جنيف- عبر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليوم عن بالغ قلقه من تصعيد قوات الأمن العراقية وعناصر مسلحة موالية لها عمليات استهداف مباشر للمتظاهرين بغرض القتل وإحداث إصابات مميتة وإعاقات في صفوفهم.
ووثق باحثو المرصد الأورومتوسطي حالات استهداف مباشر للمتظاهرين بالرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع بشكل مباشر، ودون أن يشكلوا خطرًا على قوات الأمن التي تتعمد تفريق المشاركين في الاحتجاجات بالقوة المفرطة.
من بين تلك الحالات كان الشاب “يوسف ستار” وهو مصور يسكن حي البنوك شرقي العاصمة بغداد، قتل أول أمس الاثنين لدى مشاركته في احتجاجات بالقرب من ساحة الكيلاني جراء عيارات نارية اخترقت رأسه وهشمت جمجمته.
أما يوم أمس الثلاثاء، فقد قتلت المسعفة “جنان الشحماني” وأصيبت زميلة لها بجروح مع عدد من المتظاهرين جراء اقتحام عناصر مسلحة محيط ساحة الاعتصام في مدينة البصرة جنوبي العراق وإطلاق النار بشكل عشوائي.
وأعلنت مصادر طبية عراقية عن مقتل 10 متظاهرين بنيران القوات الأمنية خلال اليومين الماضيين، 4 منهم قتلوا في بغداد، و3 في البصرة و2 في كربلاء ومتظاهر واحد في ديالى.
وتم رصد مقتل حوالي 669 شخصًا وإصابة أكثر من 17 ألفًا آخرين، من بينهم نحو ثلاثة آلاف إعاقة جسدية منذ بدء التظاهرات في العراق في أكتوبر/تشرين الأول 2019 للاحتجاج على تنامي الفساد والتدهور السياسي والأمني فضلًا عن الأزمة الاقتصادية في البلاد.
وطالت الاعتداءات صحافيين ونشطاء حقوقيين ومسعفين وأشخاص من ذوي الإعاقة بشكل غير مبرر، حيث أكد المرصد الأورومتوسطي أن هنالك أسبابًا معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عناصر الأمن يتعمدون استهدافهم وهم على علم تام بكينونتهم.
وشدد المرصد الحقوقي الدولي على أن استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين واعتقال الآلاف منهم يخالف المعايير الدولية، إذ تفرض مدونة الأمم المتحدة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين (مدونة السلوك) على من يمارس صلاحيات الشرطة ضرورة حماية “جميع الأشخاص من الأعمال غير القانونية”، وفي أثناء قيامهم بواجباتهم، وأن يحترم هؤلاء الموظفون الكرامة الإنسانية ويحموها، ويحافظوا على حقوق الإنسان لكل الأشخاص ويوطدوها.
ويتوجب على السلطات العراقية التقيد بمبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، والتي تنص على استعانة قوات الأمن، إلى أبعد حد ممكن، بوسائل غير عنيفة قبل اللجوء إلى القوة في حالات الضرورة المقيدة بشروط.
وأبرز المرصد الحقوقي الدولي أنه في الحالات التي لا مفر من استخدام القوة فيها، يتعين على السلطات ممارسة ضبط النفس والتصرف بطريقة تتناسب مع خطورة الوضع، كما يتعين على الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون -خاصة قوات الأمن- عدم استخدام أسلحة نارية ضد الأفراد “إلا في حالات الدفاع عن النفس أو لدفع خطر محدق يهدد الآخرين بالموت أو بإصابة خطيرة”.
وحث الأورومتوسطي الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي على التدخل الفوري لوقف الانتهاكات المستمرة بحق المتظاهرين في العراق، وعدم المساهمة في توفير غطاء دولي لها بالصمت أو الاكتفاء بالإدانة اللفظية.
ودعا بهذا الصدد إلى اتخاذ إجراءات جدية تضمن وقف الانتهاكات بخطوات عملية سواء بوقف تدريب القوات الأجنبية للقوات العراقية وإلغاء اتفاقيات تصدير الأسلحة لتلك القوات، وتوفير الضمانات الحقيقية للمتظاهرين العراقيين للتعبير عن آرائهم وحقوقهم المكفولة في القانون الدولي.
كما جدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مطالبته السلطات العراقية بفتح تحقيق حيادي في استخدام قوات الأمن للقوة المفرطة في تفريق المظاهرات ونشر نتائجه للعلن وتقديم عناصر قوات الأمن بمن فيهم القادة المسؤولين عن الانتهاكات للمحاكمة.