همسة ود .. إنترنت الأشياء واقتصاد المعرفة
إنترنت الأشياء مصطلح برز حديثاً يُقصد به الجيل الجديد من الإنترنت (الشبكة) الذي يتيح التفاهم بين الأجهزة المترابطة مع بعضها (عبر بروتوكول الإنترنت) وتشمل هذه الأجهزة الأدوات والمستشعرات وأدوات الذكاء الاصطناعي المختلفة وغيرها، وما يميز إنترنت الأشياء أنها تتيح للإنسان التحرر من المكان، أي أن الشخص يستطيع التحكم في الأدوات من دون الحاجة إلى التواجد في مكان محدّد للتعامل مع جهاز معين.
وهناك بعض الأجهزة التي يمكن أن نتخاطب ونتفاهم معها عبر الإنترنت دون التدخل المباشر منا. ونلاحظ أن التفاهم بين الأجهزة يجري مباشرة وأن الإنسان يُعد أحد أطراف الاتصال مثله مثل الأطراف الأخرى، يُقصد بالأشياء هنا أي جهاز أو طرف أو نحو ذلك يمكن تعريفه على الإنترنت من خلال إلصاق عنوان إنترنت به مثل السيارة، والتلفاز والأدوات المنزلية المختلفة كالثلاجة والغسالة وأجهزة الإنذار وأجهزة التكييف، وتطول القائمة لتشمل كل شيء من الأشياء الأخرى كالسلع والمنتجات المتوفرة على رفوف المحلات التجارية.
القاعدة في تعريف الأشياء «الإنترنتية» هو كل شيء يمكن أن تتعرف عليه شبكة الإنترنت من خلال بروتوكولات الإنترنت المعروفة. والإنسان في هذه الحالة هو المستفيد من كل هذه التفاهمات والاتصالات الشيئية. وبشيء من الخيال العلمي، يصبح الإنسان نفسه «شيئاً» إذا ما ألصق به أو بمحيطه عنوان إنترنت معين، كأن يلصق به نظارة أو ساعة أو ملابس إلكترونية أو أجهزة أو معدات طبية عليه أو داخل جسمه.
من المعروف أن تطور الإنترنت قد تم على مراحل، فمنذ الحرب العالمية الثانية وحتى مطلع التسعينيات من القرن العشرين كانت الشبكة حكراً على الاستخدامات والتطبيقات العسكرية، ثم كان هناك قرار استراتيجي بفتح باب الاستخدام للتطبيقات المدنية في أواخر الثمانينيات وأول تسعينيات القرن العشرين. ويعترف الكثير من العسكريين أنهم لم يتوقعوا الانتشار الهائل للإنترنت وخدماتها على مستوى العالم، كما لم يتوقعوا أن يطال استخدام التطبيقات كافة مناحي الحياة. ولكن مع انتشار تكنولوجيا الهواتف الخلوية أو النقالة كشكل جديد من أشكال التكنولوجيا، وظهور تكنولوجيا الهواتف اللوحية والكفية الذكية وأجيال من خدمات نقل البيانات عبر الهاتف مثل جيل ثانٍ، والاتصالات اللاسلكية جيل ثالث، فتح الباب على مصراعيه لتوسع ظاهرة التواصل الاجتماعي الإلكتروني بشقيها المسموع والمرئي، فأدى كل ذلك إلى بروز الجيل الثالث من الإنترنت وهو جيل الإنترنت الدلالي. يُقصد بذلك توفر أدوات إنترنت، مثل محركات البحث والتي تهتم ببناء روابط بين المفاهيم ودلالة المفردات، لتحويل البيانات غير المهيكلة أو شبه المهيكلة إلى بيانات مهيكلة يسهل استخدامها ومعالجتها.
وبذلك أصبحت تقنيات الاتصال عبر الأجهزة المحمولة تُشكل جزءاً مهماً في رسم ملامح حياتنا اليومية، وقد غيّر تطور هذه التقنيات حياتنا في الماضي، وسيغيرها من جديد مع التطورات القادمة، وهذا ما يثير حماسة كبيرة لدى الأفراد والمؤسسات للإفادة من هذه الخدمات. الأمر الذي يمكن من بروز ظاهرة التخاطب والاتصال عبر الإنترنت فيما بين الأجهزة بعضها ببعض، وهذا هو المطلوب، ومن الضروري أن تولي إدارات الإنترنت في الدول، وكذلك جمعيات الإنترنت، الاهتمام اللازم لإنترنت الأشياء وعقد اجتماعات للعلماء والخبراء وورشات عمل وحوارات وطنية لتحديد سرعة واتجاه التحرك نحو إنترنت الأشياء، إذ إن إنترنت الأشياء ليست ظاهرة طارئة كما قد يبدو، وإنما هي ظاهرة يتوقع أن تتجذر أكثر وأكثر في سبيل الوصول إلى مجتمع المعلومات واقتصاد المعرفة.