المجلس الدستوري الفرنسي يحسم في مسألة دستورية إصلاح نظام التقاعد
بعد أشهر من الاحتجاجات والإضرابات ضد إصلاح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحكومته لنظام التقاعد، يحسم المجلس الدستوري، أعلى سلطة قضائية في الدولة، اليوم الجمعة، في دستورية قانون التقاعد الذي مررته الحكومة بالقوة في وقت سابق دون إخضاعه للتصويت في البرلمان (المادة 3-49 من الدستور).
على مدار 15 يومًا، ظل الحكماء التسعة للمجلس الدستوري الفرنسي يبحثون ويناقشون هذه القضية الشائكة، قبل أن يبتوا اليوم الجمعة في مدى تطابق القانون مع إصلاح نظام التقاعد هذا، الذي يرفع سن التقاعد إلى 64 عامًا، مع الدستور الفرنسي.
ثمة ثلاثة سيناريوهات تبدو أمام “حكماء” المجلس الدستوري، برئاسة وزير الخارجية السابق لوران فابيوس، أولها يتمثل في إعطاء المجلس الدستوري الضوء الأخضر الكامل لإصلاح نظام التقاعد هذا المُثير للجدل. وعليه يمكن سن القانون من قبل رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، في غضون 14 يومًا كحد أقصى.
أما السيناريو الثاني، فيتمثل في قرار المجلس الدستوري فرض رقابة جزئية على الإصلاح. وبالتالي، يمكن سنّ القانون ولكن دون المواد التي تتعارض مع الدستور. فالمادة 10 من الدستور، تسمح، قبل سن القانون، بإجراء مداولات جديدة أمام البرلمان دون تأخير، وسيتيح هذا الوقت المزيد من المفاوضات قبل التوصل إلى اتفاق مع جميع الأطراف.
يتوقع معظم مؤيدي النص ومعارضيه أن بعض الإجراءات ستخضع على الأقل للرقابة من قبل المجلس الدستوري، بما في ذلك مؤشر كبار السن بشكل خاص، وهو مؤشر إلزامي جديد لتحديث ممارسات الشركات الكبيرة من حيث توظيف الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 55 عامًا.
في حين، يتمثل السيناريو الثالث، أمام أعضاء المجلس الدستوري، في إعلانه عن رقابة كاملة على القانون، ما يعني إلغاء الإجراء التشريعي، وبدء الحكومة للعملية برمتها مرة أخرى، إذا كانت ما تزال ترغب في اعتماد إصلاحها، وهي فرضية تبدو شبه مستبعدة، وفق العديد من المختصين.
عشية الحسم المرتقب بشدة من المجلس الدستوري، شهدت البلاد جولة جديدة من التعبئة الاجتماعية والشعبية ضد هذا الإصلاح المُثير للجدل، واندلعت مواجهات بين محتجين ورجال الشرطة، وبعض أعمال الشغب.
تزامن ذلك، مع إصدار قائد شرطة باريس أمراً بمنع أي مظاهرة بالقرب من مقر المجلس الدستوري الذي يفترض أن يصدر قراره مساء اليوم الجمعة بشأن إصلاح نظام التقاعد المتنازع عليه، وسيظل الحظر ساريَ المفعول حتى يوم السبت الساعة الثامنة صباحًا، باعتبار أن “هناك مخاطرة كبيرة من أن تتم تجمعات غير معلنة بالقرب من مقر المجلس الدستوري، ولا سيما بهدف الضغط على قراره”.
وكان وزير الداخلية جيرار دارمانان، قد طلب من قائد شرطة باريس في وقت سابق من هذا الخميس حظر المظاهرات حول المجلس الدستوري، وعليه تم إغلاق جميع المداخل المؤدية إلى مقر المجلس.
في غضون ذلك؛ أعلن الرئيس إيمانويل أنه سيقترح على ممثلي النقابات العمالية ”التبادل بروح الانسجام، وإرادة الانخراط في الاستمرارية” بعد القرار المنتظر من المجلس الدستوري بشأن إصلاح نظام التقاعد، مشددًا على أن “البلاد يجب أن تستمر في المضي قدمًا”.