رئيسيشؤون دولية

واشنطن تسعى لمنع وصول قطع غيار الطائرات الأميركية إلى روسيا عبر بيلاروسيا

تحاول الولايات المتحدة جاهدة سدّ أي ثغرات قد تسمح لشركات الطيران الروسية، الخاضعة لعقوبات صارمة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، بالحصول على قطع غيار حيوية من طائراتها المصنعة أميركياً.

ويأتي ذلك عقب قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب رفع العقوبات عن شركة الطيران الوطنية البيلاروسية بيلافيا، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل الاتحاد الأوروبي وأعادت المخاوف من تقويض نظام العقوبات الغربي على موسكو.

وفي 11 سبتمبر/أيلول 2025، توصلت واشنطن ومينسك إلى اتفاق يقضي بالسماح لبيلافيا باستعادة الوصول إلى قطع غيار لأسطولها المكون من 16 طائرة، بينها تسع من طراز بوينغ أميركية الصنع.

وجاء القرار عقب إفراج بيلاروسيا عن 52 سجيناً سياسياً، ما اعتبرته واشنطن خطوة إيجابية تستحق الرد بالمثل.

غير أن الاتفاق تضمن قيوداً صارمة: فقد أوضحت وزارة التجارة الأميركية في رسالة إلى مدير الشركة إيغور تشيرجينيتس أن الترخيص الممنوح لا يسمح باستخدام هذه الطائرات أو أجزائها في رحلات إلى دول محددة، من بينها روسيا وإيران وكوبا وكوريا الشمالية وسوريا، إضافة إلى شبه جزيرة القرم والمناطق الانفصالية في شرق أوكرانيا.

مخاوف من التحايل

رغم هذه القيود، أثارت الخطوة الأميركية مخاوف جدية من أن تصبح بيلافيا قناة خلفية لتزويد روسيا بقطع غيار تحتاجها بشدة بعد ثلاث سنوات من العقوبات الغربية.

واعتبرت إلينا ريباكوفا، الباحثة في كلية كييف للاقتصاد ومركز بروغل للأبحاث في بروكسل، أن الحظر الأميركي “شكلي إلى حد بعيد”، قائلة: “لا سبيل للتحقق مما يجري داخل الاتحاد الجمركي بين روسيا وبيلاروسيا، حيث الحدود مفتوحة والتعاون بين البلدين كامل”.

وبعد أربعة أيام فقط من استعادة حقها في شراء قطع الغيار، أعلنت بيلافيا عن خصومات بنسبة 50% على الرحلات المتجهة إلى مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، ما عزز الشكوك حول نواياها.

صدع بين واشنطن وبروكسل

أثار القرار الأميركي خلافاً محتملاً مع الاتحاد الأوروبي، الذي يفرض بدوره عقوبات صارمة على بيلاروسيا منذ دعمها الحاسم لروسيا في حرب أوكرانيا.

وذكرت مفوضة الخدمات المالية الأوروبية، ماريا لويس ألبوكيركي، أن العقوبات الأوروبية تحظر على الشركات في الاتحاد تقديم أي خدمات أو موارد اقتصادية لشركة بيلافيا، بما في ذلك الصيانة أو تزويدها بقطع غيار.

وأضافت أن “مسؤولية التنفيذ تقع على عاتق الدول الأعضاء، التي يتعين عليها التحقيق في أي حالات تحايل محتملة على العقوبات”، في إشارة واضحة إلى أن مرور شحنات أميركية عبر أراضي الاتحاد إلى بيلاروسيا قد يشكل خرقاً.

جدل حول التنفيذ

إحدى المعضلات الكبرى تكمن في كيفية تحديد وجهة الشحنات. فبحسب ريباكوفا، قد تتوقف شحنة من قطع غيار الطائرات الأميركية في بروكسل أو وارسو بحجة أنها متجهة إلى مولدوفا، بينما تكون في الواقع في طريقها إلى مينسك أو حتى موسكو.

كما أن تطبيق العقوبات قد يختلف من دولة أوروبية إلى أخرى، ما يفتح الباب أمام تفسيرات متباينة تسمح بمرور بعض الشحنات. هذا التباين قد يقوّض وحدة الموقف الأوروبي ويضعف قدرة بروكسل على فرض نظام عقوبات متماسك.

ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا عام 2022، تعاني شركات الطيران الروسية من أزمة صيانة غير مسبوقة، بعدما توقفت شركات غربية مثل بوينغ وإيرباص عن تزويدها بقطع الغيار.

وقد اضطرت موسكو إلى تفكيك بعض الطائرات لاستخدام أجزائها في صيانة طائرات أخرى، بينما تسعى بجد إلى إيجاد قنوات بديلة للحصول على المكونات.

وبالتالي، فإن أي ثغرة عبر بيلاروسيا قد تمثل شريان حياة لشركات الطيران الروسية، التي تكافح للحفاظ على عملياتها في ظل الحظر الجوي الأوروبي والقيود الأميركية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى