رئيسي

مطالبة حقوقية بحل دولي عاجل لمأساة اللاجئين العالقين في مخيم “موريا” في اليونان

جنيف- أصدر مجلس جنيف لحقوق الإنسان والعدالة اليوم تقريرا يوثق تفاصيل مروعة لمأساة آلاف اللاجئين العالقين في مخيم “موريا” في اليونان، طالب فيه بحل دولي فوري لما يجرى من انتهاكات إنسانية في المخيم المذكور.
وقال مجلس جنيف وهو منظمة حقوقية دولية في بيان صحفي، إن مخيم موريا يستضيف حاليا ما يزيد عن ثمانية آلاف لاجئ بينما لا تتعدى طاقة استيعابه 3200 مهاجر، فيما يعيش على جزيرة لسبوس (التي يقع فيها المخيم) إجمالا حوالي 11 ألف لاجئ بحسب وزارة سياسة الهجرة اليونانية.
وحذر المجلس الحقوقي من الوضع على حافة الانفجار في مخيم موريا حيث المساحات محدودة جدا وكثيرون من اللاجئين يعيشون في خيام خارج المخيم الرئيسي.
وتلقى مجلس جنيف إفادات من لاجئين يقيمون حاليا في المخيم المذكور اشتكوا فيه من معاملة غير إنسانية وانعدام لأبسط احتياجاتهم بما يشكل إهانة لكرامتهم وتعمد لإذلالهم، ومن ذلك أن لكل 70 شخصا دورة مياه واحدة فيما الظروف الصحية متردية، وهناك ادعاءات متكررة بوقوع حالات اغتصاب أطفال ومحاولات انتحار لمراهقين.
وحذر المجلس الحقوقي من أن مخيم موريا يتحول إلى مركز اعتقال تنعدم فيها الكرامة الإنسانية لمهاجرين فروا من جحيم العنف والحروب والفقر من بلدانهم ووصلوا إلى اليونان بعد رحلة محفوفة بخطر الموت غرقا، ليجدوا أنفسهم باتوا سجناء هذا المخيم عمليا.
وكان من المفترض ألا تتجاوز مدة مكوث اللاجئ في المخيم أسبوعا ينتقل بعدها من يستحق اللجوء إلى البر اليوناني استعدادا لنقله إلى البلد المضيف، بينما يعاد من لا يستحق ذلك إلى تركيا، لكن الواقع أن مدة البقاء والانتظار والبت في طلبات اللجوء تبلغ سنوات ولا خيار أمام اللاجئ سوى الاعتصام بحبل الانتظار والصبر عسى أن يأتي الفرج. وحتى من تقدم بطلبات اللجوء تم تحديد موعد أول جلسة للبت في الطلب عام 2020 أو 2021.
وكان مخيم موريا فتح سنة 2015 بهدف جعله نقطة عبور أشخاص، لفترات قصيرة لا تتجاوز بضعة ايام، ولكن هناك من جاء إلى المخيم منذ سنوات عدة ولم يغادره بعد.
واشتكى لاجئون يقيمون في موريا من أن أحداث العنف المتكررة، وحالة الازدحام الشديد في المخيم، وتدهور الأوضاع الصحية، أضحت من سمات المخيم بالنسبة لكثيرين، وعديد اللاجئين يصفونه بأنه أسوا مخيم في العالم ويتحول عمليا إلى مقبرة.
اشتكى مهاجرون في إفادات لمجلس جنيف من أن إمدادات المياه محدودة، وعدد المراحيض لا تلبي الحاجة، فيما الخدمات الطبية تعاني من نقص شديد في الموارد، ولا يتوفر أي دعم نفسي لتخفيف حجم المعاناة، في وقت المشاجرات والقتال بشكل يومي بين اللاجئين نفسهم وتزداد بشكل مخيف.
ففي موريا تحصل كل عائلة على 1.5 لتر من الماء للشخص الواحد في اليوم ومن المتوقع أن يتم الطبخ والشرب من تلك الكمية. ويجب عليك الاستيقاظ في الساعة 4 صباحاً للتأكد من أنك ستستلم هذه المياه، والتي يتم توزيعها في الساعة 8 صباحاً، فيما الطابور طويل ويزداد التوتر باستمرار.
ورغم الجو الحار الحارق ورغم الاكتظاظ، تعيش بعض العائلات في خيام سيئة التهوية حيث لا يدخلها الهواء.
