في مقالة له، دعا الكاتب التونسي أنور الغربي إلى ضرورة الاستماع لرئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد في البرلمان للرد على أسئلة النواب وتوضيح أفكاره وقناعاته، وخاصة السياسات التي ينوي انتهاجها أمام الشعب التونسي من خلال نوابه وليس عبر البوابة الفرنسية.
واليكم نص المقال :
الرئيس التونسي قيس سعيد يمثل جزءا من السلطة، ولهذا وجب الاستماع إليه في البرلمان، تفاعلا مع ردود الفعل على ما صرح به خلال زيارته لباريس. أعتقد أنه من المهم جدا فهم النظام السياسي في تونس الذي هو نظام برلماني معدل ويعطي بعض الصلاحيات لرئيس الجمهورية منها العلاقات الخارجية بالتنسيق والتشاور مع رئيس الحكومة.
نفهم بعض ردود الفعل الغاضبة والمستنكرة داخليا وخارجيا، ولكن يجب التذكير بأن السيد قيس سعيد هو رئيس الجمهورية المنتخب ولا يعبر عن رأيه كأستاذ قانون ومفكر له آراؤه وأفكاره التي تلزمه ومن يؤمن بها.
إن ما فهمه الكثيرون من كلام الرئيس لا يمكن أن يمر مرور الكرام ويجب التوقف عنده لأن تبعاته على الشعب والبلاد كبيرة.
وبالنظر لخطورة الملفات وتشعباتها ورفعا لكل التباس في الداخل والخارج أعتقد بأنه أصبح يستوجب الاستماع لرئيس الجمهورية في البرلمان للرد على أسئلة النواب وتوضيح أفكاره وقناعاته، وخاصة السياسات التي ينوي انتهاجها أمام الشعب التونسي من خلال نوابه وليس عبر البوابة الفرنسية.
أعتقد أن هناك 5 مسائل رئيسية وجب توضيحها للشعب التونسي ولا يمكن أن تبقى دون رد واضح يتم البناء عليه وأخذ المواقف التي تلزم كل طرف:
1 ـ في علاقة بفرنسا وما فعلته في تونس وما يتبعه من خطوات ـ هل هو احتلال كما يراه بعض المؤرخين، أم استعمار كما هو مدون في المقررات الرسمية والمناهج الدراسية، أم حماية كما عبر عن ذلك السيد الرئيس في حوار مع قناة “فرانس24” التي تعبر عن السياسات الرسمية للدولة الفرنسية؟
2 ـ في علاقة بالشأن الداخلي والعلاقة برئيس البرلمان ورئيس الحكومة والأحزاب والمجتمع المدني، هل كان الأمر مقصودا أن يتم التعرض لمثل هذه الخلافات من خلال البوابة الفرنسية والتأكيد على أن رئيس الدولة هو الوحيد المخول، والحال أن الدستور يلزم الرئيس بالتشاور مع رئيس الحكومة وأن البرلمان هو من يصادق على الاتفاقات الدولية؟
3 ـ في علاقة بالسياسة الخارجية: كيف يقبل رئيس الدولة بزيارة لدولة مهمة مثل فرنسا وهو لم يوافق بعد على تسمية سفير أو قنصل عام هناك؟ وبشكل عام لماذا التأخير في التسميات في الأماكن المهة مثل نيويورك وجنيف والجامعة العربية والأمانة العامة للاتحاد المغاربي وكلها من صلاحيات رئيس الجمهورية؟
4 ـ في علاقة ببلدان الجوار الجزائر وليبيا: توضيح الموقف الرسمي وفصله عن القناعات والاجتهادات الشخصية، فتاريخيا اعتبر التونسيون والجزائريون كفاحهم ضد فرنسا واحدا ومصيرهم واحدا، فهل السياسة التونسية الرسمية تغيرت باتجاه الاجتهادات والقناعات الفردية؟ أما بخصوص الملف الليبي فالأمر يحتاج اعتذارا وإصلاحا بما يتماشى ومصلحة الشعبين.
5 ـ في علاقة بفرنسا: ما هو المقابل الذي ستدفعه بلادنا في مقابل الدعم الفرنسي؟ وما صحة التقارير الاستخبارية التي تتحدث عن تسهيلات طلبتها فرنسا من تونس؟ وهل حقا طلب السيد الرئيس خلال العشاء مع الرئيس الفرنسي حاجته لدورة ثانية لإكمال مشروعه والطلب من “الأصدقاء الفرنسيين” دعمه في ذلك؟
هذه باعتقادنا أهم النقاط التي تستوجب التوضيح للشعب وطمأنة الشركاء الحقيقيين لبلادنا وثورة شعبنا..