أصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مرسوم إصلاح نظام التقاعد الذي ينصّ خصوصًا على رفع سنّ التقاعد إلى 64 عامًا، ونُشر في الجريدة الرسميّة السبت.
وفي وقتٍ سابق الجمعة، كان المجلس الدستوري قد صادق على إصلاح نظام التقاعد الذي لا يلقى شعبيّة، ولا سيّما على البند الأهمّ فيه والذي ينصّ على رفع سنّ التقاعد إلى 64 عامًا، ما أثار استياء المعارضة والنقابات التي تعهّدت الاستمرار في محاربة مشروعٍ بات رمزًا لولاية ماكرون الثانية.
وصادق الأعضاء التسعة في المجلس على الجزء الأهمّ في القانون، رافضين في الوقت ذاته عددًا من البنود الثانويّة من الإصلاح، كما رفضوا مشروع استفتاء يطالب به اليسار.
ويُفترض أن يُنهي القرار أزمة استمرّت أكثر من ثلاثة أشهر. لكنّ اتّحاد النقابات دعا في اجتماع مساء الجمعة، ماكرون إلى عدم تفعيل الإصلاح. إلّا أن مطلب الاتّحاد هذا لم يلقَ تجاوبًا.
وقالت رئيسة الحكومة إليزابيت بورن على تويتر “الليلة، لا يوجد فائز ولا خاسر”.
وكان ماكرون قد دعا النقابات، حتّى قبل قرار المجلس، للقائه الثلاثاء بهدف استئناف حوار متوقّف منذ ثلاثة أشهر.
غير أنّ النقابات أعلنت أنّها لن تلتقي السلطة التنفيذيّة قبل الأوّل من أيار/ مايو، يوم عيد العمّال والذي دعت إلى جعله “يوم تعبئة استثنائيًّا”.
كذلك، تعهّدت المعارضة مواصلة الكفاح ضدّ هذا النص.
وبعد إصدار المجلس الدستوري قراره، أعلنت الأحزاب الرئيسيّة في المعارضة أنّها مصمّمة على متابعة معركتها ضدّ مشروع قانون إصلاح نظام التقاعد، محذّرة خصوصًا من مخاطر العنف.
وقال زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون “الكفاح مستمرّ”، في وقتٍ أكّدت زعيمة اليمين المتطرّف مارين لوبن أنّ “المصير السياسي لإصلاح نظام التقاعد لم يُحسَم بعد”.
كذلك، دعا زعيم الحزب الشيوعي فابيان روسيل السلطة التنفيذيّة إلى “عدم تفعيل” قانون التقاعد الذي أقرّه المجلس الدستوري.
وقال “أخشى (حدوث) اضطرابات اجتماعيّة…”، وذلك بينما شهدت بعض التظاهرات ضدّ الإصلاح أعمال عنف، خصوصًا منذ تمرير القانون بلا تصويت في الجمعيّة الوطنيّة، عبر لجوء الحكومة إلى المادّة 49.3 من الدستور التي تسمح لها بذلك.
في المقابل، دعا زعيم اليمين التقليدي إريك سيوتي “كلّ القوى السياسيّة… إلى قبول” القرار، معتبرًا في الوقت ذاته أنّ “رفض بعض مواده يعاقب على أخطاء (في) أسلوب الحكومة”.
في هذه الأثناء، قابلَ مئات المتظاهرين في باريس هذا القرار باستهجان.
وقال جان بارلو وهو عاطل من العمل يبلغ 37 عامًا “سنُواصل بالطبع، سنوسّع التظاهرات، مع الاتّحاد العمّالي العام أو من دونه. الوقت سيكون في مصلحتنا. سيضطرّ ماكرون إلى التراجع”.
في ليل (شمال)، سار مئات المتظاهرين هاتفين “الشرطة في كلّ مكان، لا عدالة في أي مكان”. وقالت متظاهرة شابّة اشترطت عدم كشف اسمها “تمّت المصادقة عليه، هذه الليلة ستكون جنونيّة”.
كذلك، احتشد متظاهرون في كايين ورين (غرب) وفي ليون (وسط شرق) وفي مارسيليا (جنوب شرق) وتولوز (جنوب غرب).
في الأيّام الأخيرة، تراجعت حدّة الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ منتصف كانون الثاني/ يناير، خصوصًا الخميس الذي يُعدّ اليوم الثاني عشر من التعبئة.
غير أنّ الغضب لا يزال قويًّا، حتّى لو أملت السلطة التنفيذية، من خلال هذا القرار، في استئناف ولاية ماكرون الثانية مسارها، بعدما كانت أُعيقت بشكل كبير وسط التحرّكات المناهضة لإصلاح نظام التقاعد.
وقرارات المجلس غير قابلة للاستئناف.
وتعتمد فرنسا سنّ تقاعد من الأدنى في الدول الأوروبية.
وتبرّر السلطة التنفيذية مشروعها بالحاجة إلى معالجة التدهور المالي لصناديق التقاعد وشيخوخة السكان.