سكاي لاين : حسابات الذباب الالكتروني التي أغلقها فيس بوك هي رأس الجليد فقط
لم يكن قرار فيسبوك تفكيك شبكتين تعملان على بث الأخبار الكاذبة والدعاية السياسية الممولة على فيسبوك وانستغرام بالأمر المفاجئ، أو الخبر الجديد، وفق منظمة سكاي لاين .
مئات الحسابات والصفحات في شبكتين ، الأولى استطاع تحقيق فيسبوك ربطها بالحكومة السعودية، والشبكة الثانية مرتبطة بشركات تسويقية داخل الإمارات ومصر لم تستطع الشركة ربطها بحكومات تلك الدول.
الحقيقة أن إغلاق هذه الشبكات ليس أمرا مفاجئا، بل إن المفاجأة هي تأخر فيسبوك على اتخاذ هذه الإجراءات التي لم تكن تحتاج إلى كل هذا التحقيق الطويل، بل كانت فصول عمليات التحريض وانتشار خطاب الكراهية واضحة العيان.
هذه الأنشطة التي تقودها تلك الحسابات والصفحات الوهمية ويُطلق عليها “الجيوش الالكترونية” أو “الذباب الالكتروني”، كانت حذرت منها منظمة سكاي لاين الدولية بشكل مستمر خلال العام الماضي، وأعدت سلسلة تقارير بهذا الخصوص.
في التحقيق المطول، يقول فيسبوك إنه أغلق أكثر من 800 حسابا وصفحة ومجموعة في كل من فيسبوك وإنستغرام، كانت تحتوي على نحو 15 مليون متابع مرتبطة بالحكومة السعودية وشركات مصرية إماراتية.
هذه الحسابات والصفحات الوهمية تستهدف دولا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من بينها قطر وتركيا ولبنان وفلسطين والأردن وليبيا والمغرب والسودان وجزر القمر.
وقال معاذ حامد- مسؤول قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في سكاي لاين “الحسابات التي تم إغلاقها قامت بصرف أكثر من 275 ألف دولار على المنشورات الممولة، وهذه الأموال بالطبع، لا يُمكن أن تتحملها مؤسسات أو منظمات سياسية، بل حكومات ودول وأجهزة أمنية.”
وأضاف حامد أيضا:” ما قام به فيسبوك هو الكشف عن رأس الجليد فقط، إن الجيوش الالكترونية تعمل منذ أكثر من 5 سنوات في المنطقة على نشر خطاب الكراهية، وتغذية الخلافات السياسية في دول المنطقة، وحجم مشاريعها لا يُمكن أن يختصر فقط بما أعلنه فيسبوك”.
حملات الأكاذيب ونشر خطاب الكراهية والتي قامت بها هذه الصفحات والمجموعات أدت بالطبع للكثير من البغض والكره بين أبناء المجتمع الواحد، ويجب التعامل مع هذا الخطاب بأقسى أنواع الرفض والمطالبة بمحاسبة مرتكبيها.
وبرزت مشكلة التدخل الخارجي في شؤون دول أخرى في عام 2016 والتي عرفت بالتدخل الروسي بالانتخابات الأمريكية، والتي ما زالت تعاني منها حتى اليوم، حيث اكتشف فيسبوك وجود آلاف الحسابات الوهمية التي تدار من قبل روسيا تعمل في فضاء وسائل التواصل الاجتماعي داخل الولايات المتحدة الأمريكية للتأثير على نتائج الانتخابات، ودعم مرشح على حساب آخر.
وتشير عمليات الرصد التي تقوم بها منظمة سكاي لاين الدولية أن عددا من الدول في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، تستخدم الحسابات والصفحات لبث الدعاية السياسية ونشر خطاب الكراهية أهمها السعودية والإمارات وإيران ومصر وقطر، إضافة إلى عدد من الجماعات اليمينية المتطرفة في كل من لبنان وتركيا والتي تستخدم خطاب الكراهية ضد الأجانب.
ففي لبنان مثلا، انتشرت حسابات تابعة لليمين اللبناني والتي تطالب مثلا بحرق الفلسطينيين في أفرام كما فعل هتلر، وطردهم وقتلهم وتذكيرهم بعمليات السحل التي حصلت خلال الحرب الأهلية اللبنانية 1976.
عمليات التحريض لم تكتف بها شخصيات مجتمعية، بل انضم لها عدد من القنوات الشهيرة مثل MTV و LBC حيث بدأ مذيعيها بإلقاء البيانات على النمط الشيوعي حول أسباب تظاهرات الفلسطينيين في مخيمات اللجوء رفضا لقانون العمل الذي يمنعهم من العمل إلى جانب السوريين.
بعد خطوة فيسبوك، ما هو المطلوب؟
يجب الاستمرار في حملة التدقيق على الحسابات والصفحات التي تقوم ببث خطاب الكراهية، ويجب على فيسبوك بذل المزيد من الجهود لمحاربتها وعدم إعطاءها المنصات اللازمة لتوصيل رسائلها الكريهة.
جزء من المسؤولية يقع على الجمهور، الذي يمكن الإبلاغ عن الصفحات والحسابات التي تقوم ببث ذلك الخطاب، من خلال الإبلاغ عنها report بأنها تستخدم خطاب الكراهية.
تويتر..الغائب الحاضر
وإذا كان تحقيق فيسبوك كشف رأس الجليد، فإن موقع تويتر غائب تماما عن معالجة مثل هذه المواضيع، فهذا الموقع الذي يحظى بشعبية جارفة في كل من الخليج العربي وتركيا مثلا أصبح منصة خطيرة للمتطرفين باثي خطاب الكراهية بين الجمهور.
“فيسبوك في بث خطاب الكراهية والمعلومات الكاذبة يستهدف بشكل رئيسي دولا ومناطق معينة، أما تويتر فهو من وجهة نظرنا اخطر لأنه يقوم ببث خطاب الكراهية للجمهور المحلي، ودفعه لاتخاذ مواقف متطرفة ضد قضايا معينة”. معاذ حامد
وأضاف حامد أيضا :”يمكن النظر إلى الأزمة الخليجية على أنها الانتشار الفعلي للخطاب التحريضي على تويتر والذي بدأ بآلاف التغريدات بحسابات وهمية، وأخرى موثقة تبث خطاب كراهية ضد قطر”.
هذا الخطاب التحريضي الداخلي يؤدي إلى شحن الرأي العام ضد قضية من القضايا الحساسة للشعوب، فمثلا مؤخرا تم استخدام فيديو “زجل” لمغني فلسطيني قام بشتم السعودية للقيام بعملية تحريض كبيرة في الحسابات السعودية ضد فلسطين.
حادثة أخرى، يمكن الإشارة لها، وهي قيام قيادات في الأحزاب القومية التركية بتدشين حملات تشويه للاجئين السوريين والوجود الأجنبي في تركيا، وهو ما تُرجم فعليا باعتداءات على الأرض ضد محلات و منازل الأجانب، إضافة إلى مقيمين من جنسيات مختلفة.
ورغم قيام السلطات التركية بحملة اعتقالات ضد المحرضين، إلا أن استمرار عملية التحريض يطرح تساؤلات أكبر حول الطرق الأنجع لمجابهة خطاب الكراهية الخطير.
وجود قوانين تمنع خطاب الكراهية، وتعاقب عليه بشكل صارم، أحد أهم الخطوات التي يمكن البناء عليها، وهذه القوانين موجودة في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز، والتي تم اعتمادها في الدورة الثالثة والثمانين للأمم المتحدة (٢١-٣٠ آب/أغسطس ٢٠١٣).
هذه الدورة ركزت على فهم أسباب خطاب الكراهية العنصرية والآثار المترتبة عليه وعلى الكيفية التي يمكن بها القضاء على جميع أشكال التمييز من خلال الاتفاقية لمكافحته.
إن خطاب الكراهية هو أسوأ ما يمكن للإنسان أن يمارسه، فكيف إذا ما كان مدعوما من منظمات وحكومات؟ هذا سيؤدي إلى تدمير للمجتمعات وإذكاء نار الفتن والحروب التي يقع ضحيتها الأبرياء، بغية تحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية أو تحقيق مناطق نفوذ لا أكثر.