تونس: تقصير حكومي يهدد بفشل موسم زراعة الحبوب
تونس – قالت مؤسسة إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان إن على السلطات الحكومية في تونس الاستجابة لمطالب المزارعين المحليين بشأن توفير الأسمدة الكيميائية التي تهدد بإفشال موسم زراعة الحبوب.
واستمرت مؤسسة الفكر احتجاجات منذ أيام لمزارعين في ولايتي (باجة) و(جندوبة) من أجل المطالبة بتوفير الأسمدة الكيميائية وخاصة مادة (الامونيتر) وإنقاذ ما يطلق عليه في تونس موسم الزراعات الكبرى.
حيث هدد الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري في ولاية باجة الذي شرع منذ أيام في تنفيذ تحركات احتجاجية، بمنع تحويل الحبوب إلى المطاحن الكبرى وبدء اعتصام مفتوح أمام جميع مراكز يوم الاثنين القادم.
وتلقت إمباكت شكاوى من مزارعين بشأن تقصير حكومي في توريد الأسمدة الكيميائية اللازمة لعملهم على الرغم من أهمية موسم زراعة الحبوب الذي يعولون عليه، كما تراهن عليه الدولة في تجاوز عجز ميزانها الغذائي.
فيما يشكو المزارعون في أغلب المحافظات المنتجة للقمح في تونس من نقص كبير في البذور؛ بسبب عدم قدرة التعاضديات (شركات خاصة وحكومية مختصة في توفير البذور) على توفير الكميات اللازمة ذات الجودة العالية.
كما تعتبر ولاية باجة الخزان الرئيس للحبوب في تونس بحيث توفر حوالي 25% من الإنتاج الوطني من القمح والشعير والبقول والأعلاف من خلال مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية الخصبة.
فيما تختص ولاية باجة بالإنتاج الفلاحي نظراً لتوفر الأراضي الخصبة والمناخ الملائم للنشاط الفلاحي، فهي تقع في منطقة الشمال الغربي الأكثر خضرة في تونس.
وتحدث مسؤول في الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري في ولاية باجة لإمباكت إن “قطاع الفلاحة في الولاية يعاني من عديد المشاكل الهيكلية التي أثرت سلباً على المردودية وحجم الإنتاج على غرار ما يعانيه الفلاحون من فقدان سماد الامونيتر الذي يعتبر مادة أساسية تحتاجها التربة لضمان إنتاج جيد كماً وكيفاً، وهو ما فرض على المزارعين أن يحتجوا من أجل الضغط والمطالبة بالحصول على هذا السماد الضروري.”
وقال مزارعون خلال احتجاجات تابعتها إمباكت إن الجهات الحكومية لم توفر سوى كميات قليلة من سماد الامونيتر لا تفي بالحاجة ولم يكن لصغار الفلاحين منها نصيباً.
كما اشتكى المزارعون من تجاهل الجهات الحكومية المسؤولة مطالبهم بالتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مزارع الحبوب التي تأثرت من تأخر رشها بسماد الأمونيتر.
وأكد هؤلاء أن الضرر حاصل لا محالة وأن طلبهم أن يتوفر السماد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المحاصيل التي تضمن لهم استرجاع ما انفقوه خاصة وأن أغلبهم تحاصره القروض المالية والديون لدى مزودي مستلزمات الإنتاج الفلاحي.
وكان اجتماع حكومي انعقد في 12 تشرين أول/أكتوبر الماضي جمع كل من “عاقصة البحري” وزيرة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، و”علي الكعلي” وزير الاقتصاد والمالية، و”سلوى الصغير وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم، لبحث ضرورة إنقاذ الموسم الفلاحي بتوفير الأسمدة.
وتم خلال الاجتماع دعوة المجمع الكيميائي التونسي إلى توريد 60 ألف طن من الأمونيتر على 3 دفعات بـ 20 ألف طن وبقيمة إجمالية في حدود 45 مليون دينار بشكل عاجل، بالتنسيق مع جميع الأطراف، وهو أمر لم تمم ترجمته على أرض الواقع بحسب شكاوى من جهات نقابية ومزارعين محليين.
فيما تبرم شركات توفير البذور عقودًا مع المزارعين، تمكنهم من الحصول على كميات ذات جودة عالية تحت ما يسمى بعملية “الإكثار”، مقابل بيعها المحصول كاملاَ بعد الحصاد وفق الأسعار التي تحددها الحكومة مسبقاَ.
ويشار إلى أن تونس تواجه عجزاَ متنامياَ في إنتاج الحبوب منذ عام 2018، ما جعل البلاد تلجأ إلى الاستيراد الخارجي بوتيرة تتزايد سنوياَ.
ومنتصف العام الماضي أفاد تقرير عن منظمة الأغذية والزراعة “فاو”، بأن واردات تونس من الحبوب لموسم 2020- 2021 ستزداد بنسبة 20 بالمئة مقارنة مع الموسم السابق، وذلك إلى 3.8 مليون طن.
ومن جانبها قالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إن ذلك يعود للتوقعات بتراجع محصول الحبوب بواقع الثلث هذا العام.
ويساهم القطاع الزراعي في تونس بنسبة 12% في الناتج المحلي ويشغل حوالي 13,4% من اليد العاملة. وتبلغ المساحة الإجمالية للأراضي 16.4 مليون هكتار.
وقالت إمباكت إن تقصير الجهات الحكومية في تلبية احتياجات مزارعي الحبوب فضلاً عن تكبدهم خسائر مالية كبيرة، من شأنه أن يزيد أزمة عجز البلاد في إنتاج الحبوب والأزمة الاقتصادية الحادة التي تعانيها.
وأكدت إمباكت على مسؤولية الجهات الحكومية التونسية، لا سيما وزارة الفلاحة والصيد البحري، على توفير الكميات اللازمة والمبرمجة من مادة الأمونيتر لفائدة المزارعين والوفاء بالتزاماتها بهذا الصدد.