كشفت دراسة جديدة أجرتها إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان أن شركات تزويد الإنترنت الرئيسة في دولة الإمارات العربية المتحدة تتصرف وفقًا لرؤيتها الخاصة فيما يتعلق بخصوصية المعلومات الشخصية والحساسية للمشتركين لا وفقًا لاعتبارات حقوق الإنسان الأساسية، دون رقابة من الدولة.
وقالت الدراسة التي استهدفت ثماني شركات تزويد إنترنت في البلاد؛ وهي اتصالات، ودو، والثريا، وسكاي ستريم، ونداء، وياه سات، وسوايب، وفيرجن موبايل، إن جميع الشركات التي جرى تحليل ودراسة سياسات الخصوصية الخاصة بها لم تلتزم بمعايير حقوق الإنسان الأساسية في التعامل مع خصوصية معلومات المشتركين، بشكلٍ يسمح لها بحرية التصرف بمعلوماتهم الشخصية ومتخزينها ومشاركتها مع أطراف ثالثة، دون وجود رادعٍ حقيقي.
الدراسة التي تأتي ضمن سلسلة دراسات “خصوصيات مستباحة”، اعتمدت على جمع وتحليل المعلومات من الشركات المزودة للإنترنت واستبياناتٍ لقياس مدى وعي عملائها، ووجدت أن غالبية شركات تزويد الإنترنت تنتهك خصوصية المستخدمين بشكلٍ واضح، فيما يبقى العملاء غير ملمين بالدرجة التي يُمكن لتلك الشركات من خلالها جمع وتسجيل معلوماتهم الشخصية، والتي تتضمن في كثيرٍ من الحالات معلومات عالية السرية.
ووجدت الدراسة أن شركتين فقط من أصل 8 شركات تزويد إنترنت استهدفتها تهتمان بوصول المستخدمين إلى سياسات الخصوصية الخاصة بها، وذلك بوضعها بشكل واضح وسهل الوصول على مواقعها الإلكترونية. أما باقي الشركات، فإنها إما لا تملك سياسة خصوصية أو لا تضمنها في مواقعها الإلكترونية بشكل واضح وسهل الوصول.
إلى جانب ذلك، فإن نصف الشركات المستهدفة فقط توضح طبيعة المعلومات التي تجمعها من المستخدمين، وهو ما يفتح المجال واسعًا أمام الشركات الأخرى لجمع معلومات خاصة وحساسة من المستخدمين، بما في ذلك سجلات تصفح المواقع وكلمات السر وغيرها من المعلومات الشخصية، دون إعلامهم بذلك.
ووجدت الدراسة أن نصف الشركات المستهدفة فقط توضح مسؤوليتها عن حماية تلك المعلومات، لكن أيًا منها لا تذكر أية تفاصيل عن حقوق العملاء في التعويض حال إساءة استخدام معلوماتهم الشخصية أو ضياعها.
وخلصت الدراسة إلى أن تلك الانتهاكات تنتج بشكل أساسي عن ضعف الرقابة على شركات تزويد الإنترنت في الدولة، فيما يتعلق بسياسات الخصوصية الخاصة بها وآلية جمع المعلومات الشخصية للمستخدمين والتصرف بها ومشاركتها وتخزينها، الأمر الذي يترك الباب مفتوحًا لتلك الشركات للتصرف وفقًا لما تراه مناسبًا، لا وفقًا لمصلحة المستخدم.
في المقابل، تتجه القوانين والسياسات المعمول بها في دولة الإمارات، والمتعلقة بمكافحة جرائم تقنية المعلومات والنفاذ إلى الإنترنت، إلى تأكيد محددات تتمحور بشكلٍ رئيس حول إما حظر الدخول أو التعامل مع مواقع تراها الدولة محظورة، أو تجريم التجسس أو تبادل معلومات حساسة للأشخاص لأغراض انتهاك الخصوصية أو التشهير.
بذلك، تُبقي القوانين الحالية في الإمارات الباب مواربًا بما يسمح للسلطات النافذة في الدولة بإجبار شركات تزويد الإنترنت فيها على تزويدها بمعلومات شخصية وحساسة للمستخدمين بذريعة مصلحة الدولة، وبالتالي التعدي على خصوصيتهم، بمن في ذلك النشطاء والمعارضون، فيما يتعلق بمعلوماتهم الشخصية وسجل استخدامهم للإنترنت.
ودعت الدراسة إلى تعديل القوانين والسياسات الرسمية بما يمنع مشاركة مزودي خدمات الإنترنت في دولة الإمارات معلومات المستخدمين مع أية جهات ثالثة لأغراض غير تحسين مستوى الخدمة المقدمة، وتعديل سياسات الخصوصية في الشركات المزودة بخدمة الانترنت لمعالجة القصور.