ويشهد الأطفال في المخيم على كل شيء، حيث أنهم يشاهدون والدتهم تنهار لأنها وصلت إلى الحد الأقصى من التحمل. ومع عدم وجود الأمان والاستقرار والتفكير دائما حول كيفية البحث عن أمان وسلامة الأطفال والخوف والارتباك وحماية الأطفال من التحرشات الجنسية وانتشاء الأمراض الجسدية ولاسيما لا يوجد لجان طبية وعدم توافر الأدوية الطبية لأي أمر طارئ وتحتاج إلى علاج طبي عاجل.
وأيضا ذهاب الأطفال صباحاً لينضموا إلى أمهاتهم في طابور المياه هذا يؤثر على نفسيتهم. هذا بجانب فرص محدودة للتعلم في موريا، يخشى آباؤهم من ضياع مستقبل أولادهم. من المرجح أن الأطفال السوريين دون سن العاشرة لم يروا أبداً الفصل الدراسي.
والخوف على الأطفال من اكتساب ثقافات متعددة دون الرقابة والحماية والمتابعة في ظل غياب كامل لأي حقوق للطفل في مقبرة موريا.
يجبر المهاجرون في موريا على الاستيقاظ الساعة الرابعة صباحًا للحصول على وجبة الإفطار، والتي يتم توزيعها بين الساعة 8 أو 8:30 صباحًا، تماما مثل الماء، وإذا لم يذهبوا، لا يمكنهم الحصول على طعام الفطور إطلاقا.
يتم ذلك دون مراعاة الشيوخ، القاصرين، النساء الحوامل، الأطفال والمرضى والمصابين وازدحام الطابور لأكثر من 5000 ألف لاجئ يوزع الطعام في الوقت ذاته. عليك أن تحجز مكان لاستلام وجبة الإفطار من الساعة 5:00 صباحا حتى تستلمها الساعة 8:00 صباحا. والمشهد ذاته يتكرر في وجبتي الغذاء والعشاء.
ويشتكى المهاجرون من تقديم وجبات طعام رديئة غير مكتملة الطهي وتكرار نفس نوعيات الوجبات على مدار الأسبوع فيما الكثير من الأصناف تفسد أثناء التوزيع تحت أشعة الشمس.
ويشهد المخيم مشاجرات يومية بين اللاجئين الذين يعانون من ضغط نفسي رهيب، فيما يشتكى المهاجرون من تعامل عنيف من قوات الشرطة اليونانية حال تدخلها لفض الشجارات وعادة ما ينتهي ذلك بالضرب والقمع وإخراج اللاجئين من داخل المخيم وإطلاق قنابل الغاز من دون مراعاة المرض والمسنين والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم.
وبالإجمال تعددت إفادات المهاجرين بالشكوى من انتشار الأمراض في مخيم موريا والمعاملة المهينة واستخدام أسلوب القمع لمنعهم من تقديم أي شكوى فضلا عن غياب الأمن والتعرض للسرقة والقتل دون توفر أدنى احتياجاتهم الأساسية.
وكان مخيم موريا فتح سنة 2015 بهدف جعله نقطة عبور أشخاص، لفترات قصيرة لا تتجاوز بضعة ايام، ولكن هناك من جاء إلى المخيم منذ سنوات عدة ولم يغادره بعد.
وقال مجلس جنيف لحقوق الإنسان والعدالة إن عدم وفاء السلطات اليونانية بتوفير احتياجات اللاجئين يخالف التزامات الدولة بموجب قانونها المحلي الجزائي والدولي، الذي ينص صراحة في البند العشرين في “القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء”، على ضرورة توفير الطعام الكافي والصحي للمحتجزين.
وأكد المجلس الحقوقي أن مجمل ظروف اللاجئين في مخيم موريا تخالف اتفاقية حقوق الإنسان وخصوصا المادة الثالثة منها التي تنص على عدم إخضاع أي إنسان للمعاملة المهينة، مشددا على أن من واجبات الدول أن تكفل وتضمن أن اللاجئين يجب ألا يتعرضوا للمعاملة القاسية والمهينة، وبناء على معرفة الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي أن اللاجئين في اليونان يعانون من معاملة قاسية، فإنها مطالبة بالتحرك لنقل هؤلاء اللاجئين.
وختم المجلس الحقوقي تقريره بالتذكير بأن المادة 31 لاتفاقية اللاجئين الخاصة لعام 1951 نصت على ضرورة منح اللاجئين التسهيلات الضرورية ليحصلوا على قبول بلد آخر كطالبي لجوء، في حال عدم رغبة الدولة التي يوجدون فيها بمنحهم اللجوء، وبالتالي فهي مسؤولية اليونان أولا لأنها غير قادرة على التعامل معهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى