قالت إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان إن على شركة “تازيازت موريتانيا المحدودة” التابعة لشركة “كينروس للذهب” الكندية الاستجابة لمطالب عمالها الذين يضربون عن العمل منذ الخامس من مايو الجاري على خلفية نظام يُعرضهم لخطر الاستغلال ونقص التقدير المالي.
وأعلن مئات العمال في الشركة إضرابًا عن العمل أطلقوا عليه اسم “إضراب الكرامة وبناء الثقة والشفافية من أجل إنتاج سليم وتنمية مستدامة”، بعد سنوات من نظام العمل المجحف الذي شمل انتقاص الرواتب والإجازات والعمل لساعات طويلة دون راحة، فيما اتجهت الشركة إلى ترهيب العمال وتهديدهم بخصومات على رواتبهم بسبب الإضراب.
وقال العمال إن إدارة الشركة “جمدت ترقيات العمالة الوطنية” في الوقت الذي يستفيد فيه العمال الأجانب من ترقيات كبيرة وتعويضات تصل إلى ضعف رواتب العاملين الموريتانيين، حيث حصل العمال الموريتانيون على مبلغ يقارب الـ 300 دولار أمريكي بعد أكثر من شهر على محاصرتهم في الموقع بسبب أزمة كورونا.
وأكدت إمباكت على وجوب التزام شركة “تازيازت” بمبادئ المفاوضة الجماعية وحسن النية وتشريع العمل، وحثتها على الاستماع إلى شكاوى العمال المشروعة، وبدء حوار حقيقي معهم، وإنهاء جميع أعمال التخويف ضد الإضراب عمال.
وتتبع شركة “تازيازت موريتانيا المحدودة” لشركة “كينروس للذهب” الكندية، وتعمل في منجم تازيازت، أحد أكبر مناجم الذهب في أفريقيا، ويقع في المنطقة الشمالية الغربية من إنشيري في موريتانيا، وقد حصلت شركة “كينروس” على المنجم عام 2010، وتقوم بتشغيله من خلال شركة “تازيازت”. وتنتج الشركة نحو 200 ألف أونصة ذهب كل عام، ويعمل فيها نحو 1,200 موظف موريتاني.
وحثت إمباكت الدولية شركة “كينروس للذهب” الكندية على الوفاء بالتزاماتها تجاه المسؤولية الاجتماعية وحقوق الانسان المعلنة في استراتيجيتها، مشيرة إلى أن الشركة الكندية تلاحقها اتهامات بانتهاكات لحقوق الإنسان في أعمالها في البرازيل.
واتُّهمت شركة “كينروس” الكندية عام 2018 بممارسة أعمالها وزيادة أرباحها على حساب فئات هشة، من خلال طرد سكان مجتمعات “كويلمبو” الأفريقية في البرازيل بهدف التوسع وتشكيل أعمالها خطرًا على الصحة العامة، وغيرها من الانتهاكات التي طالت شرائح واسعة من المجتمع.
وذكرت إمباكت أن عمال شركة “تازيازت” التابعة لـ”كينروس” يحتجون على سوء معاملتهم، لاسيما عدم وجود نظام عادل للمكافآت وتجميد ترقيات العمالة الوطنية وتمييزهم عن العامل الأجنبي رغم الأعباء الملقاة عليهم في ظل جائحة فيروس كورونا.
ويتهم العمال إدارة الشركة باستغلال الظرفية الحالية للمس من مكاسبهم بالرغم من أن إنتاج الشركة وصل إلى ذروته، وبالرغم من ارتفاع سعر الذهب بنسبة تجاوزت 30%، طوال الفترة الاستثنائية ما بعد ظهور فيروس كورونا.
ويطالب العمال بتحسين ظروفهم عبر زيادة علاوتي الخطر والسكن، وإلغاء ضريبة الراتب، كما يشتكون من ساعات عمل مضاعفة رغم أزمة جائحة كورونا، بحيث يعملون لنحو 12 ساعة يوميًا، وهو عدد الساعات ذاته كما هو الحال قبل تفشي الفيروس، فيما يحصلون على أسبوع عطلة واحد بعد كل أسبوعي عمل كاملين. بالتالي، يعاني العمال من الإرهاق والضغط في الوقت الذي وصلت فيه ساعات عملهم خلال شهر إلى نحو 360 ساعة، في حين لم تحتسب الشركة إلا نحو 170 ساعة فقط عند دفع الأجور.
وتعجبت إمباكت من لجوء إدارة الشركة إلى سلاح الهجوم على العمال المضربين والتقليل من حجم الاستجابة للإضراب، فضلًا عن محاولة تهديدهم بدلًا من فتح حوار نقابي معهم يضع بعين الاعتبار مصالحهم. إذ قال العمال إن رسالة وصلتهم يوم العاشر من مايو الجاري من إدارة الشركة تذكر أن المضربين -الذين يشكلون نحو 39% حسب الشركة- سيخسرون ستة أيام من رواتبهم بسبب الإضراب.
في المقابل قالت الشركة إنها اعترفت بجهود العمال خلال الفترة الأخيرة، مشيرة إلى أنها خصصت مبلغ ثمانية آلاف أوقية جديدة كمكافأة لهم، رفعتها بعد ذلك لتصبح 12,000 أوقية جديدة، ولكن مندوبي العمال رفضوا ذلك.
“وقالت الشركة في بيان إنه “رغم الاجتماعات العديدة التي عقدت مع المندوبين منذ استلام إشعار الإضراب، إلا أنها لا زالت غير قادرة على فهم الأسس الموضوعية لهذا الإضراب“.
وكانت وزارة الوظيفة العمومية الموريتانية طلبت من العمال وقف إضرابهم خلال هذه الظروف. وعقبت إمباكت بأن على الحكومة الموريتانية عدم الانحياز للشركة ونشاطها على حساب مصالح العمال.
يدعم العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وموريتانيا طرف فيه، الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي ومن ضمن أشكاله الإضراب عن العمل.
يشار إلى أن عمال شركة “تازيازت” سبق أن أضربوا في عدة مناسبات عن العمل احتجاجًا على ظروف مماثلة تقوم على الإجحاف بحقوقهم، منها في يونيو 2016، حين استمر الإضراب في حينه لثلاثة أسابيع.
وطالبت إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان شركة “تازيازت” والحكومة الموريتانية باحترام الحق في الإضراب وحرية التنظيم والتفاوض الجماعي وفتح حوار بنوايا حسنة مع العمال المضربين الذين يدافعون عن حقوقهم.
وتذكر إمباكت بأن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966 ينص على مشروعية الحق في الإضراب، شريطة ممارسته وفقًا لقوانين البلد المعني، فيما نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بأنه “لا يجوز إكراه أحد على السخرة والعمل الإلزامي”
كما تؤكد إمباكت وجوب مراعاة المخاطر الصحية على العاملين في مناجم الذهب، إذ أثبتت دراسات أن تعدين الذهب الحرفي خطر جدًا كون عمال المناجم يستخدمون الزئبق السام لفصل الذهب عن الخام. والزئبق معدن سائل يهاجم الجهاز العصبي ويهدد بالتعرض إلى إعاقة مدى الحياة.