باريس- رحب معهد باريس الفرانكفوني للحريات بالإفراج عن الصحفي محمود حسين في مصر، ودعا القاهرة إلى إخلاء سبيل جميع الصحفيين الذين لا يزالون رهن الاحتجاز بشكل تعسفي.
حيث تلقى معهد باريس بإيجابية إخلاء السلطات المصرية الصحفي حسين مراسل قناة الجزيرة في القاهرة، رغم أن ذلك تم بتدابير احترازية تقضي بوجوده في مركز الشرطة مرتين أسبوعياً، وذلك بعد أكثر من أربع سنوات من الاعتقال التعسفي من دون محاكمة.
ويظهر إطلاق سراحه بعد أسابيع من إعلان مصالحة خليجية – تتضمن مصر- مع دولة قطر، أن التهم المنسوبة إليه لا أساس لها من الصحة بتاتاً وأن ذنبه الوحيد هو أنه يعمل لقناة الجزيرة.
لكن قرار الإخلاء لا ينصفه تماماً بما أن هذا الإفراج المشروط يضعه في موقف المشتبه به دائماً في نظر السلطات.
وعليه يتوجب إنهاء أي تدابير لحركة الصحفي حسين بما في ذلك حرية السفر ووقف أي تدابير احترازية متخذة ضد بل وتعويضه عما تعرضه له من احتجاز غير قانوني.
وقضت الدائرة الثالثة في محكمة جنايات القاهرة بإخلاء سبيل الصحفي حسين على ذمة القضية 1365 لسنة 2018 (حصر أمن دولة) الذي تم تدويره فيها، وهو محبوس منذ 21 ديسمبر/ كانون الأول 2016، على ذمة القضية رقم 1152 بتهمتي “الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام الدستور” و”نشر أخبار كاذبة”.
وواصلت نيابة أمن الدولة المصرية تجديد حبس حسين دورياً من دون عرضه على المحكمة، قبل أن يصدر قرار قضائي بالإفراج عنه في 23 مايو/ أيار 2019، بعد استنفاده مدة الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في القانون المصري، غير أن السلطات أعادته مرة أخرى إلى السجن على ذمة قضية جديدة.
وأكد معهد باريس الفرانكفوني للحريات على أنه لا ينبغي إطلاقاً إخضاع أي صحفي لما عاناه محمود حسين خلال السنوات الأربع الماضية لمجرد ممارسته مهنته.
ويبرز بهذا الصدد أن السلطات المصرية قمعت على مدار السنوات الماضية العمل الصحفي المستقل في البلاد، وحجبت تعسفاً مئات المواقع الإلكترونية، وداهمت وأغلقت تسع منصات إعلامية على الأقل، واعتقلت العشرات من الصحافيين على خلفية ممارسة عملهم.
كما وثقت منظمة العفو الدولية وجود ما لا يقل عن 36 صحافياً محتجزاً لمجرد ممارستهم عملهم المشروع، أو لتعبيرهم عن آرائهم عبر منصاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما يرتفع العدد إلى ما يقرب من 80 صحافياً وإعلامياً في تقديرات حقوقية محلية.
في الخامس من يناير/ كانون الثاني الماضي، اعتقلت قوات الأمن المصرية المصور الصحافي حمدي الزعيم، بعد اقتحام منزله، وظل رهن الاختفاء القسري لمدة 12 يوماً، قبل أن يظهر في نيابة أمن الدولة في التجمع الخامس، ويُحقق معه على ذمة القضية 955 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا.
لكن الظهور في نيابة أمن الدولة العليا لا ينهي مأساة الاختفاء القسري، فهناك مأساة أخرى تتجدد بتدوير الصحافيين في مصر على ذمة قضايا جديدة، لضمان استمرار حبسهم لأطول فترة ممكنة.
وذلك تحايلًا على فترة الحبس الاحتياطي المقدرة بعامين فقط. كما حدث أخيراً مع الصحفي سيد عبداللاه، المعتقل في سجن طرة المزرعة، والذي كما يعاني منذ اعتقاله واستمرار حبسه لما يقرب من عام ونصف، بعدما داهمت قوة أمنية منزله في مدينة السويس يوم 22 سبتمبر/ أيلول عام 2019.
وبعد اعتقال دام لمدة 13 شهراً، استُبدل الحبس الاحتياطي بالتدابير الاحترازية وإخلاء سبيله، وفي 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي رحل إلى قسم عتاقة تمهيداً لإنهاء إجراءات إخلاء سبيله، ليتعرض للاختفاء القسري لمدة 16 يوماً، قبل أن يظهر مجددا على ذمة قضية أخرى برقم 1106 لسنة 2020، ويحبس 15 يوما على ذمة التحقيقات، باتهامات الانضمام لجماعة إرهابية، ويودع سجن مزرعة طرة مجدداً.
وهناك حالات محاكمات عسكرية لصحافيين مصريين، آخرهم الصحافي والباحث المصري أحمد أبو زيد الطنوبي الذي قضت محكمة عسكرية مصرية، مطلع فبراير/ شباط الحالي، بسجنه عشر سنوات، في القضية المعروفة إعلاميًا باسم “اللجان الإعلامية في سيناء”.
وأكد معهد باريس الفرانكفوني للحريات على وجوب امتثال السلطات المصرية بالوفاء بالتزاماتها تجاه المواثيق والمعاهدات الدولية بشأن حرية العمل الصحفي وإطلاق سراح جميع الصحفيين المحتجزين تعسفاً، طبقاً لما تنص عليه أحكام القانون الدولي.