قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ تتبّع المهاجرين وطالبي اللجوء في المملكة المتحدة بأجهزة إلكترونية إجراء غير ضروري ومتحيّز وغير متناسب، ويوصم الأبرياء كمجرمين.
وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي الثلاثاء، أنّه بموجب الخطة التجريبية التي بدأت الأربعاء 15 يونيو/ حزيران وستستمر لعام، فإنّ تحركات بعض المهاجرين وطالبي اللجوء ممن يصلون المملكة المتحدة عبر ما تصفه الحكومة بـ”طرق غير قانونية” أو “طرق غير ضرورية وخطيرة”، ستخضع للمراقبة بأجهزة تتبع إلكترونية.
وتوضع أجهزة التعقب حول الكاحل، وهناك نوعان منها، إذ يختص النوع الأول بمراقبة تحركات المهاجر أو طالب اللجوء، ويعمل النوع الآخر على التحقق من مدى التزام طالب اللجوء أو المهاجر بأحكام حظر التجول.
وذكر الأورومتوسطي أنّ المهاجرين وطالبي اللجوء الذين سيجري تتبعهم -بحسب ما تنص الخطة- قد يكونون عرضة للاحتجاز أو المحاكمة، أو الاستبعاد من أماكن معيّنة، وقد يطبّق عليهم حظر التجول، بالإضافة إلى أنّهم سيكونون مطالبين في بعض الأحيان بإبلاغ السلطات بتحركاتهم بانتظام.
وقال مسؤول البرامج والاتصال في المرصد الأورومتوسطي “محمد شحادة”: “غالبًا ما يعاني الأشخاص المتنقلون من أشكال مختلفة من الاضطهاد والانتهاكات، مثل المراقبة غير القانونية والاحتجاز التعسفي، واستحالة العيش بحرية في حال قرروا الحفاظ على هوياتهم”.
وأضاف “يجب أن يحصل الأشخاص المتنقلون على رعاية خاصة ومكثفة بدلًا من توصيل أجهزة تتبّع بكواحلهم، وتجريم أجسادهم وخياراتهم. عندما تجرّم حكومة المملكة المتحدة على نحو أعمى ووحشي المهاجرين وطالبي اللجوء الذين يدخلون أراضيها “بشكل غير نظامي”، فهي تتناسى أنّ “الطريقة غير النظامية” في الوقت الحالي هي الطريقة الوحيدة للوصول لأراضيها”.
وأوضح أنّ خطة تتبع المهاجرين وطالبي اللجوء جاءت عقب قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 14 يونيو/ حزيران بوقف رحلة طيران خاصة لترحيل طالبي لجوء من المملكة المتحدة إلى العاصمة الرواندية “كيغالي”، في أعقاب مذكرة التفاهم الأخيرة بين حكومة المملكة المتحدة وحكومة جمهورية رواندا بشأن ترحيل طالبي اللجوء.
ودافع رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون” عن الخطة، إذ قال إنّها تهدف لمنع بعض أشخاص من “الاختفاء” في البلاد، على الرغم من عدم وجود دليل على ميل طالبي اللجوء والمهاجرين إلى إخفاء تحركاتهم داخل المملكة المتحدة.
في المقابل، أظهرت بيانات أنّ هذا النوع من المراقبة والتجريم قد يترك تأثيرات مدمرة على من تعرضوا للاضطهاد وغيره من الانتهاكات، فالاحتجاز أو العزل عن المجتمع دون رعاية أو دعم مناسبين يمكن أن يكون له آثار سلبية على الصحة البدنية والعقلية، بما في ذلك زيادة احتمالية إيذاء النفس أو الانتحار، ما قد يزيد من تعقيد أو تأخير البت في إجراءات الهجرة.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ السلطات البريطانية لا تتعامل بجدية مع هذه المخاطر، وتسمح بتعقّب حتى أولئك الذين تعرّضوا للتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة خلال رحلة الهجرة.
ولفت إلى أنّ الجهات البريطانية المعنية تطلب من الأخصائيين الاجتماعيين عند التقييم مُراعاة عوامل مختلفة قبل تقرير ما إذا كان يجب تعقّب طالب اللجوء إلكترونيًا أم لا -فلا يطبق الإجراء على الأطفال أو النساء الحوامل مثلًا- كما يُطلب منهم النظر فيما إذا كانت وزارة الخارجية قد قبلت ادعاءهم بالتعرض للتعذيب.
ولكنّ في ذات الوقت، تنص الارشادات الموجهة للأخصائيين على أن هذا العامل “في حد ذاته لا يمنع فرض الإجراء”ـ معللةً بأنه “ربما ما يزال من المناسب الإبقاء على التتبع الإلكتروني بسبب عوامل أخرى ذات صلة”.
ودعا المرصد الأورومتوسطي المملكة المتحدة إلى وقف هذه الخطة القسرية، واحترام المادة 8 والمادة 14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، واللتان تنصان على الحق في احترام الحياة الخاصة والعائلية وحظر التمييز.
وطالب المرصد الأورومتوسطي بالنظر في الآثار النفسية غير المتناسبة والمدمرة التي يمكن أن تُحدثها هذه الخطة غير الضرورية على الأشخاص المتنقلين خصوصًا الفئات الضعيفة منهم، وضمان احترام الكرامة الإنسانية والحقوق الأساسية خلال معالجة البيانات الشخصية للمهاجرين وطالبي اللجوء، وتوفير طرق آمنة وقانونية لهم لدخول المملكة المتحدة.