قد “يسمم الأجواء” قبيل اجتماعه مع نظرائه الصينيين.
وقال “أنا ذاهب إلى هناك لأحصل على ما اعتبره (توضيحا) مباشرا منهم بشأن رؤيتهم للعلاقة الاستراتيجية” مؤكدا “أنا ذاهب إلى هناك لإجراء حوار”.
لكن مسؤولا رفيعا في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تحدث بشكل منفصل واصفا الولايات المتحدة والصين بأنهما طرفان “متنافسان على الصعيد الاستراتيجي” وملمحا إلى حاجة واشنطن لمواصلة الضغط على بكين بشأن نشاطها العسكري في بحر الصين الجنوبي.
وحذر المسؤول من أن سحب الدعوة للصين للمشاركة في “ريمباك” قد تكون “مجرد خطوة أولى”.
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الصينية رين غوكيانغ إن ماتيس يزور بكين استجابة لدعوة وجهها وي إليه.
وقال في بيان “إن إقامة علاقة عسكرية ثنائية صحية ومستقرة هو أمر يصب في المصلحة المشتركة لكل من الصين والولايات المتحدة”.
وأضاف رين أن بكين “تأمل بأن تسير الولايات المتحدة والصين نحو بعضهما البعض وأن تعملا معا على تحويل العلاقة العسكرية الثنائية إلى عامل استقرار مهم في العلاقة بين البلدين”.
وسيضم ماتيس كذلك صوته إلى المحادثات بشأن كوريا الشمالية حيث سيدعو الصين إلى التمسك بالضغط التجاري على بيونغ يانغ.
وقال إنه يناقش يوميا مع كبير المفاوضين الأميركيين وزير الخارجية مايك بومبيو ملف المحادثات مع كوريا الشمالية.
وقال مسؤول رفيع في البنتاغون أنه يأمل بأن يتم “قريبا” التوصل إلى نتائج ملموسة بما في ذلك الإطار الزمني لتنفيذ بيونغ يانغ التزاماتها.
وفي هذه الاثناء، أكد ماتيس أن المسؤولين الأميركيين ينتظرون إعادة بيونغ يانغ الوشيكة لرفات جنود أميركيين قتلوا في الحرب الكورية مطلع الخمسينات.
وقال إن الاستعدادات بدأت لاستقبال الرفات مؤكدا “نحن متفائلون” بأنّ عملية التسليم ستبدأ.