استنكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اقتحام السلطات الأردنية مقر نقابة المعلمين، ووقفها عن العمل واعتقال مجلسها، في خطوة تأتي بعد يومين من مسيرات نظمتها النقابة للمطالبة بحقوق المعلمين.
ووفق متابعة الأورومتوسطي، اقتحمت قوى الأمن الأردنية اليوم السبت 25 يوليو/تموز المقر الرئيسي لنقابة المعلمين في العاصمة عمّان، وأغلقت الأبواب على الموظفين والمراجعين، تحت التهديد، وصادرت هواتف الموجودين، وفق ما أعلنته النقابة على صفحتها عبر “فيسبوك”.
وأبلغت السلطات الأردنية الموجودين في المقر، قرارها بتشميع مقرات النقابة بالشمع الأحمر، دون إبراز أي قرار قضائي بالإغلاق.
وحسب ما نشرته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية “بترا”، قرر نائب عام عمان “حسن العبداللات” “كف يد أعضاء مجلس نقابة المعلمين وأعضاء الهيئة المركزية وهيئات الفروع وإداراتها ووقف النقابة عن العمل وإغلاق مقراتها لمدة سنتين”.
وتضمن القرار إصدار مذكرات إحضار بحق المشتكى عليهم أعضاء مجلس النقابة ليصار إلى عرضهم على المدعي العام المختص لاستجوابهم عن الجرائم المسندة إليهم.
واشتمل القرار مخاطبة وزير التربية والتعليم لإجراء ما وصف بـ”المقتضى القانوني” فيما يتعلق بتشكيل لجنة مؤقتة لتسيير أعمال النقابة إداريا وماليًا. كما تضمن منع النشر والتداول والتعليق في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي كافة بهذه القضايا المنظورة باستثناء الجهة الرسمية المصرح لها بذلك.
وبرّر نائب عام عمان القرار بأنه يأتي “على ضوء نظر النيابة العامة في عدد من القضايا الجزائية التحقيقية بحق مجلس نقابة المعلمين”، مبينا أن ذلك يشمل ثلاث قضايا، وهي: القضية التحقيقية المتعلقة بالتجاوزات المالية المنظورة لدى مدعي عام هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، والقضية التحقيقية والمنظورة لدى مدعي عام عمان والمتعلقة بالقرارات الصادرة عن مجلس النقابة والتي تم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي واشتملت على اجراءات تحريضية.
والقضية الثالثة، التحقيقية المتعلقة بالفيديوهات الصادرة عن نائب النقيب والتي تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنظورة لدى مدعي عام عمان.
وأكد الأورومتوسطي أنّ هذا القرار، مغلف بشبهة الانتقام السياسي، وهو ما تدلل عليه التهم التي تحمل طابعًا سياسيًا، خاصة مع استدعائها في هذا التوقيت الذي جاء بعد تظاهرات مطلبية دعت لها نقابة المعلمين الأربعاء الماضي الموافق 22/7/2020.
وأعلنت النقابة خلال الأيام الماضية تمسكها بعلاوة مالية جرى إقرارها للمعلمين مطلع العام الجاري، في أعقاب قرار حكومي، منتصف أبريل/نيسان الماضي، بـ”وقف” العمل بالزيادة المالية المقررة لموظفي الجهازين الحكومي والعسكري لعام 2020، اعتبارا من 1 مايو/أيار الماضي وحتى نهاية 2020، لمواجهة تداعيات أزمة “كورونا”.
كما أعلنت النقابة، خطة لاستعادة العلاوة بأثر رجعي، حددت فيها خطوات، بينها وقفات احتجاجية واعتصامات وإضراب عن الطعام، وإضراب متدرج عن العمل وصولا إلى إضراب مفتوح.
وردّ وزير الداخلية، سلامة حماد، في تصريح متلفز الثلاثاء الماضي على تصريحات نائب نقيب المعلمين واعتبرها “مرفوضة”، وتوعد بـ”إجراءات قانونية إذا ما تكررت”، وهو الأمر الذي تحقق سريعًا هذا اليوم، ما يعزز فرضية وجود قرار سياسي بمعاقبة النقابة ومجلسها لمطالبها النقابية.
ولفت الأورومتوسطي إلى أنّ القرار ضد نقابة المعلمين، يحمل بعدًا انتقاميا، متفاعلًا منذ أشهر، وذلك عندما بدأت الأزمة بين المعلمين والحكومة في 5 سبتمبر/أيلول الماضي، عقب استخدام قوات الأمن القوة لفض وقفة احتجاجية نظمها معلمون بالعاصمة عمان، للمطالبة بعلاوة مالية.
وآنذاك أوقفت السلطات الأردنية عشرات المعلمين المحتجين، وسرعان ما تصاعدت الأزمة، حيث قرر المعلمون الدخول في إضراب مفتوح عن العمل، استمر لشهر كامل، وهو الأطول في تاريخ المملكة.
ولفك الإضراب، اشترط المعلمون أن تعتذر الحكومة عما تعرض له معلمون من “انتهاكات” خلال الوقفة الاحتجاجية، وتنفذ اتفاق علاوة 50 % من الراتب الأساسي قالوا إن نقابتهم توصلت إليه مع الحكومة، عام 2014.
وشدّد الأورومتوسطي على أنّ قرار إغلاق نقابة المعلمين، وملاحقة مجلسها، يحمل شبهة سياسية انتقامية، على خلفية حراك مشروع تقوده نقابة المعلمين لتنفيذ اتفاقات سابقة مع الحكومة الأردنية.
وبيّن أنّ قرار وقف النشر حول القضية، يتعارض مع الحق في حرية الرأي والتعبير، والنشر الإعلامي، في قضية نقابية، ما يشير إلى وجود قرار سياسي بغلاف قانوني لمنع أي نقاشات إعلامية يمكن أن تفضح القرار.
وذكر أنّ إغلاق النقابة وملاحقة أعضائها، يتعارض مع المادة 8 من العهد الدولي الخاص
بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والذي تعهدت بموجبه الدول ومن ضمنها الأردن بالالتزام بـ”حق كل شخص في تكوين النقابات بالاشتراك مع آخرين وفى الانضمام إلى النقابة التي يختارها، دونما قيد سوى قواعد المنظمة المعنية، على قصد تعزيز مصالحه الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها.
وأكّد أن القرار يشكل مساسًا بحق النقابات في ممارسة نشاطها بحرية، دونما قيود غير تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم، إذ للنقابات الحق في مزاولة مهامها بحرية وفق البنود الأساسية للحقوق الدوليـة للإنسان، وهو ما تضمنته الاتفاقية (رقم 87) الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي
اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية، والتي أكدت على حماية النقابات من الحل أو الإيقاف بموجب قرار إداري، وحق النقابات في توفير الحصانة لمقارها وتأمين مراسلاتها واتصالاتها الهاتفية.
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى إلغاء قرار إغلاق النقابة، وتمكينها من ممارسة عملها ومهامها بكل حرية، وضمان حقها وحق مجلسها في محاكمة عادلة في حال وجود أي قضايا أو بلاغات قانونية بحقهم.
كما حثّ السلطات الأردنية على التوقف عن استخدام القضاء لمحاربة أو ردع المعارضين لقراراتها، واللجوء إلى الحوار البنّاء للوصول إلى حلول بدلًا من استخدام الحلول الأمنية التي لا تتسق وتعهّدات الأردن المحلية والدولية، وتخالف بشكل واضح المبادئ الأساسية للديمقراطية وحقوق الإنسان.