كشفت الحكومة البريطانية أهم تغيير في السياسة الخارجية والدفاعية في تاريخ البلاد منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك في تقريرها الإستراتيجي الرامي لرسم الشكل الجديد للمملكة المتحدة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.
حيث يظهر من خلال الوثيقة المكونة من 100 صفحة أن بريطانيا تريد استعادة جزء من تأثيرها العالمي، بعيدا عن الاتحاد الأوروبي.
كما تخلط الرؤية الجديدة الممتدة على 10 سنوات، بين تعزيز الحضور الدبلوماسي في العالم -وخصوصا بآسيا- وتقوية قدراتها العسكرية من خلال رفع الإنفاق العسكري، والرفع من ترسانتها النووية، وإنشاء جيش للحروب الرقمية.
إضافة لما أظهرته الوثيقة من خلال التسمية التي تحملها هذه الرؤية “بريطانيا العالمية” أن لندن تريد الانفتاح أكثر على العالم، واستعادة بعض من أمجاد الإمبراطورية البريطانية، مع فارق القدرات والسياق العالمي.
حيث يعول رئيس الوزراء بوريس جونسون على هذه الرؤية لتجعل من البلاد “ذات سيادة وواحدة من أكثر الديمقراطيات المؤثرة في العالم”.
فيما تنهي الرؤية الجديدة عهد تقليص عدد الرؤوس النووية الذي انطلق منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.
وكانت قد أعلنت الحكومة البريطانية زيادة عدد الرؤوس النووية بنسبة 40%، ومن المتوقع أن يرفع عدد الرؤوس النووية في ترسانة المملكة المتحدة من 180 إلى 260 صاروخا نوويا، وذلك للرفع من قوة الردع البريطانية “في مواجهة المخاطر المتزايدة”.
كما واجهت الحكومة البريطانية الكثير من الانتقادات حول هذا القرار، باعتباره قد يعيد من جديد سباق التسلح النووي، إلا أن الرد الحكومي يؤكد أن الغرض من هذا الرفع هو تعزيز القدرات الدفاعية للبلاد.
حيث أن الزيادة سوف تكون الهدف لكن دون أن تعني الوصول إلى 260 صاروخا نوويا بالفعل، علما أن بريطانيا تعتبر من أقل الدول الغربية توفرا على رؤوس نووية داخل النادي النووي.
فيما تؤكد السياسة الجديدة على نقطة هي بمثابة عقيدة في السياسة الخارجية البريطانية، وهي إعطاء الأولوية دائما للعلاقات مع الولايات المتحدة.
وتصفها الوثيقة بأنها الشريك الأكثر أهمية وإستراتيجية بالنسبة للبلاد، وعليه سوف تسعى لندن لتعزيز هذه العلاقة، في ما يشبه رسائل ود للإدارة الأميركية الجديدة، التي ما زالت تتعامل ببعض البرود مع حكومة جونسون بسبب خلافات سابقة بين بايدن وجونسون.
هذه الخلافات تتوقع تحليلات كثيرة أنها ستختفي قريبا بالنظر لقوة العلاقات بين البلدين، وذهبت بعض التسريبات إلى أن التنسيق بين واشنطن ولندن يذهب في اتجاه طلب إدارة بايدن من البريطانيين الاهتمام أكثر بمواجهة الهجمات الرقمية الآتية من روسيا باتجاه الغرب على أن تتفرغ واشنطن لمواجهة النفوذ الصيني المتصاعد.
وفي ذات السياق, ردت الحكومة البريطانية بأن مشروعها الرفع من الإنفاق العسكري، بحوالي 20 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة، سوف يسهم في تقوية القدرات الدفاعية للجيش لمواجهة التحديات المتصاعدة.
كما يخطط الجيش البريطاني لجعل الجندي الآلي عنصرا أساسيا في تركيبته.
وذلك بإقحام 30 ألفا منهم في صفوف الجيش البريطاني بحلول 2030، ليشكل ربع القدرة القتالية للجيش البريطاني.
ووفقاً لرئاسة الأركان البريطانية، فإن مهمة الجندي الآلي ستكون المشاركة بالمعارك في الصفوف الأولى، وذلك تجنبا للخسائر البشرية التي تكون محرجة للجيوش الكبرى.