بولندا.. صد المهاجرين ينتهك القانون الأوروبي والدولي
حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان له اليوم من محاولة بولندا شرعنة صد طالبي اللجوء في ظل حالة الطوارئ غير الشرعية والمواجهة السياسية مع النظام البيلاروسي، منددًا بما يمثله ذلك من انتهاك واضح للقانون الأوروبي والدولي والدعم الأوروبي.
وقال المرصد الحقوقي الدولي إن البرلمان البولندي قد أقرّ قانونًا في 14 أكتوبر/تشرين الأول يمكّن حرس الحدود من إعادة المهاجرين الذين عبروا الحدود بشكل غير قانوني على الفور، ما يعني رفض طلبات لجوئهم دون النظر فيها ومنعهم من دخول البلاد “لمدة تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات.”
وقال الأورومتوسطي إنه لم يبقي سوى أن يوقع الرئيس أندريه دودا، حليف حزب القانون والعدالة الحاكم ذي الرؤى القومية، على القانون حتى يدخل حيز التنفيذ.
وأشار أن بولندا اتُهمت مرارًا بصد طالبي اللجوء بشكل غير قانوني، حيث فرضت حالة الطوارئ على طول الحدود مع بيلاروسيا في 2 سبتمبر لأول مرة منذ سقوط الشيوعية في 1989.
وكان الرئيس دودا في نهاية سبتمبر قد دعا إلى تمديد حالة الطوارئ لمدة 60 يومًا أخرى بما في ذلك حظر تنقلات المنظمات الإنسانية والصحفيين ووصولهم للحدود للتستر على الظروف القاسية للغاية التي يعيشها آلاف المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في الغابة ويتم صدهم ذهابًا وإيابًا بين بولندا وبيلاروسيا.
ولفت الأورومتوسطي أن أزمة المهاجرين الذين يعيشون في ظروف مروعة بحثًا عن الحماية في أوروبا محكمة الإغلاق أدت لخلق أخرى وهي “أزمة الحدود البيلاروسية.”
ووفقًا لوكالة الحدود البولندية، كانت هناك أكثر من (16000) محاولة لعبور الحدود البيلاروسية إلى بولندا منذ أغسطس، مقارنة بـ (120) فقط في العام الماضي بأكمله.
وبدأت الزيادة في عدد الوافدين بعد أن أعلن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في مايو السماح للمهاجرين بالعبور إلى الاتحاد الأوروبي، وفي 4 أكتوبر، علّق رسميًا اتفاق إعادة القبول لعام 2020 مع الاتحاد الأوروبي.
ويذكر أن الحكومة البلاروسية أقرت مشروع القانون الذي يسمح بصد طالبي اللجوء “ردًا على الإجراءات العدوانية التي اتخذها الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه تجاه بيلاروسيا”.
من جانيه، اتهم الاتحاد الأوروبي الرئيس لوكاشينكو بيلاروسيا بتسهيل الهجرة غير الشرعية إلى الدول الأعضاء المجاورة لزعزعة استقرار أوروبا كرد فعل على العقوبات المفروضة على البلاد منذ عام 2020 بسبب قمع السلطات لمؤسسات المجتمع المدني والمعارضة الديمقراطية.
أما بولندا، التي تخطط لبناء جدار بتكلفة 350 مليون يورو على الحدود البيلاروسية، فقد اتهمت بيلاروسيا بشن “حرب هجينة” في محاولة لتوجيه ضربة للاتحاد الأوروبي في أكثر الملفات حساسية وهي قضية المهاجرين.
وقال الأورومتوسطي إن “توجيه الهجرة غير النظامية إلى الاتحاد الأوروبي،” بحسب وصف مفوضية الاتحاد الأوروبي، قد أثر على العديد من البلدان المجاورة لبيلاروسيا مثل ليتوانيا ولاتفيا اللتان أبلغتا عن زيادات حادة في تدفقات الهجرة خلال الصيف قبلان يعلنا عن حالة الطوارئ في كل من البلدين، فيما اقترحت ليتوانيا إضفاء الشرعية على عمليات صد المهاجرين.
وحذر الأورومتوسطي من أن شريحة كبيرة من الأوروبيين تدعم النهج البولندي غير القانوني الحالي للتعامل مع الهجرة.
قبل أسابيع قليلة فقط، كتب وزراء داخلية ليتوانيا وبولندا ولاتفيا والمجر وجمهورية التشيك والنمسا وبلغاريا وقبرص والدنمارك واليونان وإستونيا وسلوفاكيا رسالة مشتركة إلى مفوضية الاتحاد الأوروبي تدعو إلى المزيد من الحواجز المادية على الحدود الخارجية بالإضافة إلى تدابير أخرى – غير محددة – “لمنع عبور الحدود غير القانوني”.
في غضون ذلك تم العثور على ما لا يقل عن سبعة من طالبي اللجوء قتلى بالقرب من الحدود البولندية البيلاروسية منذ أغسطس، نتيجة لانخفاض درجة الحرارة والإرهاق نظرًا لانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون درجة التجمد بين عشية وضحاها، ومن المتوقع أن يرتفع عدد الوفيات بشكل كبير.
وقالت ميكيلا بولييزي، باحثة شؤون الهجرة واللجوء في الأورومتوسطي، إن المواجهة السياسية بين بولندا وبيلاروسيا وليتوانيا والاتحاد الأوروبي تحاصر المهاجرين بين حدود قاتلة لا يمكن اختراقها بشكل غير شرعي، مضيفةً أن حالة الطوارئ في بولندا غير شرعية ولا يجب أن تتعدى على حق الإنسان في اللجوء ومبدأ عدم الإعادة القسرية وحظر المعاملة المهينة.
وشددت بولييزي أن “المهاجرين على الحدود، بغض النظر عن طريقة دخولهم، ما زالوا أشخاصًا أمام القانون، وليسوا مجرد رهائن جيوسياسيين.”
وأشار الأورومتوسطي أن المادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنص على عدم جواز تطبيق حالة الطوارئ إلا في حالات “تهدد حياة الأمة” ويجب ألا تكون التدابير المتخذة منافية “للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي “.
وقال الأورومتوسطي إنه بالنظر إلى الظروف الواقعة على طول الحدود بين بولندا وبيلاروسيا، فإن حالة الطوارئ ليست ضرورية ولا قانونية، وإعادة طالبي اللجوء بعد إجراءات مقتضبة، وليس تقييمات فردية، تشكل انتهاكًا لالتزامات بولندا الدولية، ولا سيما مبدأ عدم الإعادة القسرية وحظر الطرد الجماعي والحق في الوصول إجراءات اللجوء.
ودعا الأورومتوسطي بولندا إلى الكف عن صد طالبي اللجوء فورًا، والتوقف عن محاولة شرعنة عمليات الإعادة، وإلغاء حالة الطوارئ غير الضرورية من أجل السماح للمساعدات الطبية والإنسانية بالوصول دون عوائق، فضلاً عن المساعدة القانونية والدعم النفسي والاجتماعي على الحدود مع بيلاروسيا.
كما دعا السلطات إلى احترام الحق في طلب اللجوء والحق في اللجوء القانوني، وتزويد جميع المتقدمين بطلبات اللجوء بمياه صالحة للشرب والطعام والمساعدات الطبية ومرافق الصرف الصحي والمأوى المناسب.
وطالب الأورومتوسطي الاتحاد الأوروبي بإنشاء آلية مراقبة على وجه السرعة على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا، التي تتعرض لمزيد من العسكرة، للإشراف على انتهاكات حقوق الإنسان والتأكد من أن السلطات المنتشرة تحترم القانون الدولي والأوروبي، خاصةً المتعلقة منها بوصول المهاجرين الآمن إلى إجراءات اللجوء الفردية.