قدم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مساء الأربعاء، للصحفيين في المقر الدائم، أول موجز سياساتي مفصل يصدر عن مجموعة الاستجابة للأزمات العالمية بشأن الغذاء والطاقة والتمويل (GCRG) التي أنشأها لدراسة آثار الحرب في أوكرانيا على الأكثر ضعفا في العالم.
وفي مؤتمره الصحفي الذي شاركت به كل من نائبته أمينة محمد، والأمينة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) ريبيكا غرينسبان، قال غوتيريش:
“إننا نواجه الآن عاصفة كاملة تهدد بتدمير اقتصادات البلدان النامية. لا يمكن لشعب أوكرانيا أن يتحمل العنف الذي يتعرض له. ولا يمكن أن يصبح أكثر الناس ضعفا حول العالم ’أضرارا جانبية‘ في كارثة أخرى لا يتحملون أي مسؤولية عنها”.
وباعتبارهما اثنتين من الدول التي توفر سلال الخبز في العالم، تسهم روسيا وأوكرانيا بتقديم حوالي 30 بالمائة من القمح والشعير الذي نستهلكه.
لا تزال روسيا أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم، وثاني أكبر مصدر للنفط ومنتج مهم للأسمدة.
وقد أثرت الحرب بشدة على أسواق الغذاء والطاقة والأسواق المالية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع إلى مستويات قياسية.
وأضاف تقرير غوتيريش أنه من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 1٪ في عام 2022.
“عالمنا لا يستطيع تحمل هذا. علينا التحرك الآن”، شدد الأمين العام أمام الصحفيين في المقر الدائم قبل أن يدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة ومنسقة لمساعدة البلدان والمجتمعات الأكثر عرضة للخطر على تجنب الأزمات المترابطة:
“يمكننا أن نفعل شيئا حيال هذه الأزمة ثلاثية الأبعاد. لدينا القدرة على تخفيف الضربة”.
يقترح الموجز الذي أطلق اليوم سلسلة من التوصيات الفورية وطويلة المدى لتجنب الأزمة ثلاثية الأبعاد والاستجابة لها، بما في ذلك الحاجة إلى إبقاء الأسواق والتجارة مفتوحة لضمان توافر المواد الغذائية والمدخلات الزراعية مثل الأسمدة والطاقة، كما ذكر الأمين العام في كلمته اليوم وكما أوضحت أيضا الأمينة العامة للأونكتاد ريبيكا غرينسبان.
وقالت غرينسبان: “نحث جميع الدول على إبقاء أسواقها مفتوحة ووقف أي قيود من شأنها أن تعيق التجارة الدولية وتدفق الأغذية والأسمدة إلى البلدان التي تحتاجها.”
وشددت على أن “حركات الاكتناز والمضاربة تهدد الإمدادات الغذائية ونحن بحاجة إلى التضامن في هذا الوقت من الأزمة.”
كما يدعو إلى المؤسسات المالية الدولية لإطلاق تمويل عاجل بالنسبة للبلدان الأكثر عرضة للخطر مع التأكد من وجود موارد كافية لبناء مرونة طويلة الأجل لمثل هذه الصدمات.
في ضوء الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية والوقود والسلع الأخرى، يحث التقرير جميع الدول على إبقاء أسواقها مفتوحة، ومقاومة الاكتناز والقيود غير الضرورية على الصادرات، وإتاحة الاحتياطيات للدول الأكثر تعرضا لخطر الجوع والمجاعة.
يدعو التقرير المؤسسات المالية الدولية إلى الإفراج عن التمويل للدول الأكثر ضعفا، ومساعدة الحكومات في البلدان النامية على الاستثمار في أفقر الناس وأكثرهم ضعفاً من خلال زيادة الحماية الاجتماعية، والعمل على إصلاح النظام المالي العالمي بحيث يتم تقليل التفاوتات.
وحث موجز السياساتي إن على تمويل الخطط الإنسانية بالكامل، وهناك حاجة لإصلاح كبير للنظام المالي الدولي من أجل “إرجاع البلدان النامية عن حافة الهاوية المالية”، على حد تعبير الأمين العام للأمم المتحدة.
يمكن للأزمة، اعتمادا على كيفية استجابة العالم، أن تتحول أيضا إلى فرصة لكوكب الأرض.
ويقر موجز السياسة بأنه، على المدى القصير، يجب تحرير الاحتياطيات الاستراتيجية من الوقود الأحفوري من أجل استقرار الأسعار وضمان الإمدادات الكافية.
ومع ذلك، فإن نشر الطاقة المتجددة بشكل مكثف سيساعد على ضمان عدم تكرار أنواع ارتفاع أسعار الطاقة التي نشهدها حاليا في المستقبل، مع تسريع التقدم نحو مستقبل طاقة أنظف ومنخفض الكربون.
تتكون مجموعة الاستجابة للأزمات العالمية بشأن الغذاء والطاقة والتمويل (GCRG) من 32 عضوا، وترأسها نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، وتضم رؤساء وكالات الأمم المتحدة وبنوك التنمية والمنظمات الدولية الأخرى.
تم إطلاقها من قبل غوتيريش في 14 آذار/مارس، استجابةً للمخاوف بشأن العواقب المحتملة للغزو الروسي لأوكرانيا، فضلاً عن الآثار المستمرة لجائحة كوفيد-19.
ستضمن المجموعة التعاون عبر الحكومات، والنظام متعدد الأطراف ومجموعة واسعة من القطاعات، لمساعدة البلدان الضعيفة على تجنب الأزمات واسعة النطاق.
وسيتحقق ذلك من خلال التنسيق رفيع المستوى والشراكات، والعمل العاجل، والوصول إلى البيانات الهامة، والتحليلات والتوصيات المتعلقة بالسياسات.
وقد صدر عنها الأمس أول موجز سياساتي بتنسيق من الأمينة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، ريبيكا غرينسبان.
وقال غوتيريش إن التقرير يوضح أن هناك علاقة مباشرة بين ارتفاع أسعار المواد الغذائية وعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، مشددا على التحرك والعمل الآن.
“قبل كل شيء، يجب أن تنتهي هذه الحرب. نحن بحاجة إلى إسكات البنادق وتسريع المفاوضات نحو السلام الآن. من أجل شعب أوكرانيا. من أجل أهل المنطقة. ومن أجل شعوب العالم.”
تهدد الأزمة الأوكرانية بدفع ما يصل إلى 1.7 مليار شخص – أي أكثر من خُمس البشرية – إلى الفقر والعوز والجوع.
توفر أوكرانيا والاتحاد الروسي 30 في المائة من القمح والشعير في العالم، وخمس محصول الذرة، وأكثر من نصف زيت عباد الشمس.
تشكل الحبوب التي تنتجانها مجتمعة مصدرا غذائيا أساسيا لبعض الأشخاص الأكثر فقرا وضعفا، حيث توفر أكثر من ثلث القمح الذي تستورده 45 دولة أفريقية وأقل نموا.
وفي الوقت نفسه، تعد روسيا أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم وثاني أكبر مصدر للنفط.
ضاعفت الحرب من التحديات التي يواجهها العديد من البلدان النامية نتيجة لجائحة كوفيد-19 فضلاً عن أعباء الديون التاريخية والتضخم المتصاعد.
منذ بداية عام 2022، ارتفعت أسعار القمح والذرة بنسبة 30 في المائة، وارتفعت أسعار النفط بأكثر من 60 في المائة خلال العام الماضي، كما زادت أسعار الغاز الطبيعي والأسمدة بأكثر من الضعف.
في الوقت نفسه، تواجه العمليات الإنسانية للأمم المتحدة أزمة تمويل: حذر برنامج الأغذية العالمي (WFP) من أنه لا يملك الموارد الكافية لإطعام الجياع في المواقف اليائسة. والبرنامج بحاجة ماسة إلى 8 مليارات دولار لدعم عملياته في اليمن وتشاد والنيجر.
ويأتي إطلاق هذا الموجز في أعقاب إصدار أحدث تقرير عن تمويل التنمية المستدامة (12 نيسان/ أبريل)، وقبل اجتماعات الربيع لعام 2022 لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي (18 إلى 24 نيسان/ أبريل).
ومن المتوقع أن يتم إصدار موجزات سياساتية أخرى بشكل أسبوعي، كل يوم ثلاثاء، لكن جدول النشر قد يتغير، اعتمادا على كيفية تطور الحرب في أوكرانيا.