أثارت فضيحة تنصّت هزت الأوساط السياسية اليونانية، مخاوف الجماعات والمنظمات الحقوقية والصحفية في اليونان بعد حادثة المراقبة لوكالة المخابرات في أثينا لزعيم حزب معارض وصحفيين آخرين.
وذكرت إيفا كوس، الباحثة في منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية، في حديثها للأناضول: “وسط مخاوف متزايدة بشأن حرية الإعلام في اليونان، أصبح تدخل الحكومة أكثر شيوعا في وسائل الإعلام المستقلة”.
واندلعت الفضيحة الأسبوع الماضي، عندما أبلغ رئيس جهاز المخابرات اليوناني باناجيوتيس كونتوليون لجنة برلمانية أن وكالته كانت تتجسس على الصحفي نيكوس أندرولاكيس.
وفي خطاب متلفز للأمة، أقر رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس بأن المخابرات تنصتت على رئيس حزب “باسوك” الاشتراكي المعارض نيكوس أندرولاكيس، لكنه نفى علمه بالمراقبة.
حيث جاء هذا الإعلان بعد استقالة رئيس جهاز المخابرات كونتوليون، والأمين العام لمكتب رئيس الوزراء جريجوريس ديميترياديس، إثر مزاعم بالتجسس الإلكتروني على صحفيين ومعارضين.
كما قدم رئيس حزب “باسوك” الاشتراكي المعارض شكوى إلى المحكمة العليا بالبلاد، قال فيها إن هاتفه تعرض لمحاولة اختراق باستخدام برنامج “بريداتور” للتجسس.
وأوضح أندرولاكيس العضو في البرلمان الأوروبي، أنه علم بمحاولة الاختراق من جهاز الأمن السيبراني بالبرلمان الأوروبي، حسب وكالة “أسوشيتد” برس الأمريكية.
وفي أبريل/ نيسان الماضي، قال الصحفي ثاناسيس كوكاكيس إنه تلقى إشعارا من مجموعة الحقوق الرقمية “ستزن لاب” بأن هاتفه تعرض للمراقبة بواسطة نفس برنامج التجسس خلال الفترة من يوليو/ تموز إلى سبتمبر/ أيلول 2021.
ودعت لجنة حماية الصحفيين الدولية في وقت سابق، إلى إجراء تحقيق “سريع وشامل” لتحديد الجهة المنفذة لعمليات التجسس و”محاسبتها”.
وبدأ تحقيق برلماني بعد شكوى أندرولاكيس إلى كبار المدعين العامين بخصوص محاولة اختراق هاتفه المحمول ببرنامج تتبع “بريداتور” إسرائيلي الإنتاج.
وأضافت كوس: “تحث المنظمة الدولية (هيومن رايتس ووتش) السلطات اليونانية على التحقيق بهدف تحديد المسؤولين عن المراقبة والكشف عن هوياتهم للعلن، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع مثل هذه الحوادث في المستقبل”.
وشددت الباحثة على “ضرورة تأكد سلطات اليونان من تمتع الصحفيين ببيئة عمل آمنة وعدم تعرضهم للترهيب والمراقبة”.
وفي ذات السياق، قال بانايوتي ديميتراس، متحدث منظمة “هلسنكي مونيتور” اليونانية الحقوقية (غير حكومية)، إن “التنصت على الصحفيين وزعيم حزب، بموافقة المدعي العام كان أمرًا لا يمكن تصوره في بلد تسود فيه سيادة القانون”.
وقال ديميتراس أن “ادعاء رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس أنه لا يعلم بمراقبة أندرولاكيس كان إما غير صحيح أو علامة على عدم الكفاءة”.
وأضاف: “في كلتا الحالتين، في دولة يسودها القانون كان يجب أن يستقيل ميتسوتاكيس من منصبه، وليس أمين عام ديميترياديس”.
واستطرد: “اليونان في مثل هذه القضايا تثبت أنها ليست دولة سيادة القانون، ولن نتفاجأ إذا لم يستقيل رئيس الوزراء فحسب، بل خرج فائزًا في الانتخابات المقبلة، لأن المعارضة كانت ضعيفة بشكل مزمن”.
وبهذا الخصوص، سلطت منظمة “مراسلون بلا حدود” الضوء على قضية التجسس على الصحفي كوكاكيس والصحفي الاستقصائي ستافروس ماليتشوديس.
وأضافت أن “الافتقار إلى الشفافية حول أسباب وضع كوكاكيس تحت المراقبة أثار تساؤلات حول شرعية هذا الإجراء”.
وأشارت المنظمة: “في غياب أسباب قوية للاشتباه في وجود تهديد للأمن القومي، فإن هذه المراقبة ستشكل انتهاكًا خطيرًا لحرية الصحافة”.
وتابعت: “نستنكر معاملة الصحافة باعتبارها تهديدا للأمن القومي”.