النمسا بقيادة كورتس المثير للجدل تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي
بروكسل- أوروبا بالعربي
تتولى النمسا اعتبارا من الاحد رئاسة الاتحاد الأوروبي وسط خلافات حادة حول قضية الهجرة بينما لم يكن مستشارها سيباستيان كورتز الذي وصفه دبلوماسي أميركي بانه “نجم للروك” ويسعى معارضو نظيرته الألمانية إلى التقرب منه، على الأرجح يأمل بأكثر من ذلك.
وحالف الحظ كورتز (31 عاما) القيادي المحافظ المتحالف مع اليمين المتطرف منذ كانون الاول/ديسمبر، مع التشدد الواضح من الحكومات الأوروبية بشأن استقبال طالبي اللجوء، وهي قضية تهز الاتحاد الأوروبي.
وتدشن النمسا الاحد رئاستها التي تستمر ستة اشهر للاتحاد على خلفية هذه القضية التي اكد كورتز انها ملف يحتل الاولوية خلال رئاسته للدول ال28.
ويؤكد المستشار باستمرار انه احد مهندسي اغلاق “طريق البلقان” في 2016 عندما كان وزيرا للخارجية. وقد اعتمد في صعوده وتحالفه مع حزب الحرية اليميني المتطرف على وعد بتبني سياسة بلا تنازلات في مجال الهجرة.
وقال باتريك مورو الباحث في المركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية والخبير في شؤون النمسا إن المستشار يسبب الانقسام لكنه “مواكب لعصره”.
وأضاف أن “انتقاداته لخيار انغيلا ميركل موقتا امام المهاجرين في 2015 اصبحت تشاركه فيها دول اخرى تزداد تدريجيا”، وكذلك “انتماءه الاوروبي مع الانتقادات”. فكورتز يؤكد تمسكه بالاتحاد شرط ان يمنح مزيدا من السلطات السيادية الى الدول.
ووجهة النظر هذه مطابقة لتلك التي يتبناها حزب الحرية والاحزاب الاوروبية اليمينية المتطرفة التي يدعو معظمها الى مغادرة الاتحاد الاوروبي.
وكتبت الصحيفة النمسوية “كوريير” (وسط) ان “رئاسة النمسا للاتحاد الاوروبي تؤمن للمستشار فرصة للقيادة سواء في ادارة أزمة اللاجئين او خبير تكتيكي ماهر”.
وبالنسبة للنمسا وسكانها البالغ عددهم 8,7 ملايين نسمة، يبدو الوضع السياسي مناقضا لما حدث في العام 2000 عندما تحالف اليمين المحافظ في حزب الشعب النمسوي مع اليمين المتطرف بقيادة يورغ هايدر. وكان هذا التحالف قوبل باستياء دولي كبير بينما فرض الاتحاد الاوروبي لاشهر عقوبات على النمسا.
وقال مورو انه الآن وبعد 18 عاما وبينما انتعشت الاحزاب اليمينية القومية، يبدو “كورتز شخصية معترف بها على الساحة الدولية والنمساويين فخورين به”.
ووصف السفير الاميركي الجديد في برلين مستشار النمسا بانه “نجم للروك” بينما يؤكد متمردو الحزب البافاري الاتحاد الاجتماعي المسيحي الذين يطالبون ميركل بسياسة اقل سخاء في مجال الهجرة، على “تشابه الافكار” مع فيينا.
وشعبية الحكومة في النمسا لا جدال فيها حسب استطلاعات الرأي الوطنية ايضا.
وقال الخبير السياسي توماس هوفر ان “قوة الحكومة تتمثل بتقديم صورة انسجام في اطار تسويق سياسي مكثف” خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت الخلافات السياسية مكشوفة علنا في الانتخابات التشريعية في تشرين الاول/اكتوبر، في التحالف الكبير بين الاشتراكيين الديموقراطيين والمحافظين الذي حكم لحوالي أحد عشر عاما.
وقال هوفر “اذا كانت هناك خلافات بين حزب الشعب وحزب الحرية، فان التوجيهات تقضي بالا تخرج الى العلن”.
وعندما واجه الحزب اليميني المتطرف الذي يقوده نائب المستشار هاينز كريستيان شتراخه في الاسابيع الاولى من الحكم، كشف سلسلة من القضايا المربكة حول ثقافة النازيين الجدد الراسخة في الاوساط القريبة من حزب الحرية، لم يتسرب اي موقف يدل على استياء من المستشارية.
وبدا صمت كورتز وليونته في كل الظروف اقرب الى موقف “انتهازي” على حساب القيم.
وحدث ذلك ايضا عندما توجه الى بودابست غداة تبني البرلمان المجري قانونا مثيرا للجدل ينص على معاقبة المنظمات غير الحكومية التي تساعد المهاجرين. ففي مواجهة الزعيم القومي المحافظ فيكتور اوربان لزم الصمت وفضل ان يعبر عن طموحه بان يكون “باني جسور” مع دول وسط اوروبا.
وكتبت صحيفة “فالتر” الليبرالية اليسارية ان “كورتز سيد المراوغة”. وذكرت مثلا مؤتمرا صحافيا دعا اليه في اللحظة الاخيرة ليعلن عن اغلاق مساجد بينما كان وزير الداخلية هربرت كيكل العضو في حزب الحرية، في قلب عاصفة سياسية.
فقد اتهم بتجاوز القانون لتعزيز سلطته على جهاز استخبارات استراتيجي ومكتب حماية الدستور ومكافحة الإرهاب.