تمويل الاتحاد الأوروبي قوارب تابعة لخفر السواحل الليبي تواطؤ في انتهاكاته ضد المهاجرين
أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اعتزام المفوضية الأوروبية مواصلة تزويد السلطات الليبية بالدعم المادي لاعتراض المهاجرين وطالبي اللجوء في البحر الأبيض المتوسط، على الرغم من تنفيذ الأخيرة اعتقالات جماعية وإطلاق نار عشوائي تجاههم، إلى جانب تقرير الأمم المتحدة الأخير الذي يشير إلى أن الأفعال المرتكبة ضد المهاجرين في مراكز الاحتجاز الليبية “قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.”
وقال الأورومتوسطي – ومقره جنيف – إن مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، ولا سيما إيطاليا، ضخت ملايين اليوروهات لتقديم المساعدة المادية والتقنية لخفر السواحل الليبي لتعزيز قدرته في السيطرة على حدود البلاد واعتراض المهاجرين وطالبي اللجوء في البحر، بهدف منع وصولهم إلى أوروبا.
ومع ذلك، كان الاتحاد الأوروبي وما يزال ينفي أي مسؤولية عن إرجاع المهاجرين وطالبي اللجوء إلى ليبيا واحتجازهم في ظروف مروعة.
وأعلنت المفوضية الأوروبية مؤخرًا عن عزمها منح خفر السواحل الليبي زوارق جديدة من فئة (P150) على الرغم من تدهور حالة حقوق الإنسان للمهاجرين في ليبيا، حيث زاد عدد المهاجرين في مراكز الاحتجاز في طرابلس أكثر من ثلاثة أضعاف في الأسبوعين الماضيين.
ولفت الأورومتوسطي إلى محاولة مئات المهاجرين وطالبي اللجوء الهروب خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي من مركز “المباني” لاحتجاز المهاجرين في طرابلس، من خلال فجوة في سور المنشأة، قبل أن يبدأ الحراس المسلحون بإطلاق النار بشكل عشوائي، مما أسفر عن مقتل ستة مهاجرين وإصابة 14 آخرين على الأقل.
وقال الأورومتوسطي إن أكثر من 2,000 مهاجر وطالب لجوء تجمعوا خارج المقر المحلي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بعد إطلاق النار العشوائي، مطالبين بالإجلاء الفوري إلى مكان آمن خارج ليبيا، لكن الوكالة علقت عملها في مركز طرابلس بسبب “التوترات المتصاعدة التي تنطوي على العنف والسلوك التخريبي.”
وبالمثل، لم تتمكن منظمة أطباء بلا حدود من إدارة عياداتها المتنقلة الأسبوعية للمهاجرين وطالبي اللجوء المستضعفين في جميع أنحاء المدينة.
وقال الأورومتوسطي إن انعدام الأمن على نطاق واسع نتج بشكل خاص عن خمسة أيام من المداهمات والاعتقالات الجماعية العشوائية التي نُفذت منذ بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول، إذ اعتُقل ما لا يقل عن 5,000 مهاجر وطالب لجوء، من بينهم 215 طفلاً وأكثر من 540 امرأة، 30 منهن على الأقل حامل، واحتجازهم بشكل تعسفي في طرابلس في غضون ثلاثة أيام فقط، فيما تعرض العديد منهم أيضًا للعنف الجسدي والجنسي.
وأشار الأورومتوسطي إلى ما جاء في بيان الاتحاد الأوروبي في أعقاب التقرير الأخير لبعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا، الذي وجد أن “القتل والاسترقاق والتعذيب والسجن والاغتصاب والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية المرتكبة ضد المهاجرين تشكل جزءًا من هجوم منظم وواسع النطاق موجه ضد هؤلاء الأشخاص، تعزيزًا لسياسة الدولة” التي قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
كما شدد التقرير على “المسؤولية التي قد تتحملها دول ثالثة” وطالب “بمزيد من التحقيقات لتحديد دور جميع المتورطين، بشكل مباشر أو غير مباشر، في هذه الجرائم”.
وقالت “ميكيلا بولييزي”، باحثة شؤون اللجوء والهجرة في الأورومتوسطي، “إن المهاجرين في ليبيا محاصرون في حلقة مفرغة، حيث يحاولون عبور البحر فيتم اعتراضهم ويُحتجزون بشكل تعسفي ويتعرضون للتعذيب والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي والاستغلال ليدفعوا مبالغ مالية للحراس من أجل إطلاق سراحهم ومحاولة عبور البحر مرارًا وتكرارًا.”
وأضافت “بولييزي”، “إن الاتحاد الأوروبي منخرط عن علم وبشكل مباشر في سياسة الإفلات من العقاب وهذه الحلقة المفرغة من الانتهاكات الجسيمة.”
وحث الأورومتوسطي ليبيا على إنهاء حملتها على المهاجرين وطالبي اللجوء في جميع أنحاء البلاد فورًا، وإغلاق مراكز الاحتجاز، ووقف ومنع الاحتجاز التعسفي وسوء معاملة المهاجرين والمهاجرين وطالبي اللجوء، ومحاسبة جميع الحراس المتورطين في الانتهاكات، واستئناف رحلات الإجلاء الإنساني وإعادة التوطين خارج البلاد للسماح للأشخاص بمغادرة ليبيا.
ودعا الأورومتوسطي المفوضية الأوروبية إلى تعليق كافة أشكال التعاون في مجال الهجرة ومراقبة الحدود مع ليبيا، واشتراط الدعم المادي باحترام حقوق الإنسان، وفتح مسارات آمنة وقانونية على وجه السرعة لآلاف الأشخاص المحتاجين للحماية المحتجزين حاليًا في ليبيا، وتطوير ونشر بعثات بحث وإنقاذ أوروبية عبر البحر الأبيض المتوسط وإنزال أي شخص تم اعتراضه وإنقاذه في مكان آمن فعلًا خارج ليبيا، بحسب ما أقرته محكمة نابولي في حكم أصدرته مؤخرًا لأول مرة.