عواصم- قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنه ينظر بخطورة بالغة للتقارير التي تفيد بتدهور صحة الناشط الحقوقي الإماراتي أحمد منصور المحتجز في سجون بلاده منذ أكثر من 3 سنوات على خلفية نشاطه الحقوقي والإصلاحي، ويقبع منذ ذلك الوقت في حبس انفرادي يفتقر لأدنى مقومات الحياة.
وذكر المرصد في بيان أنه منذ اعتقاله في 2017 وحتى الآن حرمت السلطات الإماراتية أحمد منصور من احتياجاته الأساسية كالملابس والأدوية والأغطية.
وبالرغم من تشخيصه بمرض ارتفاع ضغط الدم في 2018، لم تسمح السلطات بتوفير العلاج اللازم له، ما يجعله عرضة للإصابة بمضاعفات خطيرة قد تؤثر على حياته بشكل مباشر.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات في الإمارات إلى توفير الرعاية الصحية اللازمة للناشط أحمد منصور على نحو فوري، وإنهاء اعتقاله التعسفي، والإفراج كذلك عن جميع معتقلي الرأي في البلاد.
وأكد المرصد الحقوقي الدولي ينبغي على السلطات أن تطبّق مبادئ العدالة والتسامح التي تروج لها، وأن تكف عن قمع الحريات وإسكات المعارضين.
وفي السياق قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية و”مركز الخليج لحقوق الإنسان” اليوم إن صحة منصور تتدهور بعد أكثر من ثلاث سنوات في الحبس الانفرادي من دون الضرورات الأساسية.
وذكرت المنظمتان في بيان مشترك أنه بين ديسمبر/كانون الأول 2017 ومارس/آذار 2018، أزالت السلطات فراش منصور وحرمته من ملابس شتوية كافية أو ماء ساخن لتتركه عرضةً لبرد الشتاء في زنزانته.
وقد شُخِّص منصور (51 عاما) بارتفاع ضغط الدم أواخر 2018 ولم يُعطَ أي دواء لعلاجه، ما يعرضه بشدة لمخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.
وقال آدم كوغل، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “هذا رابع شتاء يمر على أحمد منصور وهو يعاني في زنزانة انفرادية صغيرة قذرة، فقط بسبب نشاطه الحقوقي في بلد عازم على إسكات أي شخص يحيد عن السياسة الرسمية. لا شك أن للعزلة المستمرة لسنوات والظروف القاسية تأثير على صحته العقلية والجسدية”.
قالت مصادر مطلعة بشكل مباشر على ظروف احتجاز منصور لـ هيومن رايتس ووتش ومركز الخليج لحقوق الإنسان إن السلطات تجبره على النوم على الأرض دون سرير أو فراش في زنزانة انفرادية صغيرة.
وفي 2019، أضرب منصور مرتين عن الطعام للمطالبة بالحصول على حقوق السجناء الأساسية، منها إنهاء حبسه الانفرادي وتلقّيه الضروريات. أثار إضرابه الثاني عن الطعام، الذي استمر حوالي 45 يوما وخسر خلاله 11 كيلوغرام، المخاوف على صحته وأثار دعوات عالمية للإفراج الفوري وغير المشروط عنه.
اعتقلت قوات الأمن الإماراتية منصور في 20 مارس/آذار 2017، ومنعته لأكثر من عام من الاتصال بمحام ولم تسمح سوى بزيارات محدودة من عائلته.
حُكم على منصور بالسَّجن 10 سنوات في مايو/أيار 2018 بعد محاكمة مغلقة بتهمة الإساءة إلى “هيبة ومكانة الإمارات ورموزها”، بما في ذلك قادتها، جرّاء دعواته السلمية إلى الإصلاح.
في 31 ديسمبر/كانون الأول 2018، أيدت المحكمة الاتحادية العليا، وهي محكمة الملاذ الأخير في البلاد في قضايا أمن الدولة، الحكم الصادر ضده، وأبطلت فرصته الأخيرة في الإفراج المبكر.
تحتجز السلطات الإماراتية منصور منذ توقيفه، في زنزانة انفرادية في سجن الصدر، ومنعته باستمرار من أي تواصل مع بقية السجناء، على ما يبدو لمعاقبته، في ظروف قد تصل إلى حد التعذيب.
يعترف القانون الدولي بضرر الحبس الانفرادي وآثاره المدمرة المحتملة على صحة ورفاه من يمرّون به.
تنص “قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا بشأن معاملة السجناء (“قواعد مانديلا”)” على أنه “لا يُستخدم الحبس الانفرادي إلا في حالات استثنائية كملاذ أخير، ولأقصر فترة ممكنة، ويكون رهناً بمراجعة مستقلة للحالة وبمقتضى تصريح من سلطة مختصة”.
قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب إنه يجب حظر الحبس الانفرادي المطول وإلى أجل غير مسمى لأكثر من 15 يوما، مستشهدا بدراسات علمية أثبتت أنه حتى بضعة أيام من العزلة الاجتماعية قادرة على التسبب بضرر بالغ، بما فيها الضرر النفسي الدائم.
قالت هيومن رايتس ووتش ومركز الخليج لحقوق الإنسان إن على السلطات الإماراتية الإفراج عن منصور فورا ودون قيد أو شرط، وإنهاء حبسه الانفرادي، وتزويده بالأدوية اللازمة، وملابس شتوية، وبطانيات، وفراش، وسرير.
قال خالد إبراهيم، المدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان: “على السلطات الإماراتية الاحتفاء بجهود أحمد منصور الحقوقية والإنسانية لصالح مواطني الإمارات بدل سجنه. لن يثنيه سوء معاملته أو تعذيبه إطلاقا عن سعيه إلى تحقيق مطالبه. لقد عرفناه لسنوات عدة مدافعا شجاعا. كلما زاد استهدافه، أظهر عزمه على تحقيق هدفه المنشود، وهو أن ينال الجميع حقوقهم”.