رحبت إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان بقرار لبنان رفع سقف ضمان الودائع من 5 ملايين إلى 75 مليون ليرة، مؤكدة في الوقت ذاته على الحاجة لاتخاذ المزيد من الإجراءات لضمان حقوق المودعين خصوصا في ظل الازمة التي تمر بها المصارف.
وشددت مؤسسة الفكر، ومقرها لندن، على ضرورة حماية حقوق المودعين بشكلٍ عام، والفئات الأكثر عرضة للضرر على وجه الخصوص، والتأكيد القاطع على إمكانية استلام مبلغ الضمان خلال مهلة قصيرة، واتخاذ الإجراءات الفعلية اللازمة لضمان آليات قانونية تكفل تعويضهم عن أية أضرار لحقت بهم.
أشارت إمباكت الدولية إلى أن رفع سقف ضمان الودائع يشكل وسيلة مهمة لمواجهة أزمة لبنان النقدية الحالية واستعادة ثقة المودعين في الجهاز المصرفي الذي يواجه مخاطر سحب المودعين لأموالهم.
غير أن المؤسسة أشارت إلى ضرورة معالجة معضلة عدم تفريق قانون ضمان الودائع اللبناني بين أنواع الحسابات المضمونة، خاصة تلك الحسابات الخاصة بالشركات صغيرة ومتوسطة الحجم التي تشكل النسبة الأكبر من الشركات العاملة في لبنان.
فضلًا عن ذلك، فإن نظام ضمان الودائع اللبناني يبقي خارج الحماية لفئات كبيرة من الضروري أن يشملها، ولا يضع مهلاً فعالة للحصول على قيمة الضمانة، بما في ذلك ربط سعر صرف العملة المودعة بالدولار الأميركي، وغياب خطوات لتعزيز الثقة بالليرة اللبنانية.
وفي لبنان، يجدر الإشارة إلى أن غالبية المودعين هم من صغار المودعين الذين يعتمدون على مدخراتهم لمواجهة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد، إذ تظهر الإحصاءات أن 92% من المودعين في المصارف يملكون فقط 15% من مجمل الودائع، فيما تقدر المبالغ المودعة في حساباتهم دون مبلغ الـ100 ألف دولار.
وكان القانون اللبناني رقم 110/1991 ينص على أن المؤسسة الوطنية لضمان الودائع تضمن ودائع المصارف المتوقفة عن الدفع أو التي ستوضع اليد عليها، لغاية مبلغ 5 ملايين ليرة لبنانية فقط أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية.
أما قانون إنشاء المؤسسة الوطنية لضمان الودائع فينص على أن غاية المؤسسة “أن تضمن لدى المصارف العاملة في لبنان حسابات الودائع بالعملة اللبنانية مهما كان نوع هذه الودائع أو أجلها.”
ويقدر مختصون رأس مال مؤسسة ضمان الودائع في لبنان بنحو 800 مليون دولار، لكن مصادر أخرى توضح أن موجوداتها تقدر حاليًا بنحو 3 مليارات دولار، تستثمر جزءا منها في سندات الخزينة، وجزءا آخر يتم إيداعه في مصرف لبنان.
ونوهت إمباكت الدولية في بيانها إلى المسؤولية المباشرة للمصارف العاملة في لبنان عن الاهتزاز الكبير في ثقة المودعين لديها وضعف الثقة بالقطاع المصرفي بعد إغلاق أبوابها لمدة أسبوعين متواصلين عقب تصاعد الاحتجاجات الشعبية في البلاد في أكتوبر الماضي، الأمر الذي أدى تقنين سحوبات المودعين في المصارف وبالتالي إحجام المواطنين عن دفع أقساطهم الشهرية وانعدام السيولة مما دفع لانعدام الحركة التجارية وجمود الدورة الاقتصادية.
وقالت مؤسسة الفكر إن سلوك القطاع المصرفي قوض ثقة المودعين والمتعاملين مع المصارف؛ إذ أن احتجاز أموال المودعين والتضييق في المعاملات المصرفية أثارت شكوكًا واسعة حيال كفاءة القطاع الخاص في قيادة النشاط الاقتصادي في البلاد.
وأوصت إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان بضرورة إنهاء سياسة التقشف في توفير السيولة لدى المصارف اللبنانية، كونها تتم على حساب المودعين الصغار، مع أهمية إعادة النظر في الفوائد المرتفعة التي تؤدي إلى شح في السيولة النقدية في البلاد.
وحثت إمباكت الدولية على ضرورة اتخاذ إجراءات عميقة في هيكلية النظام المصرفي تشمل تقليص العدد الكبير الحالي من المصارف، والذي يصل إلى 65 مصرفًا بحسي جمعية المصارف، بما يشكل التصدي لواقع العلاقة الوثيقة بين طبقة السياسيين وملكية المصارف، والتوجه إلى مصارف اختصاصية تساهم جديًا في خلق واقع اقتصادي إنتاجي